GuidePedia

0


          154: إننا نعيش هنا في مصر وهي بلدة مرتدة مثل جميع البلاد المسماة إسلامية في هذا الزمان؛ لتركهم دين الإسلام ودخولهم في دين الطاغوت وشرعه وحكمه .. فأهل هذه البلاد مع كونهم يقولون لا إله إلا الله، إلا أنهم ارتكبوا جميع نواقض هذه الشهادة مثل الحكم والتحاكم إلى القانون الوضعي، وعبادة القبور والأضرحة وموالاة الكفار أعداء الدين، ومحاربة أولياء الله المسلمين الموحدين ..!
والسؤال: هو أنني لا أحكم لمجهول الحال في هذه البلاد التي أعيش فيها بالإسلام الحكمي، ولا أصلي إلا خلف من أعرف عقيدته ولا آكل إلا من ذبيحة الموحدين الذين أعرفهم .. فهل هذه بدعة .. وهل قول الرجل لا إله إلا الله يكفي للحكم له بالإسلام .. وهل الصلاة تعتبر دلالة على الإسلام في هذا الزمان .. مع العلم بأن الفتوى تُبنى على أصلين وهما: معرفة حال القوم، ومعرفة الحكم الشرعي ؟؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. ارتداد الأنظمة الحاكمة لا يستلزم ارتداد المسلمين الذين يعيشون في تلك الأمصار التي تحكمها تلك الأنظمة المرتدة ..!

          وأمصارنا لا تختلف كثيراً عن بلدة ماردين التي سئل عنها شيخ الإسلام ابن تيمية .. حيث كان فيها الكفار ويمثلون الطبقة الحاكمة المتنفذة .. والمسلمون ويمثلون عامة الناس والسكان، فأجاب شيخ الإسلام 28/240: دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا في ماردين أو غيرها .. وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة: فيها المعنيان؛ ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار بل هي قسم ثالث يُعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويُقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه ا- هـ.

          قلت: وهذا الحكم يُحمل على أكثر أمصار المسلمين في هذا العصر لتطابق أوصافها مع أوصاف بلدة ماردين التي سُئل عنها شيخ الإسلام.

          أما قولك عن أهل مصر وغيرها من أمصار المسلمين ـ على التعميم ومن دون استثناء ـ بأنهم كفروا وارتدوا ووقعوا في جميع نواقض الإيمان .. فهو وصف غير دقيق ولا صحيح، ولا ينم عن دراية بأحوال الناس ومجتمعاتهم .. وله نتائج سيئة على دينك وآخرتك!

          فالفتوى الشرعية ـ كما ذكرت! ـ يُشترط لها الدراية بواقع المسألة، وبالأدلة الشرعية المطابقة لهذا الواقع .. وهذا ما لم تلتزم به في حكمك المتسرع ـ على العباد ـ الآنف الذكر!

          وعليه فأقول: من أظهر شهادة التوحيد .. أو الصلاة ونحو ذلك من القرائن التي تدل على إسلامه .. وجب الإقرار له بالإسلام .. والتعامل معه معاملة المسلمين .. من صلاة خلفه .. أو أكل لذبيحته وغير ذلك، ولا يجوز أن يُعامل بخلاف ذلك .. أو يُحكم له بالكفر والخروج من الإسلام إلا إذا أظهر الكفر البواح ـ من غير مانع شرعي معتبر ـ لنا فيه من الكتاب أو السنة برهان قاطع.

          فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذاك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله " البخاري.

          وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع ذات يومٍ رجلاً ـ وهو في غزوة من غزواته ـ يقول: الله أكبر، الله أكبر، فقال -صلى الله عليه وسلم-:" على الفطرة "، فقال: لا إله إلا الله، فقال -صلى الله عليه وسلم-:" خرجت من النار ".

          هذا حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- .. فاحذر أن تخالف حكمه وأمره .. فتهلك وتضل.

          أما الصلاة خلف مستور الحال فقد نقل شيخ الإسلام اتفاق الأئمة على ذلك، فقال 4/542: وتجوز الصلاة خلف كل مسلم مستور باتفاق الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين، فمن قال: لا أصلي جمعة ولا جماعة إلا خلف من أعرف عقيدته في الباطن فهذا مبتدع مخالف للصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ وأئمة المسلمين الأربعة وغيرهم ا- هـ.

          ثم اعلم أن هذا الاعتقاد الذي أنت عليه ـ إضافة إلى كونه مخالفاً للكتاب والسنة، وفهم الصحابة وما كان عليه الأئمة الأربعة وغيرهم ـ فإن مبدأه من الشيطان ونفخه .. وإن منتهاه إلى شؤم وغلو شديد في الدين .. وربما ينتهي بك المطاف إلى أن لا تعتقد بوجود مسلم على وجه الأرض غيرك .. وربما يصل بك الحال أن تكفر نفسك في اليوم عدة مرات .. كما حصل ذلك لأناس غيرك بدؤوا نفس بدايتك هذه .. وإني أعيذك من ذلك!

إرسال تعليق

 
Top