GuidePedia

1

بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
          للمرة العاشرة أقول: لمن يريد أن يستشرف مواجهة ومعارضة النظام السوري الطائفي .. لا بد له ابتداءً من أن تتوفر لديه قراءة جيدة ودقيقة لعقلية ونفسيات وجينيات النظام، والقائمين عليه .. إذ أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ فمن أخطأ تصور الشيء أخطأ في الحكم عليه، ومن أصاب في تصوره أصاب في الحكم عليه.

النظام السوري الطائفي ـ باتفاق جميع المراقبين والباحثين المنصفين ـ ساقط سقوطاً ذريعاً من الناحية الأخلاقية القيميّة .. فاقد للحد الأدنى من القيم والأخلاق .. لا يتورع عن ارتكاب الجرائم وكل ما هو مُشينٌ ومُعيبٌ من أجل بقائه، وبقاء امتيازات ومخصصات القائمين عليه.
من صفات هذا النظام الجبان أن الخصم الذي يقف أمامه أو يُعارضه كلما كان ضعيفاً، مسالماً، مستسلماً كلما أمعن النظام في القتل، والاستعلاء، والإذلال، والقهر لهذا الخصم .. وكلما كان قوياً كلما هابه، وأصغى إليه، وأظهر له نوع احترام .. يظهر ذلك بجلاء من خلال إمعانه في قتل أطفال، ونساء، وشيوخ، ورجالات سورية المسالمين، الذين يتظاهرون ضده سلمياً .. فالمجازر وجرائم القتل التي يرتكبها بحق الشعب السوري الأعزل المسالم ـ منذ أن أعلن عن انتفاضته وثورته السلمية ـ لم تتوقف .. فالمتظاهرون من جهة يرفعون الورود وغصون الزيتون .. ويهتفون سلمية سلمية .. والنظام الطائفي في المقابل يُمعن في الطغيان والقتل والإجرام والإذلال .. حيث بتنا في كل أسبوع ـ بل في كل يوم ـ نسمع عن عشرات القتلى من أبناء الشعب السوري يُقتلون بدمٍ باردٍ .. وبسخرية واستهتار .. على أيدي مخابرات النظام، وأجهزته الأمنية القمعية، والفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد .. هذا غير الاعتداءات على الأعراض والحرمات .. وممارسة قمة التعذيب والإذلال لمن يقع في شباكهم وأسرهم!
هذا النظام الطائفي فاقد لشعور الانتماء للأمة ولعقيدتها، وقيمها .. فاقد لشعور الانتماء لسورية أرضاً وشعباً .. لذا لا يمكن أن يعمل شيئاً لصالح سورية وشعب سورية .. فسورية بالنسبة له لا تعني أكثر من مزرعة يتمتع بها آل الأسد وطائفته وعصابته .. أو بقرة حلوب إذا جف ضرعها رماها ونظر إلى غيرها .. فهو استعمار حقيقي متلبس بجميع صفات وخصال المستعمر الأجنبي الظالم!
قولوا لي: ماذا فعله الاستعمار الفرنسي من جرائم بحق سورية أرضاً وشعباً لم يفعل النظام البعثي النصيري الطائفي أضعافه .. وبالتالي علامَ لقَّب وسُمّي الاستعمار الفرنسي بالاستعمار، وعُومِل معاملة الاستعمار بينما النظام السوري الطائفي القرمطي لا يُلقّب بالاستعمار، ولا يُعامَل معاملة الاستعمار؟!
لماذا من قَبل حصل الإجماع من قِبل الشعب السوري على ضرورة قتال وطرد الاستعمار الفرنسي، بينما هو منقسم فيم بينه على ضرورة قتال وطرد استعمار النظام الطائفي القرمطي الحاكم، الذي سام شعب سورية الذل والهوان .. وفعل به مالم يفعله الاستعمار الفرنسي بكثير ..؟!
لماذا .. وما الفرق؟!
نحن نريدها ثورة سلمية .. وتغييراً سلميّاً .. لكن إذا سُدَّت أمام الخيارات السلمية الأبواب .. ثم في كل يوم ـ تحت شعار سلمية الثورة والتغيير ـ نُفاجأ بمقتل العشرات والمئات من شباب وأبناء شعب سورية على يد مخابرات وطائفة ووحوش آل الأسد .. حينئذٍ لا بد للمخلصين بأن ينهضوا للتفكير بجميع الخيارات المتاحة والممكنة لمواجهة هذا العدوان!
ما أظن شريفاً يحب بلده وشعبه .. يرضى بهكذا نتيجة .. أو تسره هكذا نتيجة .. أن يجلس على أريكته، وهو يراقب وسائل الإعلام ليعد كم قتيلاً من أبناء شعبه وبلده يسقطون صرعى خلال يوم أو أسبوع على أيدي جلاوزة الاستعمار ..!
فإن قيل: ما هو الحل .. وكيف السبيل للخلاص من هذا الواقع المرير .. ومن هذا الاستعمار؟!
أقول: ابتداء كل من يهمه أمر سورية وشعب سورية من المعارضة وغيرهم .. يجب أن يعترف أن هناك ثمة مشكلة كبيرة لا بد من حلها .. ولا يكفي في حلها الاقتصار على الوسائل السلمية!
لا بد من أن يقتنعوا ابتداء أن من حق الشعب السوري أن يدافع عن نفسه .. وأن جميع الخيارات متاحة ومشروعة له للتخلص من هذا الاستعمار الطائفي القرمطي البغيض .. الخيارات السلمية وغير السلمية!
لا بد من أن يقتنعوا ابتداء أن كل الخيارات متاحة .. وهي قابلة للدراسة والتفعيل .. فإذا لم تتوفر القناعة ابتداء لا يمكن الشروع في أي خيار أو عمل!
المشكلة كبيرة جداً .. ولمن يستشرف التصدي لها من المعارضة وغيرهم .. لا بد من أن يرقى إلى مستواها .. ومستوى مواجهتها وعلاجها!
ولا أحسب هؤلاء الذين يجرِّمون جميع الخيارات على الشعب السوري .. ويحرمون على أنفسهم التفكير أو دراسة أي خيار .. باستثناء خيار التظاهرات السلمية .. مع علمهم المسبق أن نتيجة هذه التظاهرات السلمية قد تكون مئات القتلى والشهداء من أبناء الشعب السوري .. لا أحسب هؤلاء قد فهموا حجم المشكلة .. فضلاً عن أن يكونوا قد ارتقوا إلى مستوى علاجها ومواجهتها!
ومن جهتي أقترح جملة من النقاط .. على الشعب السوري المسلم الأبي أن ينظر الممكن منها .. فيختار لنفسه ما يراه مناسباً له ولحركته في هذه المرحلة .. إذ القرار في النهاية لهم .. فهم في الميدان، وهم الأدرى من غيرهم بجدوى وسيلة دون غيرها .. وبمدى قدرتهم على تفعيل وسيلة دون غيرها .. سائلاً الله تعالى لهم السداد والتوفيق .. وأن يحفظهم من كل شرٍّ، وذي شر.  
أولاً: كلامي أعلاه لا يعني أنني لا أستحسن الوسائل السلمية، ولا أرى جدواها .. لا؛ ليس شيئاً من ذلك، بل أنا مع استخدام جميع الوسائل السلمية وتفعيلها إلى أقصى حدّ .. وبخاصة " العصيان المدني " الذي يشل جميع مفاصل الحياة على النظام .. فآثار هذه الوسائل على الاستعمار القرمطي الطائفي بادية لا خفاء فيها .. فأرى تفعيلها .. والتفنن في إبداع الوسائل السلمية بصورة تخرج عن المألوف والمعتاد .. وتفاجئ وتربك الاستعمار!
ثانياً: الحركة الجماعية للشعب السوري ـ بكل صورها وأشكالها ـ تكون سلمية .. كما أفدنا في النقطة الأولى أعلاه .. فإن تقصّد النظام فرداً أو أفراداً بأعيانهم .. يريد قتلهم أو اعتقالهم .. عليهم أن يتواروا عن أنظار أعين الاستعمار وجنده ما استطاعوا .. فإن حصلت المواجهة ولا بد فلهم أن يدافعوا عن أنفسهم وأعراضهم .. بما يملكون من سلاح .. ولا يُسلموا أنفسهم للاعتقال .. وبخاصة إن علموا أن اعتقالهم يعني خروجهم من السجن كما خرج الطفل حمزة الخطيب ميتاً ممثلاً بجثته رحمه الله .. أو أن يكون مصيره في مقابر جماعية يُلقى فيها وهو لا يزال على قيد الحياة، كما حصل في المجازر الجماعية التي ارتكبها الاستعمار بحق أهلنا في درعا  .. ولا أجدني هنا مضطراً لأن أسرد أدلة النقل والعقل التي تجيز للمرء أن يدافع عن نفسه وأهله وعرضه في حال تعرض لشيء من ذلك الاعتداء الوحشي الذي يقوم به الاستعمار القرمطي النصيري الطائفي بحق أهالي وشعب سورية .. فهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، لا خفاء فيه، ولا خلاف عليه بين جميع العلماء والعقلاء[[1]].
ثالثاً: تحسباً للمحظور الأكبر الذي قد يمارسه ويرتكبه الاستعمار الطائفي المجرم كارتكاب إبادات جماعية لسكان المدن والقرى السورية ـ وقد ارتكب من قبل كثيراً من ذلك ـ أقول: للشعب السوري كامل الحق في أن يعمل جاهداً على تسليح نفسه بما يتيسر له من طرق .. وأن يعد العدة تحسباً لما ينتظره من مكروه ومحظور يُكرَه عليه، كما قال تعالى:) وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (الأنفال:60. ليتمكن من الدفاع عن نفسه، وحرماته، ورد عدوان وحوش الاستعمار القرمطي الطائفي عن نفسه .. وأيما خطوة عسكرية متطورة يتخذها الشعب السوري للدفاع عن نفسه ـ بعد أن حصل له هذا الذي حصل ـ فهي مشروعة .. معقولة .. ومتفهمة .. على الجميع أن يتفهمها ويباركها!
رابعاً: فإننا نطالب بقايا الخير من الجيش السوري .. بأن يتقوا الله في سورية وشعب سورية .. وأن يتخذوا ـ في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها سورية ـ الموقف الشجاع والمسؤول الذي يليق بهم، وينتظره منهم الشعب السوري .. في الدفاع عنهم وعن أرضهم، وعِرضهم، وحرماتهم .. ضد استعمار نظام آل الأسد الطائفي.  
إذا لم يتحرك الجيش الآن .. وبعد أن حصل ما حصل من جرائم ومجازر تفوق التصور والخيال على يد الاستعمار القرمطي الطائفي الأسدي .. فمتى سيتحرك .. متى؟!

عبد المنعم مصطفى حليمة 

" أبو بصير الطرطوسي " 

5/7/1432 هـ/ 6/6/2011 م








         


[1]  انظر إن شئت مقالتنا " الخيار الأنجع الذي تخلَّت عنه المعارضة السورية "، وهو نشر بتاريخ 7/4/2010 م.

إرسال تعليق

  1. بارك الله في الشيخ الحبيب أبي بصير

    ونسأل الله العلي العظيم في عليائه أن يخلصنا من الطواغيت المجرمين ...

    وأن تعلو كلمة الحق والدين


    ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

    ردحذف

 
Top