recent
آخر المشاركات

حوارٌ بين جورج بوش وحسني مبارك


بسم الله الرحمن الرحيم
          لأمر هام ومستعجل يُهاتف حسني مبارك جورج بوش: سيدي أريد زيارتك لأمر هام ومستعجل ..!
          جورج بوش: ما الأمر ..؟
          حسني: موضوع هام لا يُمكن بحثه عن طريق الهاتف .. فهو يستحق الزيارة إلى فخامتكم .. واللقاء بكم .. لو سمح وقتكم بذلك!
          بوش: ألا يُمكن تأجيل ذلك لأسبوع ..؟
          حسني: لا يا سيدي .. فهو أمر هام ومستعجل .. لا يقبل التأجيل أو التأخير!  

          بوش: اعطني رؤوس أقلام موجزة عن الموضوع ..!
          حسني: أمر يتعلق بالإرهاب والإرهابيين .. وبأمن أمريكا .. وأمن المنطقة كلها!
          بوش: ماذا تقول .. إرهاب .. وأمن أمريكا .. إذاً الموضوع خطير جداً جداً .. غداً أنا ومستشاري في مكافحة الإرهاب بانتظارك!
          في اليوم التالي من المكالمة الهاتفية يقوم حسني مبارك على وجه السرعة بالطيران إلى البيت الأبيض في واشنطن .. ليلتقي بالرئيس الأمريكي جورج بوش.
          بوش: مرحباً بصديق أمريكا الوفي والقديم ..!
حسني: مرحباً يا فندم .. معذرة لهذه الزيارة الطارئة .. فأنا لم أقم بهذه الزيارة إلا من أجل أمريكا .. ومن أجل السلام .. وأمن دولة إسرائيل .. فالأمر عندي لا يحتمل التأخير!
 بوش: لقد أقلقتنا .. ما هي الأخبار عندكم .. وما هو الجديد؟!
حسني: أولاً يا سيدي .. أنا مندوب جميع حكام العرب إليكم .. فهذا الذي أقوله لك .. هو إجماع عربي .. لم يتخلف عنه أحد!
بوش: جيد .. هات ما عندك! 
حسني: لقد سمعنا يا سيدي أنكم ـ ومعكم الدول الأوربية ـ تريدون أن تعملوا ديمقراطية في بلادنا .. وحريات .. وإصلاحات .. وتقللوا من ضغط الحكام على شعوبهم .. وتقلصوا من صلاحياتهم؟!
بوش: اسمع يا حسني .. لنا أكثر من ثلاثين سنة ندعمكم .. وندعم الأنظمة الديكتاتورية القمعية التي تظلم وتضطهد شعوبها .. وتدوسهم بالأقدام والدبابات .. ولكن هذه السياسة ـ كما يقول لي خبرائي ـ جلبت لنا نتائج عكسية .. أوجدت جيلاً من الإرهابيين الناقمين على كل شيء .. وقد نالنا منهم ومن شرهم ما قد علمتم .. لذا أردنا أن نمنح هذه الشعوب قليلاً من الديمقراطية والحريات .. من قبيل مكافحة الإرهاب .. والتقليل من ظاهرة الاحتقان إلى درجة الانفجار في المجتمع العربي .. والتي قد لا تُحمد عقباها!
حسني: يا سيدي .. هذا الشعب .. نحن نعرفه .. وقد خبرناه وجربناه لعدة عقود .. فهو شعب لا تنفع معه الديمقراطية ولا الحرية .. ولا الإصلاح .. فشعوبنا تعودت على الكبت والقهر .. والأحكام العرفية .. وقانون الطوارئ .. والدّوس على رؤوسهم بالأحذية والأقدام .. ونحن لو لم نفعل ذلك .. لما استطعنا السيطرة على الوضع .. ولما استتب لنا ولحكمنا الأمر!
شعبي في مصر مثلاً .. أنا حكمته وخبرته .. وأنا أعرفه جيداً منذ عقود .. فهو " كالزمبرك " يحتاج إلى ضغط دائم .. وإلى من يدوس عليه .. فإذا رُفع عنه الضغط شبَّ في وجهك .. وانتفض .. والشعوب العربية الأخرى لا تختلف عنه كثيراً! 
بوش: لكن لا بد من قليل من الحريات .. والعمل على تأمين قليل من فرص العمل والازدهار .. لاحتواء المشاعر .. وكتنفيس لاحتقان الشعوب وغضبها .. فالشعوب التي نحكمها اليوم .. لم تعد تلك الشعوب المغفلة .. التي كنا نحكمها قبل عقود .. وهذه ظاهرة خطيرة لا بد من احتوائها بشيء من السياسة والدهاء .. وقليل من الحريات!
