لانتصار أردوغان، وفشل الانقلاب العسكري، دلالات وعبر عدة:
منها: أن الشعب خير حليف للحاكم ..
فإذا ما داهمت الحاكم الخطوب كان الشعب ــ بعد الله عز وجل ــ خير ملاذ وعون له.
مهما
عظم تآمر الأعداء .. وعظمت المؤامرات الخارجية .. فهي تهون وتضعف أمام التماسك الداخلي
بين الحاكم والمحكوم.
الحاكم
الذي يخاف شعبه، ويتوجس منهم ريبة، ويعمل فيهم سوء الظن ــ ولا يخاف الحاكم شعبه إلا من خيانة من عند نفسه
ــ أي مؤامرة تسقطه، وترديه أرضاً .. ثم هو مقابل أن يحمي نفسه من غضب وسخط شعبه
.. يهون عليه أن يبيع نفسه، وقراره، وبلده للعدو المستعمر .. ويتحول إلى جزء من المؤامرة
ــ وشريك فيها ــ ضد شعبه وبلده.
ومنها: أن الشعب يعطي حاكمه من نفسه،
على قدر ما يعطيهم الحاكم من نفسه .. فالشكر، والجزاء يكون متبادلاً، ومن جنس العمل.
ومنها: عندما يكون الشعب شريك الحاكم
أو الطبقة الحاكمة في الانجازات الحضارية، والإنسانية، والاقتصادية من خلال تفعيل العملية
التشاورية .. يجد الشعب نفسه معنياً في الدفاع عن مكتسبات بلده، ضد أي خطر يتهددها.
على
قدر ما تغيّب الشعوب عن الشورى .. وعن المشاركة في القرار والإدارة .. على قدر ما يضعف
لديها الاكتراث والاهتمام بمواجهة الخطوب التي تتهدد الحاكم ونظامه، بل والدولة برمتها!
ومنها: رغم ضخامة الحدَث، وأثره العظيم
.. إلا أن تركيا ــ بفضل الله تعالى ــ سرعان ما استفاقت من مصيبتها، واستأنفت في اليوم
التالي من الانقلاب الفاشل والمشؤوم حياتها وأعمالها المعتادة .. ومن دون أن تلتجئ
إلى قوانين الطوارئ، والأحكام العرفية .. وحظر التجول .. ونحو ذلك من الإجراءات ..
وهذه علامة قوة .. وظاهرة حضارية تُذكر لها.
ومنها: أن الشعب التركي قد أثبت أنه
شعب حي، حريص على الحفاظ على مكتسبات بلده الحضارية والإنسانية، والاقتصادية .. وأنه
على استعداد للتضحية من أجلها .. وأنه لا يسمح لأحد أن يعيده إلى نقطة الصفر؛ إلى عهد
الظلم، والاستبداد، والخوف، والتخلف .. كما أثبت أنه شعب مؤمن يستحق حاكماً مؤمناً،
مخلصاً، أميناً، شجاعاً كالسيد أردوغان.
ومنها: أن مجريات أحداث الانقلاب الفاشل،
وما نتج عنه من تطهير لعناصر الفساد والخيانة والعمالة في مؤسستي الجيش، والقضاء
.. قد طالت الدولة العميقة، والدولة الموازية سواء .. تُظهر بصورة جلية لطف الخالق
سبحانه وتعالى بتركيا، حكومة وشعباً .. بل وبالمسلمين عامة، وبخاصة منهم أهل الشام،
وثوارهم ومجاهديهم، الذين وجدوا في تركيا سنداً وعوناً لهم .. وأن ما قدره الله تعالى
كان فيه خيراً كثيراً .. فرب ضارة نافعة .. ولو اطلعتم على الغيب لرضيتم بالواقع
.. [وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ
لاَ تَعْلَمُونَ] البقرة:216. والحمد لله رب العالمين.
20/7/2016