GuidePedia

0


س497: شيخنا الفاضل - حفظك الله من كل سوء - ما حكم الذي يقول أنه يتمنى ضرب العراق من قبل الأمريكان ، لعدة أسباب سردها كالتالي :
أولاً : أن احتلال أمريكا للعراق لا يغير من الأمر شيئاً ، فالحكومة ستبقى كافرة ، سواء أكان الحاكم صدام أم أي أمريكي كافر . فلا شيء في النظام البعثي الكافر يؤسف عليه . فجيش صدام الكافر سيحارب جيش أمريكا الكافر ، فيذوق الكافرون بأس بعض ، مما يجعلنا ننتقل إلى النقطة التالية :

ثانياً : سيفقد صدام سيطرته على كل العراق وستعم الفوضى فيه ، مما يتيح للحركات الإسلامية الحصول على السلاح بسهولة بالغة وتكوين جماعات جهادية مناهضة للأمريكان وللنظام ، واستقطاب العديد من المجاهدين العرب للجهاد في العراق ضد الأمريكان ومن ثم ضد النظام ، مما سيسمح في المستقبل بقيام خلافة إسلامية في العراق كما حدث في أفغانستان .
ثالثاً : هو لا يؤيد قتل المسلمين ، بل يأسف ويحزنه ذلك ، بل ويخطط للانتقام لهم بذهابه لحرب الأمريكان في العراق ، ويقول : إنَّ من تمنى الحرب ضد العراق ليكون الحاكم من بعده أمريكا ، فهو كافر . هو يقر بذلك ، كما أنه يقول : إن أمريكا إذا شنت الحرب على العراق , سينتقم المسلمون منها ، وهذا هو غايته مِن تمني هذه الحرب ، إذ إنه يقول : إن الأمة الإسلامية يجب أن تعيش في واقع الحرب حتى تستيقظ وترفع راية الجهاد ، كما حدث في فلسطين والشيشان وأفغانستان وغيرها من الدول الإسلامية ، فسيرجع المسلمون إلى دينهم وسيعلمون الخطر الكبير الذي يتربص بهم ، فيعدون العدة . كما أنه يجادل ويقول : لولا الغزو الروسي لأفغانستان لما سمعنا بشيء اسمه جهاد , ولما عايناه ولما عرفناه ، فحدث بهذا الغزو الروسي لأفغانستان الخير الكثير ، حيث رجع كثير من المسلمين إلى دينهم ، بغض النظر عن الشهداء الذين استشهدوا في تلك الحرب ، فنحن لن نبلغ المجد حتى نلعق الصبر ، وحتى نضحي بدمائنا وأرواحنا في سبيل الله .
هذه أسبابه التي ذكرها ، وأنا سمعت من بعض المشايخ من يقول : إن من يؤيد الحرب ضد العراق فهو كافر .
فهل صاحبنا هذا آثم بهذا الاعتقاد أم كافر .. مع العلم أنه لا يؤيد الضربة بالمال أو المشورة أو أي شيء آخر ، سوى أنه ينشر أفكاره هذه بين رفاقه ، حتى اقتنع كل من جادله بهذا .. أفتونا يا شيخ مأجورين ..؟؟
جـ: الحمد لله رب العالمين. صاحب هذا القول لا هو كافر، ولا هو آثم بسبب قوله أو رأيه الآنف الذكر، وكما هو مبين في السؤال .. وإنما هو اجتهاد خاطئ، وذلك من أوجه:
منها: أن هذه الحرب لا تستهدف صداماً .. ولا حرسه الخاص به .. وإنما تستهدف قوة العراق .. وسلاح العراق .. وعلماء العراق .. وشعب العراق.
كما تستهدف ثروات العراق .. ومزيد من التحكم بثروات ومقدرات الأمة من خلال الاستيلاء على العراق وثرواته .. ولو تحقق لهم ذلك على الوجه الذي يريدونه .. لما أعلنوا عن حربهم هذه .. ولا فكروا بإزاحة صدام عن الحكم .. والذي يُتابع تصريحات بوش وبلير وغيرهما من حكام الغرب .. يدرك ذلك.
