بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد آلمني وآلم كل حرٍّ ما نسمعه في هذه الأيام عن أكراد العراق؛ كيف أنهم رضوا لأنفسهم الذلة والخنوع .. وأن يكونوا الأداة السهلة بيد الغزاة الصليبيين المعتدين والمحتلين لأرض العراق .. يضربون بها المجاهدين من أبناء وشعب العراق[[1]]؟!
رضوا لأنفسهم بأن يكونوا عين الغزاة التي تتجسس على عورات المسلمين .. وعورات المجاهدين .. ويده الآثمة التي يبطش بها المستضعفين من المسلمين .. من أبناء شعب العراق؟!
أبطلتم جهادكم ضد طغيان النظام البعثي البائد .. بوقوفكم وقتالكم مع الغزاة المحتلين .. ضد إخوانكم المسلمين من أبناء وشعب العراق؟!
قابلتم اعتداء نظام البعث عليكم باعتداء مماثل على مسلمي شعب العراق .. وقلتم ظلم بظلم .. واعتداء باعتداء .. وسطو بسطو .. وقتل بقتل .. وإجرام بإجرام .. وهذا لا يستقيم في ميزان الحق والعدل!
غلب فيكم صوت الحقد وحب الثأر .. على صوت العفو والرحمة .. مما حملكم على الاعتداء والإسراف في الانتقام .. والدخول في موالاة ونصرة أعداء الأمة والدين!
غلب فيكم صوت عصبية النعرات القومية الجاهلية والعنصرية .. على الصوت الأرحب والأوسع؛ أخوة العقيدة .. وأخوة الإيمان والإسلام .. فكان مثلكم مثل الذي يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو أعلى وخير!
يقول كثير من الناس ـ ونحن لسنا ممن يقول بهذا القول ـ: كان النظام البائد محقاً بما فعله بكم .. لأنه كان يعلم مسبقاً عنكم أنكم بطانة وعين الغزاة المعتدين .. على العراق وأهل العراق .. فجاءت مواقفكم الآنية الخائنة والعميلة لتصدق هذا القول وتؤيده .. فبماذا أنتم تجيبون؟!
أي أنكم بمواقفكم الآنية الخائنة هذه .. قد أعطيتم المبرر والمسوغ ـ لدى كثير من الناس والمراقبين ـ للجرائم التي نزلت بساحة شعبكم .. على يد النظام البعثي البائد!!
لو خرج فيكم اليوم جدكم العظيم البطل صلاح الدين الأيوبي .. قاهر الغزاة الصليبيين .. فبماذا أنتم تجيبونه؟!
والأعظم من ذلك .. عندما تقفون بين يدي الله عز وجل .. يوم لا ينفع مال ولا بنون .. ولا بد أنكم واقفون .. وقد قدم لكم بالوعيد .. فماذا ستجيبون؟!
ألم تقرؤوا قوله تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (المائدة:51.
ألم تقرؤوا قوله تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً (النساء:144.
ألم تقرؤوا قوله تعالى:) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (المائدة:81.
ألم تقرؤوا قوله تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (التوبة:23.
ألم تقرؤوا قوله تعالى:) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (الكهف:102.
أصبتم لما رفضتم الانسياب والانقياد خلف قيادات البعث الكافر .. وأخطأتم ألف مرة لما وافقتم ورضيتم لأنفسكم ـ إلا من رحم الله ـ الانقياد خلف الطاغية " جلال الطالباني " وغيره ممن على شاكلته من قيادات الكفر والإلحاد .. والخسة والعمالة!!
فررتم من طاغوت إلى طاغوت .. ومن ظالم إلى ظالم .. ومن جلاد إلى جلاد .. وكفرتم بطواغيت وأمنتم بطواغيت .. فما هذا الذي تفعلونه؟!
قد رضيتم لأنفسكم بأن يقودكم الطاغوت " جلال الطالباني "، ومن معه من القيادات العميلة .. إلى الكفر والإلحاد .. إلى جهنم وبئس المصير .. يوم يتبرأ التابع من المتبوع الظالم، ويقع الندم ولات حين مندم، كما قال تعالى:) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ . وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (البقرة:166-167.
لقد رضيتم لأنفسكم أن يقودكم هذا الطاغية الحقود إلى الانفصال عن العراق .. وعن جسد الأمة الإسلامية الأرحب .. ليزرع بينكم وبين الأمة جبالاً من الأشواك والأحقاد والكراهية تحيل بينكم وبين الجسد الأم .. قد يقطف ثمارَها البغيضة أجيالٌ عدة من أبنائكم .. ويقع مالا تُحمد عقباه!
لقد استخف بكم هذا الطاغية الحقود .. إلى أن جعل منكم جنوداً تستميتون في سبيل أطماع الغزاة المعتدين!!
لا يغرنكم وقوف الغزاة الأمريكان بجواركم .. وانتصاركم بهم .. على إخوانكم من أبناء دينكم .. فالغزاة معكم اليوم وغداً ليسوا معكم .. هذه سيرة الغزاة المستعمرين مع عملائهم على مدار تاريخهم المقيت .. بينما الأمة الإسلامية هي معكم اليوم وغداً .. وأنتم لبنة في جسدها .. وجزء من أبنائها .. وأنتم من قدرها وهي من قدركم .. لا يمكنكم الفكاك ولا التخلي عنها .. فاحرصوا أن لا تكونوا تلك اللبنة العاقة للأمة الأم .. فتخسروا عطفها وإحسانها وحمايتها لزمن لا يعلمه إلا الله ..!
نقول لكم ذلك مشفقين وناصحين .. وكلنا أمل ورجاء في أن تراجعوا مواقفكم .. وأن تُحاسِبوا أنفسَكم قبل أن تُحاسَبوا!
قولوا لطواغيتكم ممن يتكلمون بألسنتكم .. لا .. كما قلتم من قبل لطواغيت البعث .. لا .. فهما ـ والله ـ في الكفر والظلم والطغيان .. سواء!
قولوها صراحة بأعلى أصواتكم: نحن أحفاد البطل المجاهد صلاح الدين الأيوبي .. قاهر الصليبيين .. ولسنا أحفاد الخائن جلال الطالباني عميل الصليبيين ..!!
قولوا لهم بأعلى أصواتكم، ومن دون خوف ولا وجل:) إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (.
نعيذكم من أن تتلطخ أيديكم ـ رغبة بالفُتات الذي يرميه لكم الغزاة ـ بدماء إخوانكم المسلمين .. وبخاصة منهم المجاهدين .. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا "، وقال صلى الله عليه وسلم :" لا يزال العبد في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصب دماً حراماً "!
هذه الروح تخرج مرة واحدة إلى بارئها .. فاحرصوا أن لا تخرج إلا في سبيل خالقها!
) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
12/10/1424 هـ. عبد المنعم مصطفى حليمة
6/12/2003 م. أبو بصير الطرطوسي
[1] لا نعمم .. فمن أكراد العراق من يجاهد ويُقاوم الغزاة .. وهؤلاء على الجبين شامة عز وفخار .. ولكنهم يمثلون العدد الأقل قياساً للسواد الأعظم من شعب كردستان العراق ..!