بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد ترددت كثيراً في كتابة هذه الكلمات .. وكنت أحسب ما كتبته في مقالي " الموقف من صدام حسين والحكم عليه " والمؤرخ بتاريخ 17/10/1427 هـ/ 8/11/2006م، كافياً وحاسماً للمسألة .. ولكن لما رأيت بعض دعاة الفضائيات وغيرهم ـ لغرض في نفوسهم ـ قد ترجلوا على الأموات ـ وتركوا الأحياء ـ ليتألُّوا على الله .. ويحجِّروا رحمة الله على عباده .. ويحيلوا بين توبة العباد وربهم .. وكأن الأمر لهم وبيدهم، والله تعالى يقول لسيد الخلق صلوات ربي وسلامه عليه:) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (آل عمران:128. فكيف بهؤلاء المتألين على الله.
وبعضهم من حكم على صدام حسين بالكفر .. ولم يرض منه حسن خاتمته .. وفي نفس الوقت تورع عن الكلام عن توبته .. وهل تُقبل منه أم لا .. وفات هؤلاء أن الحكم على معينٍ بالكفر .. والقول بموته على الكفر .. يمنع من الحديث عن التوبة؛ إذ لا يجوز إقحام التوبة والحديث عنها في مورد الجزم على معين بأنه مات على الكفر البواح .. وهو من التناقض الذي لا يقبله نقل ولا عقل!
وبعضهم من وقف بين المنزلتين كضلال المعتزلة .. فلم يحكم للرجل بكفر ولا إسلام .. وهذا لعمر الحق عين الضلال الذي لا يخفى على صغار المسلمين .. وما حمل هؤلاء على التوقف إلا رغبة منهم في مرضاة ومجاملة الفريقين معاً؛ الذين يرون إسلامه والذين يرون خلاف ذلك!
وبعضهم من استخف بالرجل وصغَّره وحقَّره .. وذكر أنه لا يستحق الذكر أو الاهتمام .. وفي نفس الوقت يؤكد أن إعدام الرجل له بُعد سياسي طائفي .. وصليبي .. يمس دين وكرامة وعزة الأمة .. فيحتار العقل في التوفيق بين أول كلامه وآخره!
وبعضهم من تكلف الورع والتقوى .. ودعا المسلمين ـ عملاً بالسنة ـ بأن يذكروا محاسن موتاهم .. ويُمسكوا عن الخوض فيما كان منهم من ظلم وعملٍ سيء .. ثم هو في نفس الوقت .. لم يدع شاردة ولا واردة عن الرجل مما يُسيئه .. إلا وكشفه ونبشه .. ونشره .. فكيف نوفق بين أول كلامه وآخره!
وبعضهم من حاول أن يشق عن بطن وباطن الرجل .. ويجزم بأنه قال الشهادة قبل إعدامه نفاقاً .. وفات هؤلاء أن الأحكام تُبنى على الظاهر .. كما فاتهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة لما طعن الرجل فقتله بعد أن قال لا إله إلا الله ـ اعتقاداً وظناً منه أنه قالها فرقاً وخوفاً من السلاح ـ فقال له صلى الله عليه وسلم:" أشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا .."؟!
قال أسامة: يا رسول الله استغفر لي، قال صلى الله عليه وسلم:" كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة "؟! قال: فجعل لا يزيد على أن يقول:" كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة "؟! متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم "مسلم.
قال ابن تيمية رحمه الله في الصارم: ولا خلاف بين المسلمين أن الحربي إذا أسلم عند رؤية السيف وهو مُطلَق أو مُقيد يصح إسلامه، وتُقبل توبته من الكفر، وإن كانت دلالة الحال تقتضي أن باطنه خلاف ظاهره ا- هـ. وذلك لأن الأحكام في الدنيا تُبنى على الظاهر .. والله تعالى يوم القيامة يتولى الظاهر والسرائر.