فهم أكثر من مرة يؤكدون أن هدفهم أولاً أسلحة العراق .. وتدمير قدرات العراق .. فإن تحقق لهم ذلك لم تعد لهم مشكلة مع صدام .. وهذا مما يجعلنا نؤكد أن البعد الإنساني .. والدفاع عن حقوق الإنسان العراقي .. والعربي .. والمسلم .. مغيب عن أذهانهم ـ كسبب للحرب ـ تماماً .. وإن تظاهروا به أحياناً عبر وسائل إعلامهم .. بل هم يعلمون أن مصالحهم في المنطقة تكمن في أن تظل هذه الشعوب مقهورة ومُداسة بالحذاء .. لذا فهم على مدار أكثر من خمسين عاماً لا يترددون في دعم الأنظمة الدكتاتورية الطاغية بكل وسائل الدعم والتأييد .. ما دامت هذه الأنظمة الطاغية تحقق لهم أهدافهم وأطماعهم .. ومن يظن غير ذلك فهو واهم .. لا يعرف الغرب ولا سياساته! 
ومنها: إضافة لما تقدم .. فإن ضحايا هذه الحرب .. ستكون أولاً من شعب العراق المسلم .. ومن أطفاله ونسائه .. ووعود أمريكا الوردية حول ذلك .. تكذبها أفعالها في أفغانستان وفلسطين .. وغيرها من البلدان.
ومنها: أن هذا القول يتنافى مع توجيهات الحديث النبوي الشريف؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم:" يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله تعالى العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا .." وصاحبكم لا يخفي تمنيه ..!!
ومنها: أن أمريكا قد غزت واستولت ـ عملياً ـ على بلاد المسلمين كلها ابتداء من سقوط أفغانستان بأيديهم .. وانتهاء إلى استيلائهم وتحكمهم بمقدرات الجزيرة والخليج العربي برمته .. وبشكل مباشر وغير مباشر .. ألا يكفي المسلمين ذلك ليعلنوا الحرب والجهاد دفاعاً عن حرماتهم وحقوقهم ومقدساتهم .. هل ينقص المسلمين أدلة وبراهين تثبت إجرام أمريكا ومن دخل في حلفها .. بحقهم .. وحق دينهم وبلادهم .. لكي نقول: لا نجاهد أمريكا حتى تغزو العراق .. وتستولي عليه ..؟!
هذا القول مثله مثل من يقول للص الذي يسطو عل بيته .. فيأخذ ماله كله .. ويعتدي على أهله وعرضه .. ويعيث في بيته فساداً وخراباً .. ثم هو مع ذلك يقول: لا يكفي ذلك .. لا أعلن الجهاد لطرد هذا اللص الغازي .. حتى يأخذ الكرسي التي أجلس عليها .. كل الذي فعله لا يبرر لي الجهاد ولا النهوض .. ولكن إذا اقترب من الكرسي التي أنا عليها .. فحينئذٍ ..!!!
هذا معنى قول صاحبكم .. ولا نطيل في الرد عليه أكثر من ذلك .. والله تعالى أعلم.
والذين قالوا من أهل العلم بكفر من أعان أو أيد أمريكا على ضرب العراق .. لا يريدون ولا يقصدون هذا النوع من التأييد أو التأويل الذي قال به صاحبكم .. وإنما أرادوا أن من يقف مع أمريكا ـ بأي نوع من أنواع الدعم والنصرة ـ في حربها ضد العراق وأهله .. فهو الكافر .. فصاحبكم يؤيد نشوب الحرب .. وكلام أهل العلم فيمن يؤيد أمريكا وينصرها على المسلمين .. فالفرق واضح وبين، والله تعالى أعلم.

إرسال تعليق

 
Top