يا حسني .. من قبل كان لا يوجد إلا صوت الحاكم .. وإذاعة الحاكم .. وجريدة الحاكم .. واليوم توجد أصوات عدة .. وقنوات عدة .. وجرائد ومجلات عدة .. تصدر من دول عدة .. وكمبيوتر .. وإنترنت .. وغير ذلك من وسائل الاتصال التي فقدنا السيطرة عليها .. وهذا لا بد للساسة من اعتباره وأخذه بالحسبان وهم يتعاملون مع شعوبهم!
حسني: لكن يا سيدي .. نحن مشكلتنا الكبرى .. ليست الشعوب .. ولا حرياتها .. ولا كرامتها .. ولا حقوقها .. ولا لقمة عيشها!
بوش: ما هي إذاً ..؟
حسني: مشكلتنا هي الإرهاب .. والإرهاب الدولي والعالمي .. كيف نواجهه ونحاربه .. ونستأصله من الوجود .. ونجفف ينابيع دعمه!
بوش: صدقت .. ولكن هذا لا يمنع من أن نمنَّ على الشعوب المقهورة بقليل من ثرواتها .. وبهامش صغير من الحريات .. كما ذكرت لك!
حسني: كن على يقين يا سيدي .. أن هذا الهامش من الحريات الذي تذكره .. سيزيد من عدد الإرهابيين .. وسيوجد لهم متنفساً .. وإذا كان عندنا اليوم ابن لادن واحد .. فغداً ـ بسبب هذا الهامش البسيط من الحريات الذي تذكره ـ قد نُبتلى بألف واحد من أمثال ابن لادن .. وحينئذٍ سنكون جميعنا في ورطة كبيرة .. وسنندم على هذه الحرية التي قدمناها لشعوبنا .. ولات حين مندم!
وأنا ما أتيت إلى هنا إلا لأحذرك من هذا .. وهذه رسالة جميع حكام العرب إليكم من خلفي!
بوش: لا .. لا .. لا أوافقك .. أعلم أن نيتك طيبة .. وما حملك على هذا الكلام إلا الغيرة على أمريكا ومصالح أمريكا .. ومع ذلك فأنا أختلف معك!
حسني: عفواً يا سيدي .. أنا ما أردت إلا النصح والصالح العام .. واستئصال الإرهاب والإرهابيين .. فأين وجه الخلاف؟!
بوش: أنتم في مصر لكم تاريخ عريق في قمع الشعوب .. وكبت الحريات .. وسجونكم فيها عشرات الآلاف من سجناء الرأي .. ومع ذلك فالإرهابيون في تنامٍ وازدياد .. وقد صدَّرتم لنا الظواهري .. وغيره من الإرهابيين .. ليقاتلوننا في عقر دارنا ..!
فكيف تريدنا أن نقتنع بجدوى سياستك .. وسياسة من تتكلم بالنيابة عنهم من حكام العرب .. ومجتمعاتكم ـ بسبب سياستكم القمعية ـ تصدر لنا الإرهابيين ..؟!
حسني: يا سيدي .. لو لم نفعل ذلك .. ولو لم نحكم بلادنا بقوانين الطوارئ .. ونملئ السجون بمن ذكرتهم ووصفتهم بسجناء الرأي .. لتحولت بلادنا إلى دول إسلامية .. ولأصبحت مصر مثل دولة طالبان في أفغانستان .. وهذا ما لا أسمح به أبداً .. ولا أتهاون فيه .. ولو أدى ذلك إلى أن أبيد شعب مصر بكامله عن الوجود .. أو أزج به في السجون!
بوش: كلامك وجيه .. وهو يستحق الدراسة من قبل مستشاري في البيت الأبيض .. وأنا ابتداء أوافقك الرأي بأن الأنظمة الديكتاتورية القمعية .. خير لنا ولمصالح بلادنا من النظام الإسلامي الأصولي .. فأنا فعلاً لا أريد أن تتكرر ظاهرة دولة الطالبان!
المهم بالنسبة لنا ـ يا حسني ـ أن تحافظوا على مصالحنا في المنطقة .. وأن لا تُصدروا لنا الإرهاب والإرهابيين .. وأن يبقى صراعكم مع الإرهابيين داخل بلادكم .. بعد ذلك لا نبالي بطبيعة النظام الذي يحكم شعوبكم .. ولا بحقوق الإنسان ولا غيرها .. هذه قضية يجب أن تفهمها .. ويفهمها حكام العرب الذين انتدبوك إلي!
