GuidePedia

0

بسم الله الرحمن الرحيم 
          كأني به يهاتفني هتاف العاتب الحزين .. وهو قابع في سجون المجرمين الحاقدين .. تتقاذفه بين الفينة والأخرى ركلات الجلادين الظالمين: ألست أخاك .. من صلب أبيك وأمك ..؟!
          ألم تكن تهمتي ـ عند الجلادين ـ أني أخوك ..؟! 
          ألم أُغيَّب في سجون الظالمين منذ أكثر من عشرين عاماً .. لا يعلم سوء حالي .. وما أعانيه من ظلم الوحوش الآدمية إلا الله ..؟!
          ذكرت الجميع .. ولم تذكرني .. لماذا ؟!
          دافعت عن الجميع .. ولم تدافع عني .. لماذا ؟!

          أم أني لا أستحق منك سطوراً تخطها عني .. وعن قضيتي ..؟!
          أم أن السنين الطوال قد أنستك أخاك ..؟!
          ألستُ مظلوماً .. أم أنك تشك في ذلك ؟!
ألست مسلماً من جملة الآلاف من المسلمين الذين غيبتهم سجون الظالمين .. وطوت أخبارهم عن عيون أهاليهم، وأبنائهم، وإخوانهم ..؟!
ألست أنساناً .. ممن تُعنى به الجهات التي تدافع عن حقوق الإنسان .. إن وجدت .. أم أنني دونهم ؟!
هلاّ ذكرت قصتي للناس .. عسى أن تلامس شغاف قلبٍ مؤمن صادق فيدعو لي في ظهر الغيب .. فتخترق دعواته جدار السجون الغليظة .. فأنتفع بها ؟!
نعم إنه أخي " عبد القادر مصطفى حليمة " الذي تم اعتقاله من قبل السلطات الطائفية النصيرية الحاكمة في سوريا .. منذ عشرين عاماً .. أوائل عام /1981م/ .. عام يركب عاماً .. وكأن العام في عرف الجلادين يوماً .. وهو لا يزال إلى الساعة قابعاً في سجون وزنازين الحاقدين الظالمين .. لا نعرف عنه شيئاً .. ولم يتمكن أحد من السؤال عنه .. فضلاً عن رؤيته أو مقابلته أو زيارته ..!
قد يظن ظان أنه مجرم .. أو سبق له أن حمل السلاح .. أو أن وراءه قضية كبيرة تستحق السجن هذه السنين الطوال .. لا .. وألف لا .. فإني لا أعرف له تهمة سوى أنه أخي .. وتعلوه غيرة بسيطة على دينه وأمته!!
ومثله ابن عمه " محمد خضر حليمة " الذي مضى على اعتقاله واحد وعشرون عاماً .. ولا يزال إلى الساعة في سجون الظالمين .. كان طبيباً في أواخر أيام تخرجه .. تخطفته أيادي الغدر والظلم قبل أن يفرح به أبواه .. ليس له تهمة تُذكر .. سوى أنه شاب كان يغلب على سمته التدين والاستقامة ..!
ومثل أخي وابن عمي آلاف الشباب المسلم المغيب في سجون النصيرية الحاقدة في الشام .. ولو اقتصر الشر عليهما لهان الخطب، وخفّ المُصاب .. ولكنها قصة شعب بكامله .. شعب فقد كل شيء في ظل حكم البعث النصيري الطائفي .. فقد دينه، وعزته، وكرامته، وقوت يومه .. حيث لم يترك الطاغية البطل حافظ الأسد بيتاً من بيوت أهل سوريا إلا واقتحمه وانتهك حرماته .. وأدخل عليه الحزن والخوف .. وجعل منه شهيداً، أو سجيناً، أو طريداً شريدا..!
أسدٌ على شعبه الأعزل .. وفي الحروب نعامة .. بل نعجة .. تفر من صفير الصافر!! 
إنها مأساة شعب بكامله .. على مدار جيل بكامله .. لا تزال جاثمة بكل أبعادها وآثارها إلى يومنا هذا .. رغم ادعائهم الكاذب أنهم ماضون في التصحيح .. وفي إصلاح ما أفسده الطاغية المؤسس لكل فساد في البلاد ..!
إنها محنة شعب بكامله .. لا تزال جاثمة للعيان بكل أبعادها وآثارها .. رغم ادعائهم الكاذب أنهم سيعطون حقوق الإنسان طرفاً من رعايتهم واهتماماتهم ..!
لم يتغير شيء عما كان عليه الحال من قبل .. الطاقم القديم بكل طغيانه وفساده لا يزال حاكما .. اللصوص القدماء .. مصاصي الدماء .. لا تزال الكلمة لهم دون غيرهم!
لم يتغير شيء .. السجون لا تزال مليئة بالأبرياء .. إن خرج منهم واحد .. دخل مكانه عشرة .. لا يزال التعذيب والقتل التعسفي .. والاعتقال التعسفي مستمراً!
لا يزال الخوف والرعب يطارد الجميع .. آدمية الإنسان تُقتل على مرأى ومسمع من الجميع .. ولا أحد يجرؤ على الاعتراض أو الإنكار أو التفوه بكلمة واحدة ..!
أضف إلى ذلك الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والإداري .. فحدث عنه ولا حرج!
إنها محنة بحق تستدعي النفير من جميع قوى الخير في العالم .. لتقول لهؤلاء الطغاة الظالمين الجاثمين على صدور وأنفاس العباد .. لتقول لهذه العصابة الحاكمة التي طال أمدها في الشام .. وبكل قوة ووضوح: كفوا أيديكم عن ظلم العباد .. كفوا أيديكم عن قتل الإنسان .. كفوا أيديكم عن النهب والسلب والإفساد ..!
كفاكم قتلاً وانتهاكاً للحقوق والحرمات ..!!
كفاكم استهتاراً بآدمية وبشرية الإنسان ..!!
لا بد أن تجتمع كلمة جميع من يحترم آدمية الإنسان .. وحقوق الإنسان .. على إدانة هذا
النظام الفاشي الطائفي، المتسلط على رقاب العباد بالحديد والنار ..!
لا بد لقوى الخير كلها التي تهتم بحقوق الإنسان بحق .. من أن تجتمع على حصار وملاحقة، ومساءلة هذا النظام الطاغي الفاسد .. الذي لم يحترم شيئاً ..!
لا بد من إيقاف تلك المهزلة الكبرى التي تحصل لآدمية وحقوق الإنسان في بلاد الشام .. قبل أن يصنفنا التاريخ جميعاً بالجبن والخذلان لحقوق الإنسان .. بل وآدمية الإنسان!
قبل أن يصنفنا التاريخ بالوقوف إلى جوار الظالمين وتأييدهم .. وذلك بسكوتنا عليهم وعلى جرائمهم وظلمهم!
لا بد على الهيئات التي تهتم بحقوق الإنسان من إيثار حقوق المظلومين .. وبخاصة منهم أولئك الأبرياء الذين غيبتهم سجون الظالمين لسنين عديدة طوال .. وتقديمها على كل اعتبار أو مصلحة سياسية أو مادية دنيوية .. هذا إذا كانوا جادين في الدفاع عن حقوق الإنسان .. وعن كرامة وإنسانية الإنسان!

4/6/1422هـ.                         عبد المنعم مصطفى حليمة
23/8/2001 م.                                  أبو بصير

         
         

إرسال تعليق

 
Top