بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فإن منظر الصحة والعافية يؤذي العليل المريض ـ إلا من رحم الله ـ ؛ إذ يُذكره بمرضه وعلله وأسقامه .. وبفضل الصحيح المعافى عليه .. حتى أنه يتمنى أن يكون جميع من حوله مرضى مثله يُعانون ما يُعاني ليعيشوا حياته، ويشعروا بشعوره!
كذلك منظر الحشمة والعفة والطهر فإنه يؤذي أهل الفحش والفسوق والفجور والتحلل؛ إذ يُذكرهم بقبحهم .. وبهيميتهم .. وانحطاطهم، وسخف ما هم عليه .. وبفضل واستعلاء أهل الحشمة والعفة والطهر عليهم .. لذا تراهم يحرصون أشد الحرص على أطر أهل الحشمة والعفة والطهر إلى دائرتهم الأخلاقية النتنة الآسنة الفاجرة؛ ليستووا معهم في الانحطاط والتحلل، والبهيمية .. ويكونون في ذلك سواء!
من قبل ساء العلمانيون من قوم لوط طهر لوط عليه الصلاة والسلام ومن آمن معه، وإنكاره عليهم إتيانهم المنكرات والفواحش .. والرجال شهوة من دون النساء .. فما كان جوابهم عليه وعلى دعوته ونصيحته لهم إلا بالطرد والإخراج من قريتهم ومجتمعاتهم، متعللين بأنه ومن معه من المؤمنين يتطهرون ولا يقترفون الفواحش والمنكرات، وهذا يُسبب لهم الأذى والحرج الشديدين، كما قال تعالى عنهم في سورة الأعراف:) وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ . إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ . وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (الأعراف:80-82.
وفي سورة النمل:) وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ . أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (النمل:54-56.
وفي سورة الشعراء:) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ . قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (الشعراء:167-168. أي إني لعملكم من المبغضين الكارهين.
هكذا هي عقوبة الطهر وأهله .. عند أهل الفجور والفحش والتحلل .. وهذا هو حكمهم فيهم .. فهي قضية لا تقبل عندهم التهاون ولا التفاوض ) أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ( فجرمهم الذي أتوه وتجرءوا عليه هو الطهر .. والعِفَّة .. وياله من جرمٍ عظيم عند المتحللين الفاسقين!
وهاهم اليوم .. العلمانيون اللوطيون المعاصرون يتنادون في نواديهم ومجالسهم وبرلماناتهم .. سراً وعلانية .. ليجددوا رغبة وطلب قوم لوط الأوائل .. على لسان كبيرهم الأفاك " جاك شيراك " وليقولوا بكل وقاحة ووضوح: أخرجوا المحجبات المسلمات من مدارسكم وجامعاتكم .. أخرجوهن من العمل في جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية .. لا مكان لهن بيننا .. إنهن نساء يتطهرن .. ويتحجبن .. ولا يتعرين .. وإنهنّ بذلك يؤذيننا!
الحجاب يثير معانٍ عدوانية إرهابية في نفوسنا .. ويذكرنا بالحشمة والطهر والعفة .. يذكرنا بالإيمان والاستقامة .. وهذا مالا نطيقه ولا نحبه ولا نرضاه .. ولا نسمح به في نظامنا العلماني اللوطي!
وهذا الذي فعله ويفعله العلماني اللوطي " جاك شيراك " يفعله كثير من الطواغيت اللوطيين في بلاد المسلمين ـ بصور مختلفة ومتفاوتة ـ ممن تتلمذوا في مدارس " شيراك " العلمانية .. وتربوا في محاضن العلمانية اللوطية على محاربة الفضيلة .. والعفة .. والخلق .. والحجاب .. وما يجري في تونس على يد طاغوتها الكافر الظالم " شين العابدين " .. وفي سورية .. وتركيا .. ومصر .. وليبيا .. والجزائر .. وغيرها من البلدان .. عن مسامعنا ببعيد!
إنها السنن؛ سنن العلمانية اللوطية تعيد بعضها البعض .. وتجدد بعضها وسيرتها الآسنة من جديد!
هذه الحرب الشعواء الظالمة ـ القديمة الحديثة ـ على الحجاب والمتحجبات .. لا يمكن أن نفسرها سوى أنها حرب عنصرية حاقدة كافرة على الطهر والعفة والأخلاق .. وعلى الإسلام والمسلمين!
هذه الحرب الشعواء الظالمة ـ القديمة الحديثة ـ على الحجاب والمتحجبات .. لا يمكن أن نفسرها سوى أنها ابتزاز رخيص لعفة وجسد المرأة .. وفي أبشع صور الإجبار والإكراه .. من أجل تدمير وإفساد وتحلل أخلاق الشعوب والأمم!
