س160: عندي سؤال: وهو أن اثنين من أشقائي كافرين ملحدين، أحدهم يتبجح بإلحاده، وسخره من الإسلام والمسلمين، وهو كثير الجدال ولنقاش!
الثاني أكثر هدوءاً منه ومع أنه كثير الجدال والنقاش أيضاً إلا أنه يرى أن على الجميع احترام آراء الآخرين، ويجب أن يسود جو الحب والتفاهم والوئام الجميع رغم اختلاف الأفكار .. أبي وأمي وجميع الأقارب تقريباً لا يرون بأساً في هذا الأمر، ويقولون إن اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية، لكنني حذر من هذه القضية لالتزامي بشرع الله، وتقيدي بأحكامه .. وأود أن أعلم كيف التعامل معهما وبخاصة في أمور المجاملات والسهرات العائلية التي تتسم بقول النكات والضحك والمرح، مع العلم أننا نسكن تحت سقف واحد .. وبارك الله بكم ؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. من خلال ما وصفت في سؤالك فأنت شاب مبتلى .. كان الله في عونك، وآجرك خيراً على مصابك وصبرك على بلائك!
والذي نفيدك به هنا: أنه لا توجد ولاية بينك وبين أخويك؛ فالكفر الذي هما عليه يقطع ما بينكما من ولاء، ومحبة، وود .. كما قال تعالى:) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (المجادلة:22.
وقال تعالى:) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (الممتحنة:4.
أفادت الآية الأولى: أن المؤمن لا يمكن أن يواد من حاد الله ورسوله .. وأفادت الآية الثانية: أن المؤمن لا بد له من أن يظهر العداوة والبغضاء لمن حاد الله ورسوله .. ولو كانوا من قومه أو أقاربه .. وألصق الناس به .. حتى يؤمنوا بالله وحده.
فالموالاة والمعاداة .. والحب والكره .. كل ذلك يجب أن يُعقد في الله U وحده .. وعلى أساس الانتماء إلى العقيدة والتوحيد .. وليس في أي آصرة أو رابطة أخرى .. ودين المرء لا يستقيم له إلا بذلك.
وقول أقاربك:" اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية! " يُطلق في المسائل التي تقبل الخلاف شرعاً وعقلاً .. أما في مسائل الكفر والإيمان .. مسائل العقيدة والتوحيد .. لا يجوز إطلاق هذا القول؛ لأن إطلاقه في هذا الموضع مؤداه إلى إبطال مئات النصوص من الكتاب والسنة التي تلزم المسلم بمفاصلة ومقاطعة الكافر ـ وبخاصة إن كان كفره من جهة الردة ـ وعدم اتخاذه ولياً .. ولو كان من ذوي القربى.
ويلزم كذلك أن خلاف نبينا -صلى الله عليه وسلم- مع أبي جهل .. وكذلك خلاف أبي بكر الصديق t مع مسيلمة الكذاب .. لا يفسد للود بينهما قضية .. وهذا لا يقول به مؤمن يعرف ربه!
وكونك تعيش مع أخويك في بيت واحد .. وتحت سقف واحد، ننصحك بما يلي:
1- أن تعتزل المجالس التي يُكفر أو يُستهزأ بها بالله عز وجل .. ولو ابتليت بمجلس يُستهزأ به بالله عز وجل يجب عليك الإنكار، أو القيام ..!
2- أن تصل أخويك بالوسائل النافعة من كتاب أو شريط .. أو تتحدث معهما ما علمت أن ذلك نافع لهما .. وطمعت بهدايتهما .. فإن رجح لديك خلاف ذلك تعتزلهما ولا تقربهما بشيء .. حتى يؤمنوا بالله وحده.
3- أن تدعو لأخويك في ظهر الغيب بالهداية .. فعسى الله أن يهديهما على يديك .. فلأن يهدي الله على يديك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم.