س366: هل المدنيين الأمريكان في الجزيرة محاربين، وإذا كانوا محاربين فما حكم قتلهم في هذه الأوقات .. وجزاكم الله خيراً، ونفع بكم الإسلام والمسلمين؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. المدنيون الأمريكان وغيرهم الذين يدخلون الجزيرة العربية ـ على غير وجه المحاربة أو الغزو والاحتلال ـ فهم في عهد وأمانٍ يمنعان من الاعتداء عليهم في شيء.
فإن قيل: من أين أتاهم الأمان ..؟
أقول: أتاهم الأمان من جهات عدة ـ يغلظ بعضها بعضاً ـ بعضها رسمية .. وبعضها شعبية .. ومن المعلوم أن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم .. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من آمن رجلاً على نفسه فقتله، أُعطي لواء الغدر يوم القيامة ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" من أمّن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل، وإن كان المقتول كافراً ".
فإن قيل: ولكن أمريكا دولة محاربة للإسلام والمسلمين ..؟
أقول: هذا لا يستلزم أن يكون كل فردٍ منها محارباً .. كما لا يمنع أن يؤمَّن من دخل منهم بلاد المسلمين بأمان وعهد .. طالباً للجوار أو الأمان.
كانت قريش محاربة للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن معه من المسلمين .. ومع ذلك كان يؤمّن من يأتي منها طالباً الأمان والجوار .. كما في قوله صلى الله عليه وسلم لأم هانئ:" قد أجرنا من أجرت، وأمنا من أمنت يا أم هانئ".
قال ابن قدامة في المغني 9/195: وجملته أن الأمان إذا أعطي أهل الحرب، حرم قتلهم، ومالهم، والتعرض لهم، ويصح ـ أي الأمان الذي يُعطى لهم ـ من كل مسلم بالغ عاقل مختار، ذكراً كان أو أنثى، حراً كان أو عبداً، وبهذا قال الثوري والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وابن القاسم، وأكثر أهل العلم ا- هـ.
فإن قيل: ولكن قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب؟
أقول: حديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يُستفاد منه عدم أمان من أُمن من اليهود والنصارى أو غيرهم من المشركين في جزيرة العرب .. وإنما يُستفاد منه أن لا يُعط المسلمون الأمان لليهود والنصارى في جزيرة العرب .. فإن أخطأوا وأعطوهم الأمان .. وسمحوا لهم بدخول الجزيرة .. يجب عليهم أن يفوا بأمانهم لهم .. وأن لا يغدروا.
فالمشكلة ـ من هذا الجانب ـ لا تُحل على حساب المؤمَّن الذي يعتقد أنه في أمان .. والذي قد يجهل مثل هذا التفصيل المتقدم .. وإنما تُحل عن طريق الإنكار على من يُعطي الأمان لهم من الجهات الرسمية وغيرها .. ويسمح لهم بدخول الجزيرة، والله تعالى أعلم.