بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، وبعد.
لا بد من كلمات ضرورية نقدم بها بين يدي
الموضوع ليفهم أهلنا في الشام بخاصة، وما سواهم بعامة المراد: فقد طلب أبو قتادة
الفلسطيني من الجهات المختصة في بريطانيا الأمان واللجوء السياسي، فأعطوه الأمان،
وقبلوا لجوءه .. وعاملوه كما يُعامَل كأي لاجئ سياسي .. وصرفوا له ما يستحقه أي
لاجئ سياسي من الحقوق .. وكان الرجل لا يقصّر في مطالبتهم بأي حق يستحقه منهم!
ومع ذلك كان يرى أنه لا يوجد بينه
وبينهم عهد، ولا أمان .. فكان يوصي من حوله "من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام"،
بالغدر، والسرقة، والسطو على حرمات، ومحلات، وأموال القوم .. على اعتبار أن ما
يفعلونه من الغزو، والجهاد .. وما يحصلون عليه من سرقات حلال، وهو أطيب كسب ــ كما
كان يقول مراراً ــ لا ينبغي أن يُستحَى منه .. على أن لا ينسوا خمس الغنائم ..
فهذا لا حظ لهم فيه .. وكانوا غالباً ما يأتون به إليه!
وقد توسّع الخرق إلى أن بعض ضعاف النفوس
ممن أخذوا بفتوى الرجل قالوا: إذا حلت لنا أموالهم، فقد حلت لنا الفروج ... فالذي
يبيح المال، يبيح الفروج .. وإن كان الرجل ــ بحسب علمي ــ لم يفتِ بذلك!
فكانت لدعوته هذه أكبر الأثر السيء على
الإسلام والمسلمين في بلاد الغرب .. وعلى أخلاق وسلوك عدد من الشباب المسلم ..
فأنكرنا عليه وقتها بشدة .. ونصحناه سراً، وعلانية .. وبيّنا له أن هذا العمل من
الغدر .. لا يجوز .. وهو يتنافى مع تعاليم وقيم وأخلاق ديننا الحنيف .. وقد حاضرنا
في ذلك عدة محاضرات، وكتبنا مؤلفاً مستقلاً في الرد عليه، وعلى الشبهات التي كان
ومن معه يثيرونها حول هذا الموضوع .. فأسمينا الكتاب "الاستحلال"،
للتعبير عن استحلالهم للسرقة والغدر .. وهو منشور في موقعنا لمن يريده.
ولما اعتقل الرجل في سجون القوم ..
لطّفنا العبارة .. وحسّنا به الظن .. ورجونا أن يكون السجن طهوراً له، وسبباً في
مراجعة نفسه حول جملة من القضايا الهامّة .. منها ما تقدم ذكره أعلاه.
لكن أفاجأ أنه لم يغير ولم يبدل، ولم
يتراجع عن شيء من تلك الأفكار والأخلاقيات اللصوصية الباطلة، والمنفرة .. والتجارب
لم تعلمه شيئاً .. بل لا يزال على غلوه، وشطته، وشراهته الأولى في السطو على
الحرام .. فها هو ينشّط دعوته للسطو والغدر، والسرقة من جديد .. ولكن هذه المرة
على أرض الشام المباركة .. وفيما بين المسلمين والمجاهدين .. ومع أهل الشام
المنكوبين .. ولولا ذلك ــ يعلم الله ــ لما كتبت هذه الكلمات.
فهو بعد أن حرّم على أهل الشام ومجاهديهم
ــ الذين حلت لهم الميتة منذ أكثر من أربع سنوات ــ تلقي أي مساعدة من أي طرف دولي
أو إقليمي .. وجرّم وأثّم وخوّن من يفعل ذلك .. يوصي الطرف الذي يصغي إليه، وإلى
توجيهاته، وتعليماته، من مجاهدي الشام، بتفعيل فتوى "الاستحلال" لتأمين
مصاريف الجهاد كما يزعم؛ أي استحلال الغدر، والسرقة، والسطو .. على أموال ومقرات
المخالفين له ولغلوه، وتشدده، من مجاهدي أهل الشام!
