GuidePedia

0


س59: لقد جاء في جوابك على شروط الخروج على الحاكم أنه يجب أن يكون كافراً كفراً بواحاً .. وسؤالي هو: هل كل حاكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً أم أن هناك تفصيل ؟
          فإن كان هناك تفصيل وقلتم أن حاكماً ما ليس بكافر مع أنه لا يحكم بما أنزل الله فهل يصح أن يقال أنه يجب الخروج عليه وإن لم يكن كافراً، وإنما يخرج عليه بسبب حكمه بما أنزل الله .. وبعبارة أوضح! هل يصح القول التالي: أن كفر الحاكم ليس شرطاً في الخروج عليه، وإنما عدم تطبيقه للشريعة كافٍ للخروج عليه وإن لم يكن كافراً ..؟!
          إن هذا الأمر يا شيخ يثير كثيراً من الكلام فهلا تفضلتم بتفصيل المسألة .. وبيان القول الراجح لكي نقفل جميع أبواب الإفراط والتفريط .. وجزاكم الله خيراً ؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين . الحاكم بغير ما أنزل الله نوعان: نوع يكفر؛ وصفته أن يحكم بغير ما أنزل الله استخفافاً، واستهانة، وجحوداً لحكم الله تعالى، أو استحلالاً للحكم بغير ما أنزل الله، أو أنه يستبدل شرع الله تعالى بشرائع الطاغوت ويقدمها عليه، أو أنه يُعطل العمل بمجموع الشريعة أو بعضها؛ وما حمله على ذلك إلا البغض والعداوة والكره لما أنزل الله تعالى من الشرائع .. والبعض الذي وافق فيه حكم الشريعة فهو يحكم به لأن إرادة الشعب قضت بذلك، أو لما فيها من
المصالح للعباد والبلاد .. وليس عبادة وطاعة وانقياداً لله تعالى؛ وليس لأن الله تعالى أمره بها .. فهذا الحاكم يكفر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، وهو الذي يجب أن يُخرج عليه بالقوة، وينازع على الولاية والحكم . 
          ونوع آخر من الحكام لا يكفر، وصفته: أنه يكون منقاداً بمجموع حكمه وأحواله لشرع الله تعالى، محباً له، راضياً به .. ثم هو مع ذلك تظهر منه بعض الزلات لهوى أو اجتهادٍ معتبر وغير معتبر .. يخالف فيها حكم الله تعالى .. فهذا وأمثاله حمل عليه أهل العلم كابن عباس وغيره قولهم: كفر دون كفر .. ليس بالكفر الذي تذهبون إليه!
          فهذا النوع من الحكام وإن وصفوا في بعض أحوالهم ومواقفهم أنهم لا يحكمون بما أنزل الله .. إلا أنههم لا يكفرون لمجرد ذلك، وبالتالي لا يجوز الخروج عليهم بالقوة، ومنازعتهم على الولاية والحكم، على تفصيل ذكره أهل العلم ليس هنا موضع بسطه .. وقولنا لا يجوز الخروج عليهم بالقوة ، أو منازعتهم على الولاية لا يُفهم منه أبداً عدم مناصحتهم، أو عدم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة، وبالموعظة الحسنة ..!
          والأمثلة على هذا النوع من الحكام تجدها ظاهرة في نماذج الحكم منذ المرحلة الأموية وإلى نهاية عهد حكم العثمانيين .. ومن لم يفصل هذا التفصيل المتقدم ـ الذي قال به السلف ودلت عليه نصوص الشريعة ـ لزمه والعياذ بالله أن يقول بكفر جميع حكام المسلمين منذ العهد الأموي وإلى نهاية العهد العثماني القريب .. وهذا لا يقدم عليه إلا كل مغالٍ هان عليه دينه !
          من خلال ما تقدم ـ تعلم يا أخي ـ أن العلة في الخروج على الحاكم هو كفره وليس لكونه لم يحكم بما أنزل الله في موقعة من المواقع .
          أما قولك:" عدم تطبيقه للشريعة .. وإن لم يكن كافراً " فهو قول غير دقيق ولا سديد؛ لأن الذي لا يُطبق الشريعة ويقصيها عن واقع حياة الناس .. فهذا لا يكون مؤمناً، ولا يكون إلا كافراً .. والله تعالى أعلم .

إرسال تعليق

 
Top