بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد استوقفني اليوم ( 10/4/2009 )، خطاب أمين حزب الله اللبناني الشيعي حسن نصر الله .. الذي تناولته بعض المحطات التلفزيونية الواسعة الانتشار .. والذي أراد فيه أن يرد على الاتهامات المصرية الموجهة ضده وضد حزبه.
والذي يعنيني هنا من كلمته وخطابه .. نفيه القاطع لفكرة تصدير التشيع في المنطقة، وفكرة اهتمام حزبه بالدعاية للتشيع والرفض .. واعتبر أن هذه التهمة التي تُثار ضده وضد حزبه مراراً .. تهمة كاذبة وتافهة لا تستحق الرد أو الاهتمام!
فأقول: قد كذَبَ الرجل .. ولا يزال يكذب .. والمسلم لا يكذب .. وبرهان ذلك من خطابه المذكور أعلاه .. فكله كان دعوة إلى التشيّع، وتصدير التشيع والرفض إلى المنطقة.
قال ـ لكي يدفع عن نفسه وحزبه شبهة العمل من أجل تصدير التشيّع والرفض ـ: أن الحزب في لبنان يملك العلماء والفقهاء الكبار .. والإمكانيات الضخمة .. والمؤسسات .. ومع ذلك فهو لا يعمل ولا ينشط من أجل تشييع المسلمين في لبنان .. ولا من أجل تصدير التشيع إلى مناطقهم .. فكيف تراه يُصدّر التشيع .. إلى العالم الخارجي .. وإلى الدول العربية الأخرى .. بعتّال ـ كما سماه في خطابه ـ أرسله الحزب إلى مصر من أجل مساعدة وخدمة الفلسطينيين .. وتقديم الدعم اللوجستي لهم؟!
أقول: أما أن حزب حسن نصر الله .. لا مطمع له في تشييع المسلمين في لبنان .. ليس لأنه لا يريد تشييعهم .. وإنما لأنه لا يستطيع أن يشيعهم .. ولعلمه القاطع أن الشعب اللبناني المسلم .. على وعي ودراية تامّين بمكائد وشر، وخطر، وضلال مذهب التشيع والرفض .. وبالتالي هدر الأوقات والطاقات والأموال في العمل على تشييع هكذا ناس لا يُجدي نفعاً .. لذا فالحزب وأئمته في قم وطهران .. يطمعون في تشييع قبيلة بكاملها في أفريقيا .. أو في الدول التي ليس لشعوبها سابق احتكاك ولا علم بالشيعة ومذهبهم الضال .. ولا يطمعون بتشييع رجل مسلم واحد في لبنان .. أو في العراق .. أو في إيران ذاتها؛ معقل أحبارهم وآياتهم .. بل في العراق ـ أكبر معقل للتشيع والرفض بعد إيران ـ توجد حواجز إسمنتية عازلة بين مناطق تواجد الشيعة الروافض .. وبين مناطق تواجد المسلمين .. لا يُطيق أحدهما أن يرى الآخر أو أن يتحدث إلى الآخر .. لانكشاف المخبوء من صفات وخطر، وخيانة، ومكائد الشيعة الروافض!!
أمّا كيف عمل حسن نصر الله على تصدير التشيع والرفض إلى فلسطين .. ومصر .. وغيرهما من دول المنطقة عن طريق هذا العتَّال البسيط .. الذي يُقدّم الدعم اللوجستي للفلسطينيين .. ومن خلال خطابه الآنف الذكر أعلاه .. هو ما سنبينه وما سيعرفه القارئ ـ إن شاء الله ـ في النقاط التالية:
1- عندما أرسل حسن نصر الله عتّاله إلى مصر من أجل تقديم الدعم اللوجستي للفلسطينيين .. كان يعلم علم اليقين أنه سيُعتَقل من قِبل الأمن المصري .. وأن اعتقاله سيُفعّل إلى درجة أنه سيُحدث زوبعة إعلامية .. تُستثمر هذه الزوبعة الإعلامية في تلميع حسن نصر الله .. وتقدمه وحزبه .. والشيعة الروافض في قم وطهران على أنهم شرفاء .. وحريصون على دعم الفلسطينيين .. وفك الحصار عنهم .. بخلاف غيرهم .. وهذا ما سيرفع من أسهم الشيعة .. والتشيع .. عند العامة وكثير من الخاصة من الناس .. وبخاصة عند الشعب الفلسطيني المحاصر .. وهذا الذي حصل!
ولما النيابة المصرية أغفلت أو تغاضت عن ذكر السبب من وجود هذا العتّال الذي ينتمي إلى حزب حسن نصر الله .. على الأراضي المصرية .. قام حسن نصر الله في خطابه .. ليذكر النيابة العامة .. والناس أجمعين بهذا السبب .. ويلوم النيابة المصرية على تغاضيها عن ذكر السبب الحقيقي الذي تم إرسال ذاك العتال الرافضي من أجله .. ألا هو تقديم الدعم اللوجستي للشعب الفلسطيني .. لأن هذا هو الغرض الأساس والأهم من وراء إرسال ذاك العتّال .. وهو أن يُقال أن حسن نصر الله، وحزبه أرسل أحد أعضاء حزبه إلى مصر من أجل تقديم الدعم اللوجستي للشعب الفلسطيني .. وفي ذلك تتحقق الدعاية المطلوبة للشيعة والتشيع .. وترتفع أسهم التشيع والرفض .. عند جماهير الناس المغفّلة .. وهو المطلوب!
2- هل يستحق هذا العتّال الذي أرسله حسن نصر الله إلى مصر .. وما أوكِل إليه من عمل .. أن يرقى إلى درجة أن يُقال عبر وسائل الإعلام المختلفة .. أن هذا العتَّال أرسل من أجل تقديم الدعم اللوجستي للشعب الفلسطيني .. لماذا هذا التفخيم والتضخيم لما يقوم به فرد واحد من عمل .. ليُكبَّر .. ويُضخَّم .. إلى أن يرقى إلى مستوى الدعم اللوجستي .. وما الغاية وما الغرض من هذا الكذب .. وهذه المبالغة في تصوير الحدَث .. وما هو المطلوب منه .. ومِن ورائه؟!
ثم لماذا قضية هذا العتّال .. استحقت من حسن نصر الله ذاته ـ وليس من نائبه أو غيره من مسؤولي الحزب ـ أن يتكلم عبر وسائل الإعلام قرابة ساعة كاملة؟!
الجواب: يعرفه القارئ النبيه .. ألا وهو تلميع الشيعة .. وصناعة الدعاية لهم ولمذهبهم الباطل القائم على الرفض والهدم .. ورفع أسهمهم بين العوام من الناس الذين يُعجبون بكل من يقدم أدنى مساعدة للشعب الفلسطيني .. فكيف إذا كانت هذه المساعدة ترقى إلى درجة الدعم اللوجستي .. وقد تحقق لهم ذلك .. وللأسف.
3- لكي يظهر حسن نصر الله على أنه يُقدم الدعم اللوجستي للشعب الفلسطيني .. ومن ثم يمتطي القضية الفلسطينية لمآربه الحزبية والطائفية .. أخذ يتكلم عن الأنفاق .. وما يُمرر من خلال تلك الأنفاق، وكان مما قاله عن الأنفاق: أن هذه الأنفاق لا يُمرر منها السلاح والزخيرة فقط .. بل يمرر منها الأغذية .. والمواشي .. الخ!
فأثبت ـ عن سابق علم وإصرار ـ ما كانت حماس والشعب الفلسطيني ينكرونه وينفونه مراراً وتكراراً .. من أن هذه الأنفاق لا تُستغل لأغراض عسكرية .. أو من أجل تمرير السلاح أو الزخائر .. كما أنه أعطى الذريعة والمبرر للصهاينة اليهود على قصف وتدمير تلك الأنفاق .. آخر شرايين الحياة بالنسبة للشعب الفلسطيني في غزة!!
الصهاينة اليهود لم يعودوا بحاجة إلى إثبات الأدلة والبراهين للعالم .. على أن هذه الأنفاق تُستخدَم لأغراض عسكرية .. فها قد أتاهم الدليل والبرهان سهلاً ويسيراً .. ولقمة سائغة .. على لسان أمين حزب الله اللبناني الشيعي .. حسن نصر الله .. نصير المقاومة الفلسطينية كما يزعم .. وكما يحلو له أن يصور نفسه للناس!!
هذا ليس مهماً عند حسن نصر الله .. ولا عند طائفته .. المهم الرياء .. والظهور .. وتلميع الحزب والطائفة .. ورفع أسهم الشيعة والتشيع عند الناس .. وفي العالم .. وليكن بعدها ما يكون .. وليمت بعدها الشعب الفلسطيني كله .. والتدمّر أنفاقهم .. ولو كان ذلك على حساب أمن نساء وأطفال ورجال فلسطين كلها!!
4- أكثر حسن نصر الله في خطابه الآنف الذكر .. من الدندنة حول الأنظمة العربية الحاكمة؛ وأنها غير مستهدفة من قبله وقِبل حزبه .. وليس من أجندة حزبه افتعال المشاكل مع تلك الأنظمة .. وليس لحزبه أدنى نشاط عدائي ضد تلك الأنظمة .. وإنما نشاطه وتوجهاته كلها مصبوبة في دعم الشعب الفلسطيني .. والمقاومة الفلسطينية .. ضد الصهاينة اليهود .. ليس له أي نشاط أو هدف .. يخرج عن هذه السياسة .. وهذا التوجه!
أقول: هذا الخطاب ذاته .. يسهِّل للحزب الحركة والتواجد في الدول العربية .. والنشاط لأهدافه الطائفية فيها .. كما يرفع من أسهم الحزب والطائفة في نظر العوام من الناس .. لعلم حسن نصر الله .. أن القضية الفلسطينية قضية رابحة .. وقضية مجمع عليها من قبل جميع الناس على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم .. وبالتالي كل من يضرب على وتر القضية الفلسطينية .. ودعم القضية الفلسطينية .. حتى لو كان من قبيل الكذب والتمثيل .. فإنه سيلقى القبول له ولحزبه .. وإيدولوجيته .. وطائفته .. بين جميع هؤلاء الناس .. ولن يلقَ معارضة تُذكر من قِبل الناس!
وهو ـ كما ذكرنا مراراً وفي أكثر من مقال ـ لا يهمه مواجهة باطل .. أياً كان هذا الباطل .. وكان حجمه أو نوعه .. ولا مواجهة طغيان طاغية .. ولا مواجهة الأنظمة الفاسدة الكافرة .. فهذا المعنى لا يعنيه شيئاً .. وإنما يعنيه فقط .. كيف يرفع من أسهم الشيعة والتشيّع في المنطقة .. التي تحتاج بين الفينة والأخرى .. إلى منشّطات .. ومقويات .. ومحسنات .. ولكي يتحقق له ذلك .. يبحث عن القضية التي تحقق عليها الإجماع .. أو شبه إجماع الجماهير .. فلم يجد قضية أوفر له ـ ولطائفته، ولأهدافه الطائفية ـ حظاً من القضية الفلسطينية .. لذا فهو مراراً وتكراراً يؤكد على أنه لا توجد عنده ـ وعند حزبه ـ مشكلة مع أحد .. حتى مع الشيطان لا توجد مشكلة معه .. إنما مشكلته فقط ـ وفقط لا غير ـ مع الصهاينة اليهود .. وكيف يدعم وينصر الشعب أو القضية الفلسطينية؟![[1]]
أرأيتم استغلالاً دنيئاً للقضية الفلسطينية .. يعلو درجة ودناءة استغلال حسن نصر الله وحزبه للقضية الفلسطينية؟!
5- حتى يجد حسن نصر الله لنفسه ولحزبه .. الفرصة السانحة على الخيانة .. والانسحاب والتخلي عن الشعب الفلسطيني وقضيته في أوقات الحاجة والضيق .. والحرج .. قال للناس مخاطباً: لا تحملونني وبلدي مالا نطيق .. وكرر هذه الكلمات أكثر من مرة!
ماذا يعني كلامه هذا .. وكيف ينبغي أن يُفهم؟!
أراد حسن نصر الله من كلامه أعلاه أن يقول للناس: صحيح أنا أنصر القضية الفلسطينية .. لكن نصرتي لها عن طريق الكلام .. والدعاية .. والأغاني .. والطبل والزمر .. وأقصى ما عندي للقضية الفلسطينية من الناحية العملية .. أن أرسل عتّالاً مثل هذا العتال الذي اعتقلته السلطات المصرية .. لأستغل اعتقاله للهدف الأكبر .. وهو تلميع الشيعة .. ورفع أسهمهم .. وتصدير مذهبهم إلى العالم .. أما أكثر من ذلك .. كأن أستخدم السلاح .. أو أرمي بصواريخي على الصهاينة اليهود .. انتصاراً للشعب الفلسطيني .. وانتصاراً للمستضعفين من النساء والولدان الذين تعرضوا للقتل والقصف الصهيوني في غزّة .. فهذا مما لا طاقة لي ولا لبلدي لبنان به .. وبالتالي لا تُطالبوني به .. ولا تفهموا نصرتي للقضية الفلسطينية خطأ .. بحيث يحملكم هذا الفهم الخاطئ على مطالبتي بنصرة الشعب الفلسطيني بالقوة والسلاح .. فليس مثلي من يُطلَب منه هذا الطلب .. كما أنه ليس من سياسة الحزب ومنهجه أن ترقى النصرة عنده إلى هذا المستوى!
فنصرتي للقضية الفلسطينية .. لا تتعدى الطريقة السورية الإيرانية ـ وهي من أجل الدعاية للتشيع والرفض فقط .. ولأحبار وآيات التشيّع والرفض في قم وطهران فقط ـ وبالتالي لا تطالبوني بما لا أطيق .. وبما لا يُطيق بلدي .. لبنان!
هذا معنى كلامه .. وهذا الذي أراده .. وهذا الذي يريده .. ولكن المغفلين من بني قومي ـ وللأسف ـ يصدقونه .. ويصفقون له .. ولحزبه .. ولطائفته .. ومذهبه .. ومن غير وعي .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
أعرفتم الآن كيف استُغِلَّ اعتقال عتّال حسن نصر الله لصالح تصدير التشيع وتلميع الشيعة ومذهبهم الباطل .. ولرفع أسهمهم بين الناس .. وكيف أن خطاب حسن نصر الله الآنف الذكر لا يخرج عن هذا الإطار .. وهذه الغاية؟!
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
15/4/1430 هـ 11/4/20009 م.
[1] توقعوا بين الفينة والأخرى .. وكلما خبت وضعفت الدعاية من أجل التشيع والرفض .. أن يفتعل حسن نصر الله وحزبه .. زوبعة إعلامية ـ لها علاقة بالوضع الفلسطيني ـ كزوبعة عتّالهم هذا .. لكن عليكم حينئذٍ أن تفهموا زوابع حسن نصر الله وحزبه المتتالية .. على ضوء ما تقدم ذكره في هذا المقال!