حسني: نحن نفهم ذلك جيداً يا سيدي .. وإخواني من حكام العرب يفهمون ذلك جيداً .. وهم يعون أن وجودهم في الحكم مرهون بمدى محاربتهم للإرهاب والإرهابيين .. وبمدى دخولهم في المنظومة الدولية وتعاونهم معها في مكافحة الإرهاب .. والأصولية الإسلامية المتشددة
التي تفرّخ الإرهابيين .. وبمدى حراستهم لمصالحكم في المنطقة! 
وأنا شخصياً ما أتيت إلى هنا إلا لكي أثبت لكم حرصنا على ذلك .. ولكي أجدد لكم الولاء والوفاء والبيعة على السمع والطاعة .. فنحن لولاكم ولولا دعمكم المستمر لنا لما كنا ولا حكمنا ..!
فنحن حلفاء .. وحلفنا متين .. يجب أن نكون جبهة متماسكة واحدة في محاربة الإرهاب والأصولية المتشددة .. وشعوبنا مهما حاولت فهي لا تستطيع أن تنال من تحالفنا وتعاوننا الاستراتيجي هذا!
بوش: يسرنا ـ يا حسني ـ أن نسمع منكم هذه الكلمات .. لكن أنا يهمني العمل أكثر من الكلام!
حسني: طبعاً طبعاً يا سيدي .. فأنا عندي في سجوني أكثر من ستين ألف متطرف وإرهابي .. أسومهم سوء الذل والعذاب .. ولكي أثبت لكم أنني عملي وجاد في مكافحة الإرهاب والإرهابيين .. فأنا على استعداد أن أسجن من شعب مصر أضعاف أضعاف هذا العدد ..!
بوش: هذا شأن داخلي لا نود التدخل به ..!
حسني: ولكن حتى نتمكن من محاربة الإرهاب والأصوليين بصورة فاعلة كما هو مطلوب ومنشود .. وكما تريدون .. نود منكم كذلك ـ يا سيدي ـ أن تُطالبوا شركاءكم من الدول الأوربية بأن يخففوا من الضغط علينا .. ومن مطالبتنا بضرورة الإصلاح .. واحترام حقوق الإنسان .. وغير ذلك من الأمور التي تثير الشعوب علينا .. أصل هذه الدول حساسة زيادة عن اللزوم .. وهي لا تعرف طبيعة شعوبنا .. وكم نكابد حتى نسيطر عليها!
بوش: الدول الأوربية دول صديقة .. متفهمة للأمر .. فهي حريصة على ما نحن حريصين عليه .. وسوف أحاول أن أشرح لهم الأمر! 
حسني: كذلك يا سيدي .. مما يستدعي أن نحافظ على سياستنا القمعية الحالية في التعامل مع شعوبنا .. هو ضرورة الحفاظ على أمن وسلامة دولة إسرائيل .. لأن الحريات .. ورفع الحذاء عن رؤوس الشعوب .. يعني زوالنا وزوال حكمنا ونظامنا الذي يحرص على السلام مع إسرائيل .. وعلى حماية دولتها وحدودها من الإرهابيين .. واستبداله بحاكم .. وربما نظام إسلامي لا يبالي بأمن ولا سلامة إسرائيل .. وينسف كل ما بنيناه من جهود نحو السلام الواعد في الشرق الأوسط خلال السنوات المنصرمة!
يجب أن تفهوا .. وتفهم الدول الأوربية كذلك .. أن من لوازم بقاء دولة إسرائيل والحفاظ عليها .. بقاؤنا وبقاء حكمنا .. وأن زوالنا وزوال حكمنا من لوازمه ولا بد زوال دولة إسرائيل .. هذه حقيقة مسلمة وقاعدة مطردة .. ينبغي أن لا تغيب عن أذهان أولئك الذين يُطالبوننا بالإصلاح .. وبالحريات .. وبحقوق الإنسان!
بوش: أمن دولة إسرائيل .. والحفاظ على تفوقها العسكري والاقتصادي .. مسؤولية أمريكية متفق عليها بين جميع الأحزاب والاتجاهات الأمريكية .. لا يمكننا التفريط بها .. كما أننا لا نسمح لأحد أياً كان أن ينال من أمن ووجود هذه الدولة العزيزة!
ومن جملة الأسباب التي تحملنا على السكوت عن الأنظمة القمعية الديكتاتورية في المنطقة .. تعهدها بحماية وحراسة حدود ودولة إسرائيل .. وأيما دولة نلمس منها تقصيراً نحو ذلك فحكمها عندنا الزوال .. كما فعلنا بالعراق وحكامها تماماً! 
