GuidePedia

0
س178: في مسألة الكفر بالطاغوت باللسان لا بد أن تقول للطاغوت نفسه أنت كافر .. أو بطريقة تصل إليه أو لأعوانه .. أم يكفي بها التلفظ بها عند بعض الإخوة .. أم لا بد أن تُعلن أمام الناس ..؟؟
          ثم كيف يكون الكفر بالطاغوت عملاً .. هل يكون بمحاولة قتل الطاغوت .. أو قتل أعوانه .. أم الموضوع يحتاج إلى سياسة شرعية .. نرجو التوضيح ؟؟
          ثم أولئك الناس الذين يزعمون الكفر بالطاغوت بألسنتهم .. وبنفس الوقت تراهم يوالون الطواغيت ويكثرون الجدال عنهم .. هل هم بذلك كفار ؟؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. اعلم أن إظهار العداوة والبغضاء للطاغوت وجنده وأعوانه، وعبيده من أوكد واجبات هذا الدين، كما قال تعالى:)قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(.
          لكن هذا الواجب هو كغيره من الواجبات الشرعية يُشترط له القدرة والاستطاعة .. فالمرء يُظهر من العداوة والبغضاء بالقول والعمل .. بقدر ما يستطيع من ذلك .. ومن دون أن يكلف نفسه مالا يطيق حتى لا يذل نفسه، ويقع فيما لا طاقة له به، كما جاء ذلك في الحديث:" ليس بمؤمن من أذل نفسه .. يُعرض نفسه للبلاء ليس له به طاقة ". فكل امرئٍ أدرى بنفسه وبطاقته وقوته .. وبالتالي لا ينبغي لكل امرئٍ أن يُلزم الآخرين بما يُلزم به نفسه قوة أو ضعفاً .. إقداماً أو إحجاماً.
والكفر بالطاغوت عملاً ليس مقصوراً على قتله أو قتاله ـ كما ورد ذلك في السؤال ـ وإنما منه ما يكون بمفاصلته والبراء منه، وعدم مجالسته، أو موالاته أو نصرته أو تكثير سواده وقوته في شيء .. وغير ذلك من الأعمال والله تعالى أعلم.
أما أولئك الذين يزعمون باللسان أنهم كافرون بالطواغيت .. ثم في واقع حالهم يوالونهم ويجادلون عنهم .. فهؤلاء يناقضون أنفسهم بأنفسهم .. ومثلهم مثل من يقول بالشيء وضده في آنٍ معاً، وعليهم وعلى أمثالهم يُحمل قوله تعالى:)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ(. 
أما هل هم بجدالهم هذا يكفرون ويخرجون من الملة ..؟
أقول: لا بد من النظر إلى نوع الجدال .. ودوافعه وأسبابه .. إذ ليس كل جدالٍ يلزم منه كفر صاحبه؛ كما هو ثابت من قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة لما غضب لرأس النفاق ابن أبي كما في قصة الإفك:" كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين" وذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم.
والشاهد أن سعد بن عبادة رضي الله عنه رغم وقوعه بنوع جدال عن رأس النفاق ابن أبي إلا أنه لم يكفر .. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لأسيد بن حضير أن سعداً لم يقع في الجدال عن ابن أبي .. مما دل أن الجدال كالموالاة: منه المكفر، ومنه دون ذلك.. لا بد عند الحكم على المجادل عن الطواغيت من النظر إلى نوع وحجم جداله .. وإلى دوافعه وأسبابه  .. وإلى شخص المجادِل عنهم ودرجة شبهاته .. وإلى الطاغوت ـ ومدى درجة وضوح طغيانه ـ الذي يُجادَل عنه، والله تعالى أعلم.

إرسال تعليق

 
Top