بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
في صبيحة يوم عيد الأضحى .. وإثر مكالمة هاتفية بيني وبين الشيخ أبي مالك شقرة حفظه الله .. وجدت نفسي ـ إنصافاً للحق ـ مشدوداً لخط هذه الكلمات .. فعجلت إلى كتابتها في هذا الموضع وهذا التوقيت خشية أن يتخطفني الموت فيحيل بيني وبينها .. تاركاً التفصيل ـ إن شاء الله ـ إلى موضعه وتوقيته المناسبين.
من نعم الله علينا .. أن جعلنا ممن يحبون في الله ويبغضون في الله .. ولا أزكي نفسي على الله .. يعلم كثير من الإخوان أننا كنا نأخذ على الشيخ أبي مالك .. نصرته للإرجاء .. ولأهل الإرجاء .. وبخاصة تلك الفئة الضالة ـ ناكري الجميل والمعروف ـ الذين كانوا يقتاتون باسم الشيخ أبي مالك .. ويتقوون به وباسمه علينا وعلى منهجنا .. ويقتاتون باسم السلف والسلفية .. والسلف الصالح منهم براء .. ولما أن تحرر الشيخ ـ بفضل الله تعالى ـ من طوق هذه الفئة الضالة .. ومن خناقهم .. ومن ضغطهم وأثرهم .. وشرِّهم .. وشبهاتهم .. وصدَع بالحق .. لا يخشى في الله لومة لائم .. حتى بتنا نخشى عليه ـ وهو الشيخ الكبير ـ من الطغاة الظالمين .. أصبح من أحب الناس إلى نفوسنا .. وأصبحت قلوبنا عامرة بمحبته، واحترامه وتوقيره .. وهو أهل لكل ذلك.
يعلم الله كم أنا فرح بالشيخ .. وفخور به .. لا لشيء سوى أنه نصر الحق .. وصدع بالحق .. وأنصف الحق .. حتى من نفسه .. وما أقل من يفعل ذلك .. ولما أخبرته أني قد سبق لي أن قسوت عليه ببعض العبارات .. كما في كتابي " الانتصار لأهل التوحيد "؛ الذي رددت فيه على شريط الكفر كفران .. وأنه قد حان الأوان لتصحيح المسار .. وإزالة تلك العبارات القاسية بحقه .. فأجابني بكل تواضع ـ و هو الشيخ الكبير في قلبه وعلمه وأدبه .. وقد تعدى من العمر السبعين عاما ـ: لا داعي للاعتذار يا أبا بصير .. قد كنتم على حق وصواب .. ما كتبته أنت وأبو محمد المقدسي، وأبو قتادة .. كان صواباً .. وحقاً .. وأنا أقول للناس: أنك أنت وأبو محمد المقدسي، وأبو قتادة على حق وصواب .. لا داعي للاعتذار .. فصاحب الحق لا ينبغي أن يعتذر عما هو عليه من حق[[1]].
بهذه الكلمات أجابني .. وهي لا تخرج إلا من رجل هانت عليه نفسه في الحق .. وكان إنصاف الحق ـ ولو من نفسه ـ أحب إلى نفسه من نفسه ...!
وأنا بدوري أتعهد ـ بإذن الله ـ أن أزيل كل عبارة قاسية كنت قد كتبتها من قبل بحق الشيخ .. وذلك عندما يقدر الله لي أن أعيد طباعة كتابي " الانتصار لأهل التوحيد ... "، وأرجو أن يكون ذلك قريباً .. فهذا دَيْنٌ أشهدُ الله وعباد الله عليه .. وهو أقل ما ينبغي أن نقابل به الشيخ .. فإن توفاني الله قبل أن أتمكن من سداد هذا الدَّين .. يكون ـ على الأقل ـ قد علم الناس عني موقفي الجديد من الشيخ .. كما هو مبين في هذه الأسطر أعلاه!
حفظ الله الشيخ .. وثبته على الحق .. ونصرَ اللهُ به الإسلام والمسلمين .. وأحسن خاتمته .. وجعله يوم القيامة في الجنان مع الأنبياء والصديقين والشهداء .. اللهم آمين .. وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
10/12/1429 هـ. 8/12/2008 م.
[1] لا ينبغي أن يُحمل ثناء الشيخ على كلماتنا والإخوان بأنه ثناء على جميع مفرداتنا .. أو موافقته لنا على جميع كلماتنا .. وإنما هو ثناء على المنهج والتوجه العام .. هكذا نفهم كلماته .. وهكذا ينبغي أن تُفهم .. جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.