GuidePedia

0
 نعيش ــ وللأسف ــ زمن فوضى التّكفير .. التّكفير الذي كان السلف الصالح يتهيّب منه، ويتردد فيه إلى أن يستوفي جميع شروطه، وتنتفي عنه جميع موانعه، ويرقى إلى درجة اليقين، حتى أن منهم من كان يقول ــ كالإمام مالك وغيره ــ: "من صدر عنه ما يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجهاً، ويحتمل الإيمان من وجه؛ حُمل أمره على الإيمان"ا- هـ. ثم هم بعد ذلك كانوا يتدافعونه عن أنفسهم، ويردونه إلى مجالس الحكم والقضاء ..!
 رغم ذلك، إلا أننا نجد من جهلة زماننا؛ حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، ممن هان عليهم دينهم، وخفّت أخلاقهم، وزين الشيطان لهم الغلو، والجهل، والتطاول على الخلق .. ممن لا يحسنون التفريق بين الفرض وشروطه، ولا بين شروط الصلاة وواجباتها .. بل قد لا يحسنون الطهارة ولا الوضوء .. لا همَّ لهم ولا حديث إلا عن التَّكفير .. فترى أحدهم حاملاً على عاتقه سيف التّكفير، والتّشهير؛ يكفّر به كل من يخالفه، ولا يتابعه، ولم يرق لمزاجه، وما لم يفهمه .. حتى أصبح التّكفير ــ على خطورته في دين الله، وما يترتب عليه من انتهاكات للحقوق والحرمات ــ وكأنه ألعوبة يتسلى بها السفهاء وقتما يشاؤون .. وفي الحديث: "مَن قذفَ مؤمِنًا بِكُفرٍ فَهوَ كقتلِهِ" البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: "أيُّما رجُلٍ قالَ لأخيهِ: يا كافرُ، فقد باءَ بِها أحدُهُما" البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: "أيما رجلٍ مسلمٍ أكفَر رجلًا مسلمًا، فإن كان كافراً، وإلا كان هو الكافر"[صحيح الجامع:2727].
هذه الفوضى المشهودة في التكفير تؤكد على ضرورة إيجاد القوانين والآليات التي تُلزِم برد الفتوى في التكفير إلى أهلها من ذوي العلم المعتبرين ــ ممن عرفوا بالوسطية من غير جنوح إلى إفراط ولا تفريط ــ وإلى مجالس الحكم والقضاء الشّرعي، التي يرتضيها أولئك العلماء .. وأي خروج عن هذا السبيل والنهج، يُؤدَّب صاحبُه ويُعزر .. وإذا كان القَذف بالزنى بغير حق يوجب على صاحبه عقوبة ثمانين جلدة، وهو أقل خطورة وأثراً من التّكفير، فيكون التعزير على القذف بالتكفير بغير حقٍ من باب أولى، والله تعالى أعلم.
4/10/2016


إرسال تعليق

 
Top