عندما
تغيب الشّفافية، والمكاشفة، والمساءلة .. ويغيب الوضوح .. ممكن أن يكون اللص قاطع
الطريق مسؤول أمني في جماعتك، ويكون حاميها حراميها وأنت لا تدري، ويكون أميرك
وقائدك خائن وعميل متواطئ مع العدو، وأنت لا تدري، وتحسب نفسك في مركب آمن ..
وتكثر الظنون، والشكوك، وتُفقَد الثقة بين القادة والأفراد .. ولتفادي ذلك كله فقد
صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "علَيكَ بالعَلانيةِ وإيَّاكَ
والسِّرَّ ".
وعن
صفيّة بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّم مُعتَكِفًا فأتَيتُه أزورُه ليلًا، فحدَّثتُه ثم قُمتُ فانقَلَبتُ،
فقام معي ليَقلِبَني ــ أي ليوصلها إلى البيت ــ وكان مَسكنُها في دارِ أسامةَ بنِ
زيدٍ، فمرَّ رجلانِ منَ الأنصارِ، فلما رأَيا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
أسرَعا! فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "على رِسلِكما؛ إنها
صَفِيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ!" فقالا: سُبحانَ اللهِ يا رسولَ اللهِ! قال:"
إنَّ الشيطانَ يَجري منَ الإنسانِ مَجرى الدمِ، وإني خَشيتُ أن يَقذِفَ في
قلوبِكما سُوءًا " البخاري.
فتأمّلوا؛ النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم،
أشرف خلق الله، يبين للرجلين من الأنصار بأن من يسير معها ليلاً هي أم المؤمنين
زوجه صفيّة، ولا يرى في ذلك غضاضة، خشية أن يقذف الشيطان في قلوبهما سوءاً؛ فيظنان
سوءاً فيهلكا .. وليعلّم أمته من بعده مبدأ الشّفافية والوضوح .. فأين أمراء الليل
والظلام، مجاهيل النّسب والمنبت والأصول، من هذا المبدأ العظيم، الذين لا يُعرَف
عنهم أكثر من كونهم " أبو فلان، وأبو علان "، والويل لمن يسألهم عن أكثر
من ذلك ...؟!!
7/1/2018