بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
رغم كثرة الأصوات الدولية والمحلية المطالبة بخروج سورية من لبنان .. إلا أن سورية متشبثة ببقائها في لبنان .. لماذا؟!
من وجهة نظرنا أن سورية متشبثة ببقائها في لبنان .. وكخيار استراتيجي بالنسبة للنظام البعثي الطائفي .. للأسباب التالية:
1- للحفاظ على دعم وحماية التيارات الشيعية في لبنان وبخاصة منها حزب الله الشيعي .. والذي يُعتبر ذلك من لوازم العلاقة المميزة بين الدولة الإيرانية الشيعية وبين النظام البعثي الطائفي الحاكم في سورية .. وهذا يستلزم نوع وجود وحضور للقوات السورية ومخابراتها على أرض لبنان.
2- حماية الطائفة النصيرية الممتد وجودها في قرى البقاع اللبنانية وغيرها .. ذات التاريخ السيئ والحافل بالمكر والغدر والنهب والإجرام .. من أعدائها .. وشعب لبنان كله وبخاصة المسلمين السنة .. مصنفون على أنهم أعداء لهذه الطائفة المارقة .. ينتظرون فرصة سانحة للثأر والانتقام لحقوقهم وحرماتهم منها .. وهذا يستلزم نوع وجود وحضور للقوات السورية ومخابراتها على أرض لبنان.
3- منع المعارضة الإسلامية السورية من الاستفادة من أرض لبنان .. المتاخمة للحدود السورية .. ومن الحرية الموجودة نسبياً في لبنان .. وهذا يستلزم نوع وجود وحضور للقوات السورية ومخابراتها على أرض لبنان، تراقب الداخل إليها والخارج منها!
4- ضرب الجماعات والمنظمات السنية اللبنانية على اختلاف أطيافها وتوجهاتها .. والتي من الممكن أن تشكل عنصر دعم وتأييد للمعارضة السورية السنية للنظام البعثي الطائفي الحاكم .. كما وتشكل عنصر خطر على السياسات السورية في لبنان .. وقد تم للنظام ذلك .. فأبادها من الوجود .. وهو مع ذلك يخشى من هذه المنظمات من أن تعيد تشكيل نفسها وقوتها .. من جديد .. لذا فهو حريص على البقاء في الأراضي اللبنانية أكبر فترة ممكنة!
5- ضرب وتحجيم جميع الفصائل الفلسطينية الموجودة على أرض لبنان .. لأنها تُعتبر امتداداً مباشراً للقوى السنية في لبنان وسورية سواء .. وهو مطلب أمريكي وغربي وصهيوني كذلك .. وقد تحقق ذلك .. وأدت القوات السورية الطائفية مهمتها وبكل إخلاص .. وبعد أن تم ذلك .. وأقامت المجازر الجماعية للفلسطينيين .. وهجَّرت من هجّرت منهم من أرض لبنان .. وبعد أكثر من ربع قرن على تواجدها على الأراضي اللبنانية .. هاهي أمريكا والصهاينة اليهود يرفعون الغطاء عن الوجود السوري في لبنان .. ويضمون أصواتهم مع جملة الأصوات المطالبة بخروج سورية من لبنان!
6- حماية المنظمات النصرانية المارونية .. من النفوذ السني اللبناني .. والتواجد الفلسطيني القوي في السبعينيات والثمانينات .. والنظام السوري قد تباهى بذلك أكثر من مرة .. وهذا من جملة الأسباب التي حملت أمريكا ومعها دول الغرب على أن تغض الطرف عن تواجد القوات السورية وجرائمها في لبنان لأكثر من ربع قرن ..!
وهاهي بعد زوال هذا الخطر عن موارنة لبنان .. وبعد أن قامت القوات السورية بحمايتهم ودعمهم على الوجه المطلوب منها دولياً .. يُطالبون القوات السورية بالانسحاب من لبنان .. لأن ذرائع الغزو بالنسبة لدول الغرب .. ونصارى لبنان .. لم تعد موجودة!
7- يُعتبر لبنان متنفساً اقتصادياً وقريباً وسهلاً بالنسبة للعصابة الحاكمة في سورية .. فأي فرد من هذه العصابة .. والتي ينتمي جلها للطائفة النصيرية .. يشكو من الفقر والقِل .. يُرسل إلى لبنان .. وتُعطى له كامل الحرية في أن ينهب ويعبث كيفما يشاء .. والمخابرات السورية المتواجدة على أرض لبنان ـ والتي تتدخل في الشاردة والواردة ـ تؤمِّن له الغطاء الأمني .. وكامل الحرية .. وما هي إلا أشهر معدودات ـ وربما أسابيع ـ إلا ويصبح هذا اللص الفقير من كبار الأغنياء والملاكين .. ولو قلت أن خيرات لبنان قد نهبت كلها إلى جبال النصيرية في الساحل السوري .. لما أخطأت .. فلبنان مصدر رزق بالحرام للطائفة الحاكمة في سورية!
8- رغبة النظام السوري في أن تبقى ورقة لبنان بيده .. يتحكم ويتصرف بها كيفما يشاء .. وهو يمارس عملية الضغط والتفاوض والابتزاز .. مع الصهاينة اليهود .. والمجتمع الدولي .. من أجل عملية السلام المزعومة .. وهذا يستلزم نوع وجود وحضور للقوات السورية ومخابراتها على أرض لبنان .. ونوع هيمنة على القرار السياسي اللبناني!
هذه أهم الأسباب التي تحمل قوات النظام البعثي الطائفي السوري على التشبث بالبقاء في لبنان .. وهذه أهم الأسباب التي حملت المجتمع الدولي بما فيهم الصهاينة اليهود ـ في مرحلة من المراحل ـ على مباركة وتأييد الغزو السوري للبنان .. ولأكثر من ربع قرن .. والأسباب التي تحملهم الآن على مطالبة القوات السورية ومخابراتها بالخروج من لبنان!
لذا في اعتقادي أن القوات السورية ومخابراتها ـ عاجلاً أم آجلاً ـ ستخرج مدحورة من لبنان .. لكن سيبقى تاريخها الأسود محفوراً في أذهان الأجيال .. ستبقى مجازرها وانتهاكاتها لكرامة وحقوق الإنسان في لبنان محفورة في سجلات التاريخ .. وشاهداً على إجرام وتخلف وهمجية هذا النظام الطائفي اللعين .. كما ستبقى مشاعر العداوة والبغضاء ـ فترة من الزمن ـ متأججة وللأسف ـ بسبب جرائم هذا النظام الطائفي ـ بين الشعبين الشقيقين المتجاورين؛ السوري واللبناني .. علماً أن الشعب السوري بريء من ذلك النظام ومن جرائمه .. وهو من جملة ضحاياه .. كما أن الشعب اللبناني من جملة ضحاياه!
الكل سيستفيد من خروج القوات السورية ومخابراتها من لبنان .. والخاسر الوحيد هو النظام البعثي النصيري الطائفي الحاكم في سورية .. والطائفة النصيرية المتواجدة في شمال لبنان .. وعملاؤهم من الشيعة الروافض في لبنان .. وخارج لبنان .. لذا فتوجيهي أن لا تُدافعوا عن بقاء القوات السورية في لبنان .. وأن لا تحزنوا على خروج تلك القوات من لبنان!
6/1/1426 هـ. عبد المنعم مصطفى حليمة
14/2/2005 م. أبو بصير الطرطوسي