س884: كثر الحديث في هذه الآونة في أوساط ما يعرف بمشايخ " الصحوة " حول كتاب الدرر السنية للشيخ عبد الرحمن بن قاسم من أن فيه غلو وتكفير ويحتاج إلى تهذيب ..الخ فما رأيكم في هذا الموضوع .. وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. كتاب " الدرر السنية " هو عبارة عن مجموعة مقالات ورسائل للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأحفاده، وغيرهم من علماء نجد .. قام بجمعها والتأليف بينها الشيخ " عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي ".
ورمي الكتاب بالغلو .. وأن فيه منحى للتكفير بغير وجه حق .. هو رمي لهؤلاء العلماء الكبار الذين طالما آل سعود كسبوا شرعية حكمهم من خلال تبني أسمائهم .. والتمسح بهم .. فعلام اليوم أصبحوا من الغلاة .. وأصبح علمهم فيه من الغلو ما يستدعي التهذيب .. والحذف والبتر؟!
الكتاب مضى على طباعته ونشره أكثر من أربعين سنة .. والعلماء في الأرض تتقبله بقبول حسن .. فعلام لم يكتشف هذا الغلو .. طيلة هذه السنوات .. إلا هؤلاء الذين يُسمونهم بمشايخ الصحوة .. وفي هذه الأيام بالذات؟!
الجواب الحقيقي عن هذا السؤال يتلخص في النقطتين التاليتين:
أولهما: أن مواد هذا الكتاب العظيم وما حوى من علوم ومسائل عظيمة .. لم يعد يتناسب مع السياسات والتوجهات والإصلاحات المزعومة للدولة السعودية .. وبالتالي لا بد من الحذف والتحريف، والتشويه تحت زعم تعديل المناهج بما يتناسب مع مستجدات ومتطلبات العصر ..!!
وجود هذا الكتاب ـ وأمثاله ـ من غير تحريف ولا تشويه ولا بتر .. يعني ظهور جيل عالم وفقيه وخبير .. وبنفس الوقت ساخط وناقم .. على عمالة وخيانة وفساد وكفر الدولة السعودية التي آثر حكامها الوقوف مع أعداء الأمة على الأمة وأبنائها الأبرار .. وهذا مالا يرضيهم .. ولم يكن يحسبون له حساباً .. لذا لا بد من التغيير، والتشويه، والحذف .. وهذه مهمة صعبة لا يصلح لها إلا هؤلاء الذين يسمونهم بمشايخ الصحوة .. الذين هم أقرب إلى مشايخ الغفوة والغفلة ..!
يصعب على الدولة السعودية الآن ـ أمام أبناء المجتمع السعودي المسلم والملتزم ـ بعد هذا الزمن الطويل من الاتكاء على الشيخين ابن تيمية وابن عبد الوهاب وأحفاده .. أن تتبرأ من أسماء هؤلاء الشيوخ الكبار .. لذا فالبديل عندها أن تقوم بتحريف فكر ومنهج هؤلاء العلماء الكبار، فتُظهر من علمهم وتاريخهم الحافل بالعطاء الجانب الذي يخدمهم فقط .. ويخدم سياساتهم وتوجهاتهم .. وبصورة لا تخلو من التحريف والتشويه؛ لذا لا عجب لو قرأت كلاماً مما يُنشر في هذه الأيام في بلاد الحرمين .. ومما يُسمع عبر قنواتهم .. يصور هؤلاء العلماء على أنهم من دعاة الإرجاء، والتعايش، والسلم .. لا يُكفِّرون .. ولا يعرفون جهاداً ..ولا براء من الكفر والكافرين
.. ولا إنكاراً لمنكر!
ثانياً: أن أمريكا .. أسياد حكام السعودية .. هكذا يريدون؛ يريدون أن يجففوا ينابيع الخير والعلم والصحوة في الأمة .. تحت زعم مسمى محاربة الإرهاب .. وهذا من لوازمه التطاول على كتاب الله .. وعلى سنة رسول الله .. وعلى الدرر السنية .. وغيرها من الكتب التي تبعث الحياة من جديد في أبناء الأمة .. وآل سعود لا بد لهم من الطاعة والتنفيذ من غير أدنى اعتراض .. ووسيلة آل سعود لهذه المهمة الصعبة .. هم هؤلاء الذين سميتهم في سؤالك بمشايخ الصحوة، وغيرهم من المشايخ الذين دخلوا في سلك الولاء الأعمى للنظام الحاكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.