مما
ابتليت به الأمة في هذا العصر، خوض المجاهيل ــ مجاهيل الاسم والعين ــ في الشأن
العام، وفي مسائل كبار، بطريقة تشوبها الحماسة، والمزاودة، والأذى والضرر .. فترى
أحدهم يخوّن، ويكفّر .. ويخوض في الدماء، والأعراض، والأموال .. ويحسّن ويُقبّح ..
ويشتم، ويجرّح .. ويحكم على العباد والبلاد بما يشاء ويهوى وهو في نفس الوقت لا
يجرؤ أن يعرّف عن نفسه، من يكون .. وكلمات لا ضريبة عليها، لا يُؤمن دخَنها وضررها!
ومن
حقنا حينئذ ــ وحق جميع الناس ــ أن نفترض في هذا المجهول عدة افتراضات: أن يكون
شبيحاً أو بلطجياً .. أو أنه يعمل لصالح استخبارت دولة معينة، تلزمه بأن يقوم بهذا
الدور .. أو أن يكون صادقاً جاهلاً يغلب عليه التنطع والحماس الزائد .. فهو يحتمل
أن يكون واحداً من هؤلاء الثلاثة .. ولا نجزم له بواحد منها ما دام قائماً على
جهالته .. ومن كان كذلك من حقنا أن نرتاب منه ومن مقاصده وكلماته، وننظر إليها
بعين الشك والريبة، وهي لا تلزمنا بشيء، حتى لو تخللها بعض الحق أو الحماس الزائد
.. والملام حينئذ هو لا غيره.
26/11/2016