بسم الله الرحمن الرحيم
في سؤال توجهت به مجلة النور الصادرة في اليمن يقول: هل استخدام الضرب في التربية والتعليم سواء من الأبوين أو من المعلم أسلوب مجدٍ وذو فائدة، وهل هو من الضرورة بحيث لا يمكن الاستغناء عنه كما يُقال .. ؟
أم أن للضرب مردودات عكسية غير تلك المرجوة منه .. أفيدونا برأيكم ولكم خالص الشكر .. ؟
الجواب: الحمد لله وحده؛ والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد .
جواباً على سؤالكم عن الجدوى من استخدام الضرب مع الأطفال سواء من الأبوين أو من المعلم .. وهل للضرب انعكاسات سلبية على الطفل ؟
فإنني أفيد بما يلي :
إن مسألة استخدام وسيلة الضرب مع الأطفال قد كثر عليها الكلام ، وتضاربت فيها الآراء
وأكثرها بين الإفراط والتفريط ، حيث أن فريقاً يرى الضرب على الإطلاق ولأتفه الأسباب، وفريقاً آخر يمنع من ذلك على الإطلاق، والحق الذي أراه مطابقاً لشريعتنا الغراء يتمثل في الوسطية من غير جنوح إلى إفراط أو تفريط؛ وأعني من الوسطية التفصيل التالي :
1- الأصل في العملية التربوية التعليمية عدم اللجوء إلى الضرب، إلا في الحالات الشاذة المنحرفة التي لا تستجيب لوسائل التعزيز الأخرى التي هي دون الضرب .
يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ". وذلك بعد نفاد جميع الوسائل التي تُلزم الطفل ـ الذي طابق عشر سنين ـ بإقامة الصلاة والمحافظة عليها .
2- أن يكون الضرب ـ عند توفر دواعيه ـ غير مبرِّح، وإذا كان ذلك واجباً في حق النساء الكبيرات الناشذات عن الطاعة، فمن باب أولى أن يُراعى ذلك في حق الأطفال الصغار في السن .
3- اعتزال الوجه عند الضرب؛ لنهي الشارع عن ذلك ..
4- أن يكون الضرب بمقدار بحسب ما تقتضية المصلحة، وبالقدر الذي تُرجى منه الفائدة ، فإذا انعدمت الفائدة التربوية فالواجب والأولى الإمساك عن الضرب وإن توفرت دواعيه؛ لأن الضرب شُرع لغيره لا لذاته .
5- أن يُعرَّف الطفل بالأسباب التي دعت إلى ضربه، وأن يشعر أن هذا الضرب له ضرورة دعت الحاجة إليه كضرورة تناوله للدواء المر المذاق الذي يتبعه شفاء وليس لمجرد الانتقام والإذلال والقهر ..
6- عند غياب وجود المربي الذي يفقه هذا التفصيل المتقدم، يُلزم المربي بعدم الضرب؛ لأن الخطأ الناتج عن عدم الضرب أقل ضرراً من الخطأ أو الآثار الناتجة عن الإسراف في الضرب وإنزاله في غير منزله الصحيح؛ فالذي يضع عقوبة الضرب في غير موضعها كالطبيب الجاهل الذي يجري عملية جراحية لمريض في غير موضعها الصحيح !
وبعد هذا التفصيل المتقدم فإنني أجد نفسي ملزماً للتحذير من الإسراف في العقوبات التعسفية الجماعية ـ ومنها الضرب ـ التي يستشف منها حب التسلط والانتقام والإذلال والقهر، العقوبات المزاجية التي لا تخضع لأي دراسة نفسية تربوية تراعي تقدير المصالح والمفاسد .. ومثل هذا السلوك الخاطئ للقائمين على العملية التربوية التعليمية لا شك أنه يخلق جيلاً مقهوراً، ذليلاً، جباناً سلبياً ليس على مستوى التغيير الذي تنشده أمتنا في زماننا المعاصر .
15/7/1417 هـ. عبد المنعم مصطفى حليمة
25/11/1996 م. أبو بصير