أعجب لهؤلاء العلمانيين اللوطيين .. إذ يزعمون أنهم من دعاة الحرية .. والحرية الشخصية .. ثم هم يمنعون المرأة ـ بصورة خسيسة ابتزازية ـ من أن ترتدي الثياب التي تشاء أو تستر شعر رأسها!
في دينهم ـ دين العلمانية اللوطية ـ للمرأة أن تتعرى كيفما تشاء؛ حتى لو أرادت أن تخرج من بيتها عارية تماماً كما ولدتها أمها .. فلا حرج ولا ضير .. لأن ذلك يخدم أهـداف
ومخططات العلمانية اللوطية .. بل الحرج كل الحرج على من ينكر عليها حريتها هذه .. بينما لا حرية لها في أن ترتدي الحجاب .. والثياب التي تشاء؟!!
في دينهم ـ دين العلمانية اللوطية ـ تجد كامل الحرية لمطلق الشذوذ الجنسي والأخلاقي .. لأن ذلك يخدم أهداف ومخططات العلمانية اللوطية الإباحية الحاكمة والمتنفذة في غالب الأمصار .. بينما لا يُسمح للمرأة أن تضع على رأسها ما يستر شعرها؛ وكأن شعرها ليس ملكاً لها، وإنما هو ملك للعلمانيين اللوطيين!!
ومما يُعجب له كذلك هذا الصمت المخيف لعلماء الإسلام ـ إلا من رحم الله وهم قليل ـ تجاه ما يُحاك من مؤامرات ضد المرأة المسلمة .. وضد حجابها وحشمتها وأخلاقها .. على يد راعي العلمانية اللوطية " جاك شيراك " وعملائه وتلامذته؟!
ثم ليتهم اكتفوا بالصمت لهان الخطب .. وخف المصاب .. فهاهو كبير المنافقين .. شيخ السوء والضلالة " شيخ الأزهر " الطنطاوي يُصرح بملء فيه:" إن فرض حظر على ارتداء الحجاب في مدارس فرنسا شأن داخلي، لا يحق لأحد التدخل فيه .. لا اعتراض لنا إذا أصدرت فرنسا قانوناً كهذا .. من حق كل دولة أن تصدر من القوانين ما يُناسبها "ا- هـ.
فبدلاً من أن يقول كلاماً ينصر فيه الحق وأهله .. ويُعين فيه المسلمات المحجبات على ما يواجهنه من تحدٍّ وحرب ضروس من قبل العلمانيين اللوطيين .. يقول كلاماً يعين فيه العلمانيين اللوطيين على المسلمات المؤمنات الطاهرات المحجبات .. ويعد هذا الظلم والعدوان على الدين .. وحقوق النساء المسلمات .. حقاً من حقوق أي دولة .. وهو دليل على سيادتها .. وبالتالي لا يُحق لأحد أن يتدخل في سياستها فينتقد أو يُعارض شيئاً من قوانينها؟!!
ولا ندري لو سن غداً العلمانيون اللوطيون في فرنسا أو غيرها من الدول قانوناً ينص على ضرورة إبادة المسلمين وقتلهم .. ماذا سيقول شيخ السوء والتملق " الطنطاوي " .. هل تراه سيقول هذا شأن داخلي .. وقانون داخلي .. لا دخل للمسلمين به .. لازم قوله أنه سيقول ذلك ولا بد؟!!
أهكذا يكون ـ يا شيخ الأزهر! ـ العمل بعقيدة الولاء والبراء .. وبعقيدة أخوة الإيمان والإسلام بين جميع المسلمين على اختلاف أمصارهم وأجناسهم ولغاتهم، وألوانهم ..؟!!
لماذا هم يتدخلون بكل شاردة وواردة مما يخص شؤون المسلمين في بلادهم وأمصارهم .. ويغزون البلاد؛ فيقتلون ما شاءوا .. ويأسرون ما شاءوا ومن شاءوا من أبناء المسلمين .. ثم نحن المسلمين لا يحق لنا أن نتدخل ـ ولو بكلمة اعتراض أو شكوى ـ فيما يعني المسلمين ويخصهم .. وما يُعانون منه في أمصارهم وأماكن وجودهم من العالَم؟!!
لماذا هم يعقبون على أحكام وقوانين الله تعالى .. ويصفونها بالتخلف والإجرام .. وأنها تتنافى مع حقوق الإنسان .. ويعدون ذلك من حقهم الذي تتكفله لهم ديمقراطيتهم المعمول بها في بلادهم .. ثم نحن المسلمين لا يجوز لنا أن نعترض على ظلم قوانينهم الوضعية العنصرية .. ولو بكلمة اعتراض واحدة؟!!
