س179: فكون تارك الصلاة كافراً فهذا واضح .. ولكن من أي وجه يكون تارك الصلاة مشركاً .. وهل يوجد فرق بين الكفر والشرك؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. كون ترك الصلاة شركاً وتاركها يكون مشركاً، فهو أولاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ترك الصلاة شركاً، وتاركها مشركاً كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"بين العبد والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك". فلا بد من أن نسمي الأشياء بأسمائها الشرعية وفق ما سماها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما من أي وجه يكون الشرك ..؟
أقول: يكون من جهة طاعة هواه في ترك الصلاة .. فالهوى في هذه الحالة يكون هو المعبود المألوه المطاع من دون الله تعالى، كما قال تعالى:)أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً(.
أما عن وجه الخلاف بين الكفر والشرك ..؟
الجواب: أن الكفر إذا أطلق مفرداً فإنه يشمل الكفر والشرك .. وكذلك الشرك إذا أطلق مفرداً فإنه يشمل الكفر والشرك، ويكون الكفر بمعنى الشرك، والشرك بمعنى الكفر، وكل منهما شامل لمعنى الآخر.
فعندما تقول: فلان مشرك .. أي أنه مشرك وكافر، وكذلك عندما تقول: فلان كافر .. فهو يكون بذلك كافر ومشرك، كما في قوله تعالى:)لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ(. ولا شك أن الذي يقول أن الله ثالث ثلاثة يكون بقوله هذا مشركاً كما يكون كافراً.
أما إن اقترنا أو اجتمعا في نص واحد فحينئذٍ يكون لكل منهما معناه المختلف عن الآخر، كما في الحديث الصحيح:"بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". فالشرك هنا يراد به عبادة غير الله عز وجل من جهة طاعة وتأليه الهوى المتبع كما تقدم .. أما الكفر فإنه يُراد به أنه جحد ما يجب عليه من صلاة .. وجحد نعمة الصلاة .. وحق الله عليه .. والجحود ـ كما بينا ذلك في مواضع عدة ـ يكون من جهة العمل والقول، كما يكون من جهة الاعتقاد .. فحصر الجحود في الاعتقاد القلبي مغاير لنصوص الشريعة .. وهو أقرب ما يكون إلى مذهب جهم الضال.