GuidePedia



بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله، والصلاة والسّلام على رسول الله، وبعد.
          فقد استمعت لكلمة الشيخ أيمن الظواهري، والمعنونة بـ "شهادة لحقن دماء المجاهدين بالشَّام"، ولما للكلمة من أثرٍ على الجهاد الشامي، وثورة أهل الشام .. وجدت نفسي مُلزَماً بأن أسجل عليها الملاحظات التّالية:

          1- جاءت كلمة الشيخ ــ كما أفاد ــ استجابة لدعوة رجل .. عُرِف بنصرته الشديدة لجماعة الدولة ولأعمالها .. وتشنيعه وتجريمه لمخالفيها ومناوئيها من أهل الشام ومجاهديهم .. وظل على موقفه هذا ــ رغم ما ارتكبته جماعة الدولة من مجازر وجرائم تقشعر منها الأبدان بحق الإسلام والمسلمين، والمجاهدين على أرض الشام ــ إلى أن أظهر الدواعش آراءهم في تضليل القاعدة، وأميرها .. وأنه قد غيّر وبدّل .. فغير حينئذٍ موقفه منهم .. ورماهم بأنهم خوارج .. وأشد جرماً وانحرافاً من الخوارج ــ كما في بيانه براءة ومفاصلة ــ فكانت غضبته .. وكان انقلابه على داعش من أجل القاعدة، والظواهري .. وليس من أجل مجاهدي الشام .. وما نالهم ــ وثورتهم، وجهادهم وإسلامهم ــ من شر وضرر على أيدي الدواعش الأشرار .. إلى أن انتهى حاله أن يكون لا هو مع الدواعش الأشرار .. ولا هو مع الأحرار من مجاهدي وأبطال الشام!
          فأنت يا شيخ أيمن استجبت لدعوة رجل هذا هو وصفه، وهذا هو موقفه من الجهاد الشامي، وما يحصل على أرض الشام من تدافع بين أبطال ومجاهدي الشام من جهة، وبين خوارج وغلاة داعش من جهة أخرى ..!
          2- بعد أن اجتمع كثير من العقلاء والعلماء على أن الدواعش خوارج غلاة .. وفيهم من خصال الشر والنفاق والغدر والخيانة ما يجعلهم أشد من الخوارج الأوائل .. حتى أنتم في كلمتكم ورثائكم لأبي خالد السوري رحمه الله .. قد وصفت جماعة الدولة بما يفيد إجرامهم وغلوهم وأنهم أقرب لمجرمي وغلاة الجماعة المقاتلة في الجزائر .. بعد كل ذلك .. عدت أدراجك ــ في كلمتك الأخيرة ــ لتصف المجرم السفاح " إبراهيم عواد " الملقب بالبغدادي .. بألقاب التفخيم والتكريم والتبجيل .. تستعطفه العودة للطاعة .. والدخول في صفوف القاعدة من جديد .. فأربكت بذلك أتباعك، وأنصارك .. بعد أن تابعوك في توصيف الدواعش بأنهم خوارج وغلاة .. ومجرمين!
          وفي الأثر: "من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام".
          3- أظهرت الكلمة أن خلاف القاعدة، وأميرها .. مع "الدواعش" جماعة الدولة .. خلاف تنظيمي حول الدخول في الطاعة .. وعدمه .. وليس حول غلو وشذوذ وانحرافات وجرائم "داعش" وأثرها السيء على الجهاد في الشام، وعلى مستقبل الإسلام في الشام .. مما أعطى انطباعاً لكل مراقب .. أن القاعدة وداعش ــ في المنهج والغلو، وتكفير المخالفين ــ شيء واحد .. لا خلاف بينهما .. وإنما الخلاف فقط على أمور تنظيمية إدارية .. تنتهي بدخول المجرم القاتل الخارجي البغدادي في طاعة أمير القاعدة!
          وهذا يعني على القاعدة .. أن تتحمّل تبعات كل ما يُنسب لجماعة الدولة .. من غلو .. وظلم .. وبغي .. وفساد .. وجرائم ترتكبها في العراق والشام سواء!
          4- أمرُكَ للشيخ الجولاني، وجبهة النصرة بأن تتوقف عن قتال خوارج وغلاة الدواعش فوراً .. ومن دون أن تعطيهم حق الدفاع عن النفس .. وعن مقراتهم .. ومواقعهم .. والحرمات التي يحمونها .. يعني أنك قد ذبحت جماعتك وأتباعك بنفسك .. وقدمت رؤوسهم على طبق من ذهب .. لخوارج وغلاة داعش .. فوضعت أتباعك بين خيارين كلاهما مر .. فهم إن أطاعوك قتلوا أنفسهم بأنفسهم على أيدي مجرمي وسفاحي خوارج وغلاة داعش .. وإن دافعوا عن أنفسهم وعن مقراتهم وحرماتهم .. سيُقال عنهم أنهم قد خالفوا وعصوا أمر أميرهم .. ويا لفرحة الدواعش الغلاة بهكذا أمر .. وهكذا نتيجة!
          5- أثبتت كلمة الشيخ ــ وغيرها من الكلمات ــ حول الأحداث الجارية في الشام .. أن الشيخ يفتقد الرؤية الصحيحة للواقع الشامي .. والجهاد الشامي .. وأنه متابع بطيء للأحداث المتسارعة على أرض وثرى الشام الطهور .. ومن كان كذلك، فالأولى به .. والأسلم .. أن لا يخوض فيما لا علم له به.
          6- أعتقد أن دور القاعدة قد انتهى .. وأن ضررها يغلب نفعها .. فضلاً عن أن تعتبر نفسها قدر الأمة، وخيارها الأوحد الذي لا تجوز الحيدة عنه؛ فلا حراك ولا جهاد إلا عن طريقها، وتحت اسمها .. وإلا فسوء الظن .. وعبارات التشكيك والتضليل .. والانتقاص .. ستطال كل من يجاهد عن غير طريقها .. وطريقتها!
          آن الأوان لأن نعطي الأمة والشعوب المسلمة الحق في الدفاع عن نفسها .. وعن حقوقها .. وحرماتها .. وآن الأوان للقاعدة .. وللمسميات التي تحاكيها وتحاكي أسلوبها في العمل .. أن تُسلّم الراية للأمة لتقود نفسها بنفسها .. من غير وصاية من أحد .. كما كان العهد في زمن النبوة الأشرف .. وزمن الخلفاء الراشدين .. ومن جاء بعدهم من الأمويين، والعباسيين، والعثمانيين.  

عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
4/7/1435 هـ ــ 3/5/2014 م.

 
Top