وبعضهم من خلط بين الحديث عن ماضي الرجل .. وبين الحكم عليه وعلى خاتمته ـ موطن الخلاف ـ هل مات مسلماً أم مات كافراً .. وعدَّ الحكم على الرجل بالإسلام بمثابة من يرضى تاريخ الرجل .. وما يُنسب إليه من مظالم .. وهدد مخالفه وخوفه ـ إن لم يتراجع ـ بأن الله سيحشره معه حاملاً عليه الحديث" يُحشر المرء مع من أحب " .. وهذا عين الجهل والظلم .. وعين التألي على الله .. فهؤلاء لم يميزوا بين العدل والإنصاف الذي أمرنا به ربنا U في قوله:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (المائدة:8. وبين حب المرء لشخصٍ معين لما يُنسب إليه من خصال وصفات ـ سواء كانت حميدة أم مذمومة ـ والتي عليه يُحمل قوله صلى الله عليه وسلم:" يُحشر المرء مع من أحب ". نسأل الله تعالى أن يحشرنا مع نبيه وأصحابه، والصدّيقين والشهداء .. اللهم آمين.
كذلك فات هؤلاء الذين يستشرفون الدعوة والتوقيع عن الله ـ بغير علم ـ أن المسلم يمكن أن تجتمع فيه الخصال التي يُحَب ويوالى لأجلها .. والخصال التي يُبغض ويُجافى لأجلها .. وفي آنٍ واحد .. هذا الاعتقاد والإنصاف من أبرز ما يميز أهل السنة والجماعة عن غيرهم وبخاصة الخوارج الغلاة!
فقد ثبتت شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر ممن يموتون على التوحيد .. وعلى شهادة التوحيد، كما في الحديث:" أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله مخلصاً من نفسه " البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إني أخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة ".
ولهؤلاء الدعاة الذين ترجلوا وتشجعوا .. وطاب لهم الحديث عن الطغيان والطغاة بعد صمت سئمته منهم الأمة .. نقول: أين حديثكم عن الطغيان والطغاة، والكفر والكافرين يوم كان الرجل حيَّاً وحاكماً .. ويُقاتل الشيعة الروافض من جهة بلاد فارس .. راداً لخطرهم وزحفهم عن الأمة[[1]]؟!
أين حديثكم عن الطغاة الأحياء .. وعن طغيانهم وظلمهم .. الذين لا يزالون يسومون البلاد والعباد الكفر والظلم والفقر .. أم أنكم تنتظرون حتى يُصبحوا في عالم الأموات .. وأثراً بعد عين .. وبعد أن تسمح أمريكا .. والأجواء العامة .. والسياسات العامة للأنظمة الحاكمة بالحديث والكلام .. فتترجلون حينئذٍ .. وتتكلمون .. وتبينون؟!
مثلكم مثل: من يصمت وقتما يجب عليه البيان، ويتكلم وقتما يجب عليه الصمت!
فإن عُلم ذلك، نعود للحديث ثانية عن صدام .. وعن حكم الإسلام في صدام، فأقول مستعيناً بالله تعالى: نعم؛ صدام حسين قد مات مسلماً ـ ولله الحمد ـ رحمه الله .. وغفر له وعفى عنه .. وأسكنه فسيح جناته .. هذا الذي تُلزم به أدلة الكتاب والسنة .. رضي من رضي وأبى من أبى .. فالحكم ليس لي ولا لكم وإنما لله الواحد الأحد .. وهذا لا يعني أننا نجزم للرجل بجنة أو نار .. فهذا مرده إلى الله تعالى .. فمن عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا يُشهد لمعيَّنٍ من أهل القبلة بجنة أو نار .. إلا من ورد بحقه نص وهذا قد مضى وتم.
فإن قيل: أين الدليل على هذا الحكم ..؟!
أقول: إضافة إلى ما ذكرته في مقالي المشار إليه أعلاه " الموقف من صدام حسين والحكم عليه " إذ لا بد للقارئ من أن يجمع بين ما قلته هناك وما سأقوله هنا .. فباجتماع القرائن والأدلة بعضها مع بعض .. تنجلي الحقائق وتستبين.
فأعيد وأكرر، فأقول: من توفيق الله تعالى لهذا الرجل ـ إضافة لما ذكرته عنه في مقالي الآنف الذكر ـ أن جعل آخر عهده وكلماته التي فارق بها هذه الحياة الدنيا نطقه لشهادتي التوحيد " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله " .. وكانت قتلته شنقاً على يد الغزاة الصليبيين المعتدين وعملائهم الخونة من الشيعة الروافض.
نطق بالشهادتين .. وكرر نطقه بهما .. في ظروف يسودها الخوف والإرهاب .. والرعب .. وشماتة الأعداء وبذاءتهم .. غير آبه بكل ذلك .. مما دل على توفيق الله له، وتسديده وتثبيته!