فيقول في مقالته المعنونة بـ "اقلوا عليهم [2 ": "فإن الجهاد في سبيل الله تعالى له موارده المعروفة في الشريعة، إن تركناها
وقعنا في حاجة الجاهلية والشر والشيطان، بل الدين أن نعرفها ونعمل بها ولا نستحي منها
تحت ضغوط الإعلام الفاسد الجاهلي ..."ا- هـ.
فماذا يعني بالموارد التي لا يجوز أن
"نستحي منها، وأن نعمل بها" ..؟
فهو لا يعني الغنائم المشروعة،
والمكتسبة عن طريق جهاد النظام النصيري وجنده .. فهذه غنائم لا أحد يستحي منها ..
ولا أحد يدينها .. حتى وسائل الإعلام المغرضة لا تجرؤ أن تتكلم عنها بسوء .. فهو
حق سائغ انتزعه المجاهدون الأبطال بدمائهم، وعرقهم .. وسواعدهم .. هنيئا مريئاً
لهم به.
وإنما يعني بالموارد التي عادة يُستحى
منها .. هو ما بيناه، وما يتأتّى عن طريق الغدر، والسرقة، والسطو ..!
لا يقولنّ قائل: لو ناصحته سراً ..!
فقد ناصحناه سراً، وتلميحاً مراراً،
وتكراراً .. ولم ندع طريقاً غير مباشر إلا وسلكناه .. حتى كتابنا "الاستحلال"،
لم نشر فيه إلى اسمه .. مراعاة لقواعد وأصول النصيحة في ديننا .. مع علمه وعلم من
معه .. وكل من كان قريباً منا ومنه في تلك المرحلة .. أن المراد من هذا الكتاب
بالدرجة الأولى، هو الرد على أبي قتادة الفلسطيني، وكل من تعلق بشبهاته التي كان
ينثرها بين الناس!
لكن لما تعلّق الأمر .. هذه المرة ..
بدماء وحرمات، وأموال، ومقرات أهل الشام، ومجاهديهم .. خشينا الإثم من الكتمان ..
إذ لم يعد يغني التلميح شيئاً .. فكان لا بد من الإفصاح والبيان والتصريح .. إبراء
للذمة، وأداء للأمانة .. ليعرف أهل الشام ومجاهديهم ممن يأخذون دينهم، ولمن يصغون!
لا يقولنَّ قائل: قد حمّلت كلمات الرجل
مالا تحتمل ..!
أقول: من كان يعرف تاريخ الرجل، وأخلاقه
.. وأفكاره .. وطريقته في تناول الأمور الصعبة والمحرجة .. التي يستحي منها
الباحثون والشرفاء .. لا يمكن أن يقرأ كلمات الرجل أعلاه إلا على النحو الذي
قرأناه وبينّاه!
وشهادة أخرى أدلي بها، وألقى بها الله
تعالى .. إبراءً للذمة، ونصحاً للأمة بعامّة، ولأهلنا في الشام بخاصّة .. ليعرف
الناس ممن يأخذون دينهم .. وأي إنسان هذا الذي تسلّط على الحركة الجهاديّة
المعاصرة .. وعلى دين الله .. أن أبا قتادة الفلسطيني ليس كذّاباً وحسب، بل شديد
الكذب!
وإن كان لي ــ ولأهل الشام ــ رجاء من
أبي قتادة الفلسطيني .. هو أن يسحب يده من الشام .. أن يكف شره وأذاه عن الشام،
وأهل الشام، ومجاهديهم .. فتاريخك كله يقول: ما وضعت يدك في موضع أو بلد إلا
وأفسدته ..!
اللهم احفظ الشام، وأهل الشام، ومجاهدي
الشام .. من كل شرٍّ، وذي شر .. اللهم آمين، آمين.
عبد
المنعم مصطفى حليمة
"
أبو بصير الطرطوسي "
6/6/2015
www.abubaseer.bizland.com