ليس كل من تكلم بالسياسة، أو الشأن العام،
أو بعض الشؤون الفكرية، أو خاض في مسائل الكفر والإيمان .. أو يحفظ بعض التعريفات
في علم الحديث ومصطلحاته .. يصلح لأن يكون قاضياً وحكمَاً على أحاديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛ فيحكم على ما يشاء منها بالصحّة أو الضعف، فيُخرج بهواه كلام
الوحي الملزِم، إلى مصاف كلام البشر غير الملزم، ويُدخل من كلام البشر غير الملزم،
في مصاف كلام الوحي الملزم .. فهذا نوع من أنواع الكذب على رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وهو مثله مثل من يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله
لم يقل ما ينسبه إليه .. أو قال: لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول
صلى الله عليه وسلم يكون قد قاله، وفي الحديث:" من كذَب علَيَّ متعمِّدًا
فليتبوأْ مقعدَه من النارِ "مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم:" من حدَّث
عنِّي حديثًا وهو يرَى أنَّه كذِبٌ فهو أحدُ الكاذبَيْن " صحيح سنن ابن
ماجه:37.
نعم الخطأ وراد، وصاحبه قد يُعذَر إن كان
من ذوي العلم والاجتهاد المتضلّع بعلم الحديث، ومتعلقاته، ولوازمه، ومشهود له من
علماء الحديث بذلك .. فهذا لو أخطأ تُقال عثرته، وقد يكون له أجر لاجتهاده .. وما
سواه لو اقتحم وتجرّأ، وغامر، واستعجل الزبزبة قبل الحصرمة، لا يُعذَر، بل
يُعَزَّر، وهو يدل على رقة وخفة في الدين والعقل، لا يجوز الالتفات إلى تصحيحاته
ولا إلى تضعيفاته، ولا إلى شيء من أحكامه على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم!
26/2/2017