لا يحسبنَّ المرء أن الموت على شهادة التوحيد ـ بحيث تكون آخر كلمات المرء التي يودع بها الدنيا ـ سهل ـ كما زعم أحد دعاة الفضائيات ـ من دون توفيق الله وتسديده له .. فكم من امرئٍ تمنى وحرص على أن يموت على كلمة التوحيد .. فمات على غيرها .. وفاجأه الموت من دون أن يتمكن من قولها .. نسأل الله تعالى السداد والثبات وحسن الختام.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ما من عبدٍ قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة " مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم:" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه ".
وعن طلحة بن عبيد الله t قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفَّس الله عنه كربته ". فقال عمر بن الخطاب t: إني لأعلم ما هي. قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت:" لا إله إلا الله "؟ قال طلحة: صدقت؛ هي والله هي[[3]].
وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعةً وتسعين سجلاً؛ كل سجلٍّ مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبت الحافظون؟ يقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم فيُخرج بطاقة فيها، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة، وما هذه السجلات؟! فقال: فإنك لا تُظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء "[[4]].
فهذا عنده تسع وتسعون سجل مليئة بالخطايا والذنوب .. كل سجل طوله وامتداده مثل مد البصر .. ومع ذلك قد رجحت عليهنَّ " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله "!
ومن وصية نوح u لابنه:" آمرك بلا إله إلا الله؛ فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهنَّ، ولو أن السماوات السبع والأراضين السبع كنَّ حلقةً مبهمةً لقصمتهنَّ لا إله إلا الله "[[5]].
وقال صلى الله عليه وسلم:" إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " متفق عليه. فالعبرة بالخواتيم وبما يُختم به على المرء .. فاسألوا الله الثبات وحسن الختام.
وقال صلى الله عليه وسلم:" لا تعجبوا بعمل أحدٍ حتى تنظروا بما يُختم له؛ فإن العامل يعمل زماناً من دهره بعملٍ صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملاً سيئاً، وإن العبد ليعمل زماناً من دهره بعملٍ سيء لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً، وإذا أراد الله بعبدٍ خيراً استعمله قبل موته فوفقه لعملٍ صالح، ثم يُقبض عليه "[[6]].
ومن توفيق الله لهذا الرجل .. أنه شعر بدنو أجله قبل أوانه .. وأن إعدامه سيكون خلال أيام .. وذلك بعد سماعه لحكم الإعدام من قبل أعدائه أعداء الأمة .. مما حمله ـ وقبل أيام من إعدامه .. كما ينقل ذلك عنه أعداؤه وشانئوه ـ على الإكثار من الصلاة وتلاوة القرآن .. والإقبال على الله .. وهذه قرينة معتبرة لا يُمكن تجاهلها .. تُذكر للرجل لمن يريد أن يتصدر الحكم عليه!
قال صلى الله عليه وسلم:" قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذُ من حالِ ـ أي من طين ـ البحرِ فأدُسُّه في فمِ فِرعون مخافةَ أن تُدرِكَه الرحمةُ "[[7]].
أي مخافة أن يقول لا إله إلا الله .. فيموت عليها .. فتدركه الرحمة بسبب ذلك .. وفرعون هو هو .. الذي قال عن نفسه:) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (القصص:38. ) أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (النازعات:24.
ومما يُذكر للرجل كذلك أنه عُوقِب في الحياة الدنيا بما عاقَبَ فيه .. قبل أن يلقى ربَّه: فهجَّر الناس .. فهُجِّرت عائلته وشُرِّدَت .. وقتل أبناء الناس .. فقُتِل أبناؤه .. وسَجنَ فسُجِن .. وعذَّب فعُذِّب .. وقتَلَ فقُتل .. فلم يفعل شيئاً في الناس مما يؤخذ عليه إلا وفُعل فيه وفي عائلته وأبنائه .. وهذا لا شك أنه من البلاء الذي يُكفِّر الخطايا والآثام .. ويطهر الرجل بإذن الله .. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ما يُصيب المؤمن من وصَبٍ ولا نصبٍ، ولا غمٍّ، ولا همٍّ، ولا حزنٍ حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر من خطاياه " متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلُغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله، أو في ولده، ثم صبَّره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت من الله تعالى ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السَّخَطُ "[[8]].
