GuidePedia

0

          س168: أنت تعرف يا شيخ أن القبور والمزارات منتشرة في كثير من أنحاء البلاد فمررت بأحدها فرأيت الناس يُشركون بالله بأنواع شتى من أنواع الشرك كدعاء الميت، والتمسح بقبره والطواف به وغير ذلك من أنواع الشرك.
          فهل يجوز تكفيرهم أم لا .. قوله تعالى:) وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ( ليس فيها دليل على عدم التكفير؛ لأن الله عز وجل قال) وما كنا معذبين ( ولم يقل وما كنا مكفرين .. فالمرجو منك يا شيخ أن تبين لنا الدليل على عدم جواز التكفير قبل قيام الحجة من كتاب الله، وسنة رسوله وأقوال العلماء الربانيين.
          ثم هل يصح لنا أن نقول كقاعدة كل ما ارتكب فعلاً أو قال قولاً حكم العلماء على هذا الفعل أو القول بأنه من الكفر أننا نكفر الفاعل أو القائل بعينه، أما بالنسبة للعذاب فإنه يكون بينه وبين ربه بحسب قيام الحجة عليه .. وجزاكم الله خيرا ؟
          الجواب: الحمد لله رب العالمين. هؤلاء الذين يطوفون بالقبور ويدعونها هم واحد من اثنين: إما أنه كافر أصلي، وإما أنه مسلم.
فإن كان كافراً ولم يسبق له أن دخل الإسلام .. فإن بلغته نذارة الرسل .. فهو كافر بعينه معذب يوم القيامة إن مات على كفره. وإن لم تبلغه نذارة الرسل فهو كافر بعينه .. لكن لا يُجزم بعذابه يوم القيامة .. فأمره إلى الله تعالى حيث يجري له اختباراً في عرصات يوم القيامة .. وعلى ضوئه فهو إما إلى الجنة وإما إلى النار.

أما إن كان مسلماً سبق له أن دخل الإسلام ثم قارف شيئاً من هذه الأعمال الشركية الآنفة الذكر في السؤال .. فإن كان قد بلغه القرآن الكريم .. وكان طلب العلم متيسراً له لو حرص عليه .. فهو كافر بعينه معذب يوم القيامة إن أدركته المنية وهو لا يزال على كفره .. ولا يُعذر بالجهل. 
أما إن كان حديث عهد بالإسلام .. ولم يبلغه من العلم ما يدفع عنه هذا الجهل .. ولم يستطع أن يقف على العلم ـ رغم حرصه عليه ـ الذي يدفع عنه الجهل بما قد خالف فيه .. الصواب في هذه الحالة أن يُقال بكفر قوله وفعله .. دون الحكم عليه بعينه أنه كافر .. أو يُجزم بعذابه يوم القيامة. 
وهؤلاء الذين رأيتهم يطوفون حول القبور .. أنت أدرى بهم وبوصفهم .. وبالتالي من أي صنف هم .. وأي حكم يُحمل عليهم.
والجواب على سؤالك الثاني أقول: قاعدتك التي ذكرتها لا تصح .. والصواب أن يُقال: من أظهر لنا الكفر البواح ـ من غير مانع شرعي معتبر ـ أظهرنا له التكفير .. وحكمنا عليه بالعذاب يوم القيامة لو مات على كفره وشركه.
ثم أن الحكم على المعين بأنه كافر ـ وبخاصة إن سبق له أن كان مسلماً ـ يترتب عليه آثار وأحكام في الدنيا والآخرة .. فالقضية ليست مقصورة على وعيد أو عذاب الآخرة .. وبالتالي  فبأي حق تُلحق به الآثار المترتبة عليه في الدنيا .. مع اعتقادك أنه جاهل معذور بالجهل .. فقوله تعالى:) وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ( كثير من أهل العلم يحملها على الوعيدين والعذابين: وعيد وعذاب الدنيا .. ووعيد وعذاب الآخرة .. أي أن العذاب والوعيد لا يطالهم في الدنيا والآخرة إلا بعد أن تبلغهم نذارة الرسل.
فإن قلت: علام حكمت إذاً على الكافر الأصلي المعذور بالجهل .. الذي لم تبلغه نذارة الرسل .. بالكفر بعينه .. وهذا وعيد في الدنيا؟
أقول: حكمنا عليه بالكفر بعينه لأنه لم يدخل الإسلام .. والإنسان إما أن يكون كافراً وإما أن يكون مسلماً .. والمرء لا يكون مسلماً إلا بالشهادتين أو بقرينة شرعية ظاهرة تنوب عنهما .. وهذا لم يأت بشيء من ذلك.
ثم حُكمنا عليه بعينه بالكفر لا يترتب عليه من جهتنا موقف عملي .. كجهاده .. واستحلال حرماته ونحو ذلك .. إلا بعد أن نبلغه الدعوة والنذارة فيقابلها بالصد والإعراض .. والله تعالى أعلم.
هذا باختصار شديد .. فإن أردت مزيداً من الأدلة والتفصيل يمكنك مراجعة رسالتنا " كبوة فارس " وكتابنا " العذر بالجهل " الذي نرجو أن نتمكن من نشره في موقعنا على الإنترنت قريباً إن شاء الله. 

ولمزيد من الفائدة انظر أرقام الأسئلة التالية:62،109،129،130،131،140،155.

إرسال تعليق

 
Top