recent
آخر المشاركات

ضوابط وصفات البحث الناجح

بسم الله الرحمن الرحيم
          سؤال: ما هي ضوابط و صفات البحث الناجح ..؟
          الجواب: الحمد لله رب العالمين. البحث الناجح لا بد أن يخضع للضوابط والصفات التالية:
أولاً- الإلمام بمفتاح وسر البحث:
لكل بحث مفتاح أو سر .. وهو يُدرَك من خلال الاستقراء لجميع النصوص والأدلة ذات العلاقة بموضوع البحث .. هذا الاستقراء يتم بعد تحليل دقيق ومفصل للأدلة النقلية والواقعية ذات العلاقة بموضوع البحث .. هذا المفتاح أو السر يكون بمثابة النقطة المركزية والأساس لموضوع ونقاط البحث.

ثانياً- إنصاف البحث أو المسألة:
لإنصاف أي بحث أو مسألة يُراد بحثها يجب الإلمام بأمرين:
1- الإلمام بأدلة البحث النقلية .. ونعني بالأدلة النقلية: الأدلة من الكتاب والسنة .. وأقوال الصحابة .. والتابعين لهم من العلماء العاملين. 
2- النظر الدقيق في واقع المسألة أو البحث .. ومن ثم النظر الدقيق في مدا تطابق الأدلة النقلية على هذا الواقع .. والتقصير في أحدهما أو كلاهما مؤداه إلى الوقوع في الخطأ .. وانحراف الباحث عن موضوع بحثه.
ثالثاً- صفات البحث الناجح:
          1- أن يواجه البحث مشكلة عامة ملحّة؛ ونعني بالعامة أنها تعني شريحة كبيرة من الناس ويلامس حياتهم وواقعهم .. وكلما كان البحث يعني شريحة أكبر من الناس كلما يكون ذلك دليلاً أكبر على جودته و نجاحه وأهميته. ونعني من كلمتنا ملحاً؛ أي أن هذه المشكلة التي يناقشها البحث مستعجلة لابد من علاجها بأقرب وقت ممكن، لا تقبل ولا تحتمل التأخير.
          2- أن يتضمن البحث تشخيص الداء والدواء في آنٍ معاً؛ حيث كلما كان التشخيص ـ للداء والدواء ـ قوياً ودقيقاً كلما كان علامة على جودة البحث ونجاحه .. أما الاقتصار على تشخيص الداء من دون تشخيص الدواء والعلاج .. فيقلل من قيمة وجودة البحث جداً .. ويكون مثله كمثل من يقول للمريض أنت مريض .. ويكرر عليه كلمة مريض .. مريض .. من دون أن يدله أو يُعرّفه على الدواء وطرق العلاج .. أو كمن يشير ألف مرة للظلام بأنه ظلام من دون أن يُضيء شمعة واحدةً يبدد بها ذلك الظلام! 
ومن تشخيص الدواء تسجيل التوصيات والاقتراحات التي تساعد على معالجة الداء والمشكلة. ( كأن تقول: أوصي بكذا، أقترح كذا ). ويكون ذلك في نهاية البحث وبعد تشخيص وتوصيف الداء.
          3- أن يتضمن البحث جديداً ـ من حيث المضمون أو الشكل أو بهما معاً ـ لم يُسبَق إليه الباحث من قبل؛ أي لا يكون تكراراً للمكرر .. فالبحث كلما كان يتضمن جديداً .. وكانت نسبة الجديد فيه كبيرة .. كلما كان أقرب للنجاح والقبول.
4- مدى التفاعل الشخصي للباحث مع موضوع البحث؛ حيث كلما كان الباحث متفاعلاً مع موضوع بحثه ويحبه كلما كان التوفيق أحظى لموضوع بحثه، وكان البحث ناجحاً، فإن لم يكن متفاعلاً مع موضوع بحثه ـ حتى لو كان موضوع البحث هاماً ـ فالعطاء حينئذٍ يكون ضعيفاً .. وتأتي النتائج بخلاف المتوقع وبطريقة غير مرضية.

خاتمة: في الختام يستحسن للباحث الجاد والملتزم أن يوجه لنفسه ـ عند انتهائه من كل بحث أو موضوع ـ الأسئلة التقييمية التالية:
ما هي الفوائد المرجوة من هذا البحث .. ومدى أثره ونفعه على الناس .. وهل استطعت في بحثي هذا أن أحقق تلك الفوائد المرجوة منه أم لا .. وهل وصلت الرسالة من البحث للمعنيين منه بصورة واضحة سهلة مبسّطة من غير اختصار مُخل ولا تطويل ممل أم لا .. وهل يتسم البحث بالغموض أم بالصراحة والوضوح .. وهل أجبت فيه عن جميع أسئلة واعتراضات وشبهات القارئ التي يمكن أن تتشكل من جراء قراءته للبحث أم لا .. وعلى ضوء ذلك يستطيع الباحث أن يحكم على مدى نجاح بحثه قبل أن يحكم عليه الآخرون.
على الباحث الناجح أن يعلم أنه ليس مهماً أن يقول أو يكتب ..أو أن يُسوِّد عشرات الصفحات وحسب .. وإنما المهم أن يقتنع أنه أقنعَ المعنيين من بحثه فيما كتب أو قال .. وأقام عليهم الحجة في موضوع بحثه .. التي لا مناص لهم من قبولها.
ـ هذا ما أفادني به الشيخ الوالد مشافهةً كجواب عن السؤال المدون أعلاه، وكان ذلك بتاريخ 25/12/2008  الساعة 2:20 بعد منتصف الليل .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سؤال آخر: كيف نقرأ قراءة بحثية ... وكيف نكتب بحثاً؟
هذا السؤال الهام تتم الإجابة عنه ـ إن شاء الله ـ لاحقاً .. ونرجو أن يكون قريباً!

ولاء عبد المنعم مصطفى حليمة



ـ ملاحظة: سيُضاف ـ إن شاء الله ـ هذا الجواب كملحق في نهاية كتاب " مذكرة في طلب العلم ".

google-playkhamsatmostaqltradent