GuidePedia

0

بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
          لم يعد خافياً أن غزو الصليبيين للعراق ليس مقصوراً على العراق وحدوده وحسب، بل هو ـ لما تمتاز به العراق من موقع وخصائص ـ يستهدف حاضر الأمة ومستقبلها .. يستهدف دينها وثقافتها .. يستهدف خيراتها وثرواتها .. يستهدف إرادتها وبقايا الخير فيها .. يستهدف الهيمنة على البلاد والعباد ليتسنى لهم فرض ما يشاؤون من مخططات، وأنظمة، وسياسات تعمل أكثر على خدمة أهدافهم ومصالحهم.
وهم قد مهدوا لهذا الغزو الغاشم منذ اليوم الأول من إعلانهم عن حصار العراق، وشعب العراق ـ الذين قتلوا بسببه ما يزيد عن مليون طفل ـ ليضعفوا بذلك من عزائم وإرادة شعب العراق عن المواجهة والمقاومة عندما تحين ساعة المواجهة، ولكن أنَّى لهم .. إن شاء الله. 

مغفلون أولئك الذين يظنون أن الصليبيين جاؤوا إلى العراق لأهداف إنسانية .. ولرفع الظلم عن العباد .. فهاهم يقتلون الإنسانية ومعانيها ـ غير مبالين ولا عابئين بنقد ولا معارضة ـ في كل صاروخ يوجهونه على أهالي بغداد؛ فصواريخهم وطائراتهم لم تميز بين عمارة وعمارة، ولا بين مسكن ومسكن، فنيرانهم تشتعل في كل بيت على أهله لهيباً .. وتطال المستضعفين من النساء والولدان والشيوخ قبل غيرهم!
لذا قلنا ونعيد القول هنا: أن الدفاع عن العراق وأهالي العراق واجب عيني لا يجوز أن يتخلف عنه قادر، ومن وجد لنفسه سبيلاً للنصرة والذود عن الحرمات ثم هو لا يفعل فهو آثم آثم وإن أفتاه المُفتون!
كما نؤكد هنا كذلك ما أكده جميع أهل العلم: أن من ناصر الصليبيين وظاهرهم على مسلمي العراق، فهو منهم، وهو كافر خارج من ملة الإسلام، كما قال تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(المائدة:51.
وإني لأعجب لبعض الدعاة والشيوخ قد حضنتهم الأمة ورفعت اسمهم وذكرهم بين العباد، ثم لما احتاجتهم الأمة في قليل من العطاء أدبروا إليها ظهورهم وشحوا بالعطاء!
يمنعون المسلمين من الذهاب إلى العراق لإغاثة إخوانهم وأهاليهم وأعراضهم، والجهاد في سبيل الله .. بزعم الشح بدماء المسلمين وأرواحهم، والحدب عليهم، وتلمس مصلحتهم كما
زعموا!
بل هو الشحُّ على الله بما تم بيعه وشراؤه، كما قال تعالى:) إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة:111.
ليتهم يشحون بدماء المسلمين عندما تُهدر بالأطنان وأنهاراً في سبيل الطواغيت الظالمين .. كما يشحون وهي تُراق في سبيل الله .. وما أقل الذي يُراق في سبيل الله!
ثم ما أدراهم أن الذي يذهب للجهاد في العراق أو غير العراق يعني موته .. أو سجنه .. أطلعوا الغيب أم علموا ما قد رُقم في اللوح المحفوظ؟!
كم من مجاهد لم يدع ثغراً من ثغور الجهاد إلا وجاهد فيه .. ثم يُقدر الله له أن يموت وهو على فراشه؟!
أين هؤلاء الشيوخ الكبار من حديث:" يا غلام احفظ الله يحفظك .. "!!
تشابه قولهم بقول الذين من قبلهم:) الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (آل عمران:168.
وقال تعالى محذراً المؤمنين:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (آل عمران:156.
لا شك أن فتواهم هذه قد لامست هوى الغزاة الأمريكان وعملائهم من الطواغيت الخونة الحاكمين .. فهي لا تصب إلا في خدمتهم وصالحهم سواء علموا بذلك أم لم يعلموا!
كما وأني لعاتب على إخواني المجاهدين الذين اتخذوا موقف الحياد والمتفرج من الأحداث، وكأن ما يجري في ساحتهم لا يعنيهم ولا يخصهم إلى أن أصابتهم صواريخ الصليبيين فأردت منهم عشرات القتلى .. نسأل الله تعالى أن يتقبلهم شهداء، وأن يكون ما حصل لهم سبباً في مراجعة موقفهم!
الموت آتٍ عاجلاً أم آجلاً، لكن شتان شتان بين من يموت مقبلاً غير مدبر، وبين من يموت مدبراً غير مقبل!
يا أهلنا وإخواننا في العراق: فوالله الذي لا إله إلا هو ما من قذيفة أو صاروخ يرميكم به الصليبيون الحاقدون إلا ونجد وقعه وأثره في قلوبنا قبل أن يصل إلى مساكنكم ودياركم ..!
نوصيكم بتقوى الله، والصلاة، والثبات .. والجهاد في سبيل الله .. وإخلاص النية لله تعالى .. ونحذركم من الشرك، والفرار من الزحف أو أن تولون الدبر .. فأنتم على ثغرة عظيمة من ثغور الأمة والإسلام، فاحرصوا أن لا تُؤتى الأمة من قبلكم!
لا تخافوا ناراً ولا هدماً .. نبشركم بما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته، حيث قال:" الشهداء خمسة: المطعون ـ الذي يموت بالطاعون ـ والمبطون ـ الذي يموت بداء في بطنه ـ والغريق، وصاحب الهدم ـ الذي يُهدم عليه منزله ـ والشهيد في سبيل الله ". وهو الذي يُقتل في ساحات القتال. وفي رواية:" الغرق شهادة، والحرق شهادة، والسِّل شهادة ". وماذا نريد نحن وأنتم غير أن يُختم لنا بشهادة خالصة لله تعالى وحده.
وأنتم أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وبخاصة من كان منكم مجاوراً للعراق: هاقد فُتح لكم باب عظيم من أبواب الخير والجهاد في العراق .. طالما تشوقتم إليه وسألتم عنه .. فلا تبخلوا على إخوانكم وأهاليكم هناك بشيء تستطيعون تقديمه وبذله، واعلموا أن النِّصرة واجبة ـ ولا مِنَّة لكم فيها ـ وهي أنواع: أعلاها وأعظمها نصرتهم بالنفس والمال، وأضعفها نصرتهم بالقلب والكلمة وإخلاص الدعاء لهم ..!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المؤمن من أهل الإيمانِ بمنزلة الرأس من الجسد، يألمُ المؤمنُ لما يُصيبُ أهلَ الإيمان، كما يألم الرأسُ لما يُصيب الجسدَ ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" المؤمنون كرجلٍ واحدٍ، إذا اشتكى رأسَهُ اشتكى كلُّهُ، وإن اشتكى عينَه اشتكى كلُّه ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" ما من امرئٍ يخذلُ امرأً مسلماً في موطنٍ يُنتقص فيه عِرضهِ، ويُنتهكُ فيه من حُرمته إلا خذله الله تعالى في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرته، وما من أحدٍ ينصرُ مسلماً في موطنٍ يُنتقص فيه من عِرضه، ويُنتهكُ فيه من حرمته إلا نصره اللهُ في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرتَه ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" المسلم أخو المسلم لا يظلمهُ ولا يُسلمه ". فكما هو لا يظلمه كذلك لا يُسلمه إلى الظلم والقهر، وعدوان المعتدين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

20/1/1424 هـ.                               عبد المنعم مصطفى حليمة

23/3/2003 م.                                    أبو بصير الطرطوسي 

إرسال تعليق

 
Top