حسني: لأجل ذلك يا سيدي نطالبكم بتعجيل عملية السلام بين الدولة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية .. ولو سلاماً صورياً شكلياً نخدع به الشعوب .. لأن الشعوب العربية في مجتمعاتنا ساخطة جداً .. وناقمة على الوضع الحالي .. وإني لأخشى أن يأتي اليوم الذي نفقد فيه السيطرة عليها .. فيقع حينئذٍ المحظور الذي نخشاه جميعنا!
بوش: إسرائيل دولة سلام .. ولكن الآخرين لا يريدون السلام معها .. ولا يسعون له مسعاه!
حسني: يا سيدي أرجو أن تفهمني .. أنا لست حريصاً على حقوق الشعب الفلسطيني .. الشعب الفلسطيني يروح في داهية .. فهو لا يهمني .. وإنما يهمني مكافحة الإرهاب والإرهابيين كما ذكرت لكم مراراً!
بوش: وما علاقة القضية الفلسطينية .. والشعب الفلسطيني .. وعملية السلام .. بالإرهاب والإرهابيين؟! 
حسني: لها كل العلاقة ..!
بوش: كيف ..؟!
حسني: لها علاقة من وجهين:
أولهما: بقاء القضية الفلسطينية على ما هي عليه الآن مسوغ لوجود الإرهابيين .. ولأعمالهم الإرهابية الانتقامية .. وهي مبرر ـ عند كثير من الناس ـ لما يقوم به ابن لادن وغيره من الإرهابيين من أعمال إرهابية!
ولو الطال الحال على ما هو عليه الآن .. لأصبحنا أمام ظاهرة آلاف الأشخاص مثل ابن لادن .. بدلاً من ابن لادن واحد .. وهذا الذي نخشاه!
ثانياً: أن القضية الفلسطينية لها قدسيتها وبعدها الكبير في نفوس المسلمين .. لذا فهم
يلتفون حول من يرون فيه غيرة على فلسطين .. وحرصاً على تحرير فلسطين .. وهذا معناه أن نفوذ الإسلاميين الأصوليين الإرهابيين قد يتوسع .. ليشمل العدد الأكبر من الشعوب والأنصار .. وحينئذٍ تتسع دائرة الخطر .. والإرهاب ونفوذه .. ويصعب علينا معالجة الأمر .. أو بالأحرى ستكلفنا معالجته ومواجهته الكثير من التضحيات!
          إضافة إلى ذلك يا سيدي .. فإن بقاء القضية الفلسطينية على ما هي عليه الآن .. مع ما تقوم به الدولة الإسرائيلية من قمع واغتيال للشعب الفلسطيني وقياداته .. يحرجنا ـ نحن حكام العرب ـ كثيراً، ويظهرنا أمام الشعوب على أننا عملاء وخونة .. وجبناء .. وهذا أمر لا شك أنه يُضعفنا على المدى البعيد .. ويكشفنا على حقيقتنا .. وهو ليس لصالحنا .. ولا لصالحكم .. ولا لصالح أمن وسلامة دولة إسرائيل!
          بوش: حقاً يا حسني .. أنت رجل داهية .. وتستحق أن تكون صديق أمريكا الأول .. ومن المقربين إلى ساساتها وحكامها!
          أفصح أكثر ما الذي تريده ..؟!
          حسني: الذي أريده يا سيدي ـ بما لكم من نفوذ ـ أن تضغطوا على الدولة الإسرائيلية .. لتقوم بأي عملية سلام .. ولو سلاماً صورياً .. المهم أن تنهي هذا الصراع المشؤوم .. ونقطع الطريق على الإرهابيين والأصوليين!
          بوش: سأحاول .. ولكن لا أستطيع أن أضغط على الدولة العبرية كثيراً .. فهي لها مصالحها التي ينبغي مراعاتها واعتبارها .. وهي ـ كدولة ديمقراطية وحيدة في المنطقة ـ نحترم إرادتها واختيارها!
          حسني: رجاء يا سيدي .. حاولوا جهدكم .. فالقضاء على ظاهرة الإرهاب والإرهابيين .. والأصولية الإسلامية .. مرهون بحل القضية الفلسطينية .. ولو بأي طريقة كانت .. هذه حقيقة يجب على المجتمع الدولي أن يدركها ويفهمها!
          بوش: شكراً ـ لك يا حسني ـ على نصيحتك، وعلى إخلاصك ..!
          حسني: هذا واجب يا فندم .. ولا شكر على واجب!
         
          3/3/1425 هـ.                             عبد المنعم مصطفى حليمة
          22/4/2004 م.                                أبو بصير الطرطوسي
 
         
google-playkhamsatmostaqltradent