GuidePedia

0

بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وبعد.
          الكل يتساءل وبشيء من الدهشة والتعجب .. عن سبب موقف النظام المصري العربي المتخاذل والظالم من القضية الفلسطينية .. والذي هو أشد على أهل فلسطين ـ وبخاصة منهم أهل غزة الصبر والرباط ـ من موقف الصهاينة اليهود .. لماذا يتصرف النظام المصري كنائب عن العدو .. يحمي مصالح العدو .. وأحياناً يظهر كأنه هو العدو؟!

          ثم كيف استطاع أن ينفرد بأطراف النزاع .. ليملي عليهم شروطه وقيوده .. التي تُحابي الصهاينة اليهود في كل بنودها وجزئياتها .. ولو قلنا أن شروط المصالحة التي يمليها النظام المصري على الأطراف الفلسطينية، هي نفس شروط الصهاينة اليهود .. وهو نفس ما يريده الصهاينة اليهود من الأطراف والأحزاب الفلسطينية، لما ابتعدنا عن الصواب والحقيقة؟!
          أقول: الجميع يعلم أن لا متنفس ولا منفذ للفلسطينيين في غزة .. نحو العالم الخارجي .. سوى طريق معبر رفح المتاخم للحدود المصرية .. والذي تُشرف عليه قوات النظام المصري .. وجميع الفصائل الفلسطينية .. وبخاصة منهم حماس .. قد أدركوا أن لا طائل لهم بمخالفة أو إغضاب النظام المصري .. لأنه يتحكم بمجرى حياتهم ومعاشهم .. المتمثل في معبر رفح .. وخشية أن ينتقم النظام المصري من الشعب الفلسطيني فيبالغ ويزيد في إغلاق المعبر أكثر مما هو مغلق الآن .. لذا نجد أن المعبر يُفتح ويُغلَق ـ وبالدقائق والسويعات ـ بحسب تجاوب الفصائل الفلسطينية للشروط والرغبات والإملاءات المصرية .. فاستغل النظام هذا المعبر المتاخم للأراضي المصرية أسوأ استغلال .. وأسوأ بكثير من استغلال الصهاينة اليهود للمعابر المتاخمة لتواجدهم!
          لماذا هذا الاستغلال الدنيء أللا أخلاقي ..؟!
          أقول: لثلاثة أسباب:
          أولها: خشية النظام المصري أن تقوم في غزة حكومة إسلامية قوية .. تكون سند خير وقوة لنشاط الجماعات الإسلامية المصرية .. المتواجدة على الأراضي المصرية .. لذا فإن النظام المصري حريص جداً على علمنة النظام في غزة .. وعلى دعم الأطراف العلمانية الفلسطينية .. في تشكيل حكومة غزة .. والنظام الذي يحكم غزة، ويحرس معبر رفح من جهة غزَّة .. وحتى لا ينفرد الإسلاميون في حكم غزة، والسيطرة على منفذها الوحيد والمتمثل في معبر رفح .. فيمتد أثر حكمهم إلى الأراضي المصرية .. وهذا ما لا يريده النظام المصري .. وهو على استعداد أن يقتل الشعب الفلسطيني كله جوعاً .. ولا يتحقق لهم هذا الهدف!
          فالنظام المصري ـ والمتمثل بحاكمه الطاغية حسني مبارك ـ يريد أن يُظهر لنا .. ولغيرنا .. من خلال حصاره الظالم لأهل لغزة .. عن مدى حقده وعداوته الشديدة للإسلام والمسلمين .. ولكل ما يمت للعمل الإسلامي من صلة!
          ثانياً: يطمع طاغية النظام المصري من الصهاينة اليهود .. والمجتمع الدولي من ورائهم .. أن يرتضوا ولده جمال مبارك كوريث له في حكم مصر .. وهذا يستدعي منه أن يُبالغ ـ إلى درجة الإفراط والغلو ـ في حراسة المصالح الصهيونية والأمريكية في المنطقة .. وحراسة حدود دولة الصهاينة اليهود .. عساهم أن يُكافئوه بتنصيب ولده كوريث له في الحكم.
          الطاغية يريد أن يقول للصهاينة اليهود، وللمجتمع الدولي من ورائهم: هذه المصالح التي أحققها لكم .. وأعمل على حراستها وحمايتها طيلة ثلاثين عاماً .. ضارباً عرض الحائط مصالح شعبي وأمتي .. ومتنكراً لقيم الأخلاق والرجولة والمروءة .. لا يُمكن أن تبقى محفوظة ودائمة لكم .. إلا إذا جاء بعدي من يُحافظ على إرثي الضخم في العمالة والخيانة .. ولا أحد يضمن لي ولكم ذلك أكثر من ولدي .. جمال حسني مبارك!
          ثالثاً: اجتماع جميع صفات الخِسَّة والدناءة في شخص طاغية وحاكم مصر .. وانعدام أدنى درجات المروءة .. والرجولة .. والغيرة .. والشرف .. والشهامة في شخصه!!
وإلا فقولوا لي: من يقوى على حصار وتجويع .. وقتل النساء والأطفال من أبناء غزة الرباط والصبر والجهاد .. من يقوى على حصار وتجويع وتقتيل شعب بكامله .. من يقوى على الإجهاز على جرحى ضحايا العدوان الصهيوني اليهودي بمنعهم من حقهم في التداوي والعلاج في الخارج .. إلا من اجتمعت في شخصه جميع خصال وصفات الخِسَّة والدناءة .. وانتفت عنه جميع معاني المروءة .. والرجولة .. والشرف!
فشخصية الحاكم المصري .. كشخصية تتميز بالصفات الدنيئة الآنفة الذكر .. كانت سبباً رئيسياً فيما يقوم به النظام المصري من أعمال مشينة مخجلة .. يستحي العدو ذاته من القيام بها!
وحزَني ـ وكذلك عتبي ـ على الشعب المصري المسلم .. كيف يسكت على حاكم هكذا هي بعض صفاته .. وهكذا هي بعض أعماله وسيرته؟!
عرفنا حكاماً ـ من أبناء جلدتنا ممن يتكلمون بألسنتنا ـ يمارسون العمالة خفية .. وعلى استحياء من شعوبهم .. بينما حاكم مصر .. حتى هذا القدر من الحياء فقد فقده .. ومنذ زمن .. فهو يُمارس العمالة والخيانة جهاراً نهاراً .. ويُجادل عن عمالته وخيانته .. جهاراً نهاراً .. ومن دون حياء .. فيه يصدق قول النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت " البخاري. هذا هو حظه من دين الله .. فهو لا يستحي من شيء .. لذا فهو يفعل كل شيء يُشِين ويُعِيب الرجال!

عبد المنعم مصطفى حليمة

" أبو بصير الطرطوسي " 

12/4/1430 هـ / 8/4/2009 م. 








إرسال تعليق

 
Top