وقال صلى الله عليه وسلم:" ما من مؤمنٍ يُشاكُ بشوكةٍ في الدنيا يحتسبُها؛ إلا قصَّ بها من خطاياهُ يوم القيامة "[[10]].
وقال صلى الله عليه وسلم:" ما من مصيبةٍ تصيبُ المسلمَ؛ إلا كفر الله عنه بها، حتى الشوكَةِ يُشاكُها " متفق عليه. وفي رواية لمسلم:" إلا رفعه الله بها درجةً وحطَّ عنه بها خطيئةً ". وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا اشتكى المؤمنُ؛ أخلصَهُ الله من الذنوب كما يُخلِصُ الكيرُ خبَثَ الحديد "[[11]]. ولا يختلف اثنان على شدة البلاء الذي نزل بساحة الرجل .. وبخاصة في سنوات اعتقاله .. وعلى صبره وتجلده على البلاء .. وهذا جانب معتبر .. ينبغي النظر إليه لمن يستشرف الحكم على الرجل .. وعلى آخرته .. وخاتمته.
وما يُذكر ويُقال كذلك : أن الرجل لم يعد يَنظر للأمور والأشياء من خلال معتقله .. وما
حل به من بلاء .. كما كان ينظر إليها من خلال قصوره وهو في حكمه وملكه .. وحوله بطانة تزين له السوء .. وتجمِّل له القبيح، وتقبح له الجميل .. ولا يُرد له قول .. وبالتالي لا يجوز الحكم عليه من خلال النظر إليه كيف كان .. وإنما من خلال النظر إلى مآله وحاله الذي خُتم له به .. والله تعالى أعلم.
هذه بعض أدلتنا التي حملتنا على القول بإسلام الرجل .. وأنه قد خُتم له بالإسلام ـ ولله الحمد ـ لا ينبغي التردد في ذلك .. كما لا ينبغي للشباب المسلم أن يختلفوا حول ذلك .. نسأل الله تعالى بأن يرحمه ويعفو عنه، ويغفر له ذنوبه .. ولجميع أموات المسلمين .. اللهم آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
14/12/1427 هـ/ 3/1/2007 م.
[1] كان كثير منهم ـ وهو في ملكه وحكمه ـ يمدحه ويُطريه ويكتب فيه القصائد والمدائح .. ولما نزلت بساحته البلايا والمنايا .. ووصل إلى ما وصل إليه .. انقلبوا عليه .. ولعنوه .. وكفروه .. وأحسنهم الساكت الذي تخلى عنه ـ في وقت الشدة ـ منكراً لمعروفه وفضله عليه .. من هؤلاء الأخوان المسلمين السوريين .. فالرجل فتح لهم البلاد ـ يوم أن أغلقت في وجوههم جميع بلاد العالم ـ وأعطاهم المال .. وفتح لهم معسكرات التدريب .. ومنحهم البيوت والسيارات .. والجواز العراقي للتنقل والسفر .. وفتح لهم حدوده مع سورية .. وأعطاهم صلاحيات أن يتصرفوا كدولة ضمن دولة .. وظل ذلك لأكثر من عشرين عاماً .. وكانوا في وقتها .. لا يترددون في مدح الرجل وإطرائه .. ولما وصل إلى وصل إليه .. وانتهت به المقادير إلى أن يُعلَّق على حبل مشنقة الصليبيين وعملائهم من الشيعة الروافض .. تنكَّروا له ولمعروفه .. واستكثروا عليه بياناً أو كلمة رثاء .. أو إنصاف .. مجاملة ومواكبة للرأي العام العالمي والعربي الرسمي .. وهذا والله ليس من الوفاء!
المطعم بن عدي كان كافراً مشركاً، ومات على الكفر والشرك .. لكن في حياته قد أجار النبي r لأيامٍ معدودات .. ليرد عنه بعض أذى المشركين .. لم ينسها له النبي r ـ حاشاه ـ فتذكرها له يوم أن وقع صناديد كفار قريش أسرى بأيدي المسلمين، وكان تعدادهم سبعين رجلاً .. قال r:" لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتن ـ يعني أسرى بدر ـ لأطلقتهم له " .. مكافأة له .. فتأمل!