أيكون قانونهم الوضعي الكافر ـ عندك يا شيخ الأزهر! ـ أعز وأكرم من قانون الله تعالى ومن حكمه .. وشرعه؟!!
ثم ترى ـ يا شيخ الأزهر! ـ أن من حق أي دولة أن تصدر وتشرع القوانين التي تشاء، مهما كانت هذه القوانين تتضمن الكفر البواح والحرب على الله وعلى دينه وأوليائه .. ومن دون أن يُعترض عليها في شيء .. لأن هذا من تمام السيادة التي ينبغي أن تتحلى بها الدول؟!!
ألهذا الحد ـ يا شيخ الأزهر! ـ هان عليك حكم الله تعالى وقانونه .. وعظمت عندك قوانين الكفر والإلحاد؟!!
ما أراك ـ يا شيخ الأزهر! ـ إلا أنك قد قلت كلمة الكفر .. وكفرت بعد إسلامك .. كما قال تعالى:) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ (، فسارع البدار إلى التوبة والاستغفار ـ علانية كما قلت كلمة الكفر علانية ـ قبل أن تأتيك منيتك .. ويقع الندم ولات حين مندم[[1]].
أما أنتِ أيتها الأخت المسلمة المحجبة .. أينما كنت .. فاعلمي أنك على ثغرة عظيمة من ثغور الإسلام .. فاحرصي أن لا يُؤتى الإسلام ولا المسلمون .. من قِبَلِك.
جهادك أن تلتزمي حُكم الله تعالى في نفسك وسلوكك وأخلاقك .. وأن تتمسكي بحجابك، وعفتك، وطُهرك .. وتتباهين ـ غير آيبة ولا خجلة ـ بذلك.
صلاح البلاد والعباد بصلاحك .. وفساد البلاد والعباد بفسادك .. لذا ترين شياطين الأنس والجن حريصين أشد الحرص على إفسادك وإغوائك .. فحذاري ثم حذاري أن تصغي
إليهم وإلى وساوسهم .. فتهلكين .. وتكونين سبباً في هلاك وفساد البلاد والعباد .. وأنت تدرين أو لا تدرين!
أعلم أن الأرض قد ضاقت على كثير من المؤمنين والمؤمنات بما رحبت .. ولكن لا أرى الحرص على المدرسة .. ولا العمل في دوائر ومؤسسات العلمانيين اللوطيين سبباً ومبرراً يُسوِّغ لكِ خلع الحجاب .. وإظهار سوآتك للناس!
لا تغرنّكِ فتاوى بعض جهلة علماء السوء والفتنة .. الذين يرخصون لك خلع الحجاب .. ويُهونونه عليك .. تحت ذرائع ما أنزل الله بها من سلطان .. واعلمي أن أي فتوى تُحلُّ لك خلع حجابك للسبب الذي تقدم ذكره .. فهي فتوى شيطانية .. وراءها شيطان .. فاحذريها وحذِّري منها، كما قال تعالى:) يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (الأعراف:27.
حسّني الظنَّ بالله وصدِّقي بقوله تعالى:) وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (. وقوله تعالى:) وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (.
واعلمي أن الأمر قريب .. وأن الفوزَ صبرُ ساعة .. وأن الملتقى آتٍ .. وأن الموقف عصيب وعسير .. إلا من سهله الله عليه) يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (. ) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (.
والحمد لله رب العالمين
24/10/1424 هـ. عبد المنعم مصطفى حليمة
18/12/2003 م. أبو بصير الطرطوسي
[1] أُكفِّرُ الرجلَ لعدة أسباب: منها لقوله الوارد أعلاه، ومنها:لقوله المتكرر وفي أكثر من موضع ومقال ومناسبة:" المصريون جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات، ولا فرق بين مسلم ومسيحي "؛ فغيب وألغى بذلك عقيدة الولاء والبراء في الإسلام .. ومنها، لدخوله الصريح في موالاة ونصرة الطاغوت الحاكم ونظامه في مصر .. فهو ركن من أركانه، والله تعالى يقول:) وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (.
حكمي هذا ـ لأسباب عدة لا تخفى حكمتها ـ قد كتمته في نفسي .. ومنذ زمن .. ونحن نقول: عسى الرجل .. ولعله .. وربما .. وقد .. وحتى لا يُقال .. إلى أن جرأنا بقوله أعلاه على بيان اعتقادنا فيه، وبيان الحكم الشرعي الذي يستحقه .. ليحذره الناس.