GuidePedia

0
بسم الله الرحمن الرحيم
        الحمد لله وحده، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبي بعده، وبعد.
          عملاً بواجب النصيحة التي يجب أن تكون بين المسلمين، أخص إخواني وأحبتي المجاهدين في الشيشان وبلاد القوقاز، بقيادة الأخ المجاهد أبي عثمان " دوكو عمروف " حفظهم الله، بهذه الكلمات، أجملها في النقاط التالية:

          1- قد دلت نصوص الكتاب والسنة ـ كذلك قد تحقق إجماع علماء الأمة سلفها وخلفها ـ على وجوب الجهاد والقتال في حال داهم العدو الكافر شبراً واحداً من أراضي المسلمين .. وعليه لا يجوز أن يتسلل الشك إلى نفوسكم حول شرعية جهادكم للغزاة الصليبيين والشيوعيين الروس، الذين سطوا على الديار والحرمات، كما لا ينبغي أن تصغوا للمرجفين المنافقين الذين يشككون بشرعية جهادكم، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من مات ولم يغزو، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبةٍ من نفاق " مسلم. هذا فيمن لم يغزو ولا يحدث نفسه بالغزو، فكيف بمن يثبط عن الجهاد، ويخذل ويجرم الجهاد والمجاهدين في سبيل الله، فهذا أولى بالنفاق، والعياذ بالله.
          2- على جميع المسلمين في الشيشان وإمارة القوقاز أن يدخلوا في طاعة وموالاة قيادات المجاهدين، وأن يكونوا عوناً ونصيراً لهم في جهادهم للعدو المحتل لدياركم، فأمراء الجهاد هم الولاة الشرعيون لكم الذين تجب طاعتهم في المعروف، وهم من أولي الأمر المعنيين في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) النساء:59.
          وفي المقابل على قيادات وأمراء الجهاد أن يتصرفوا نحو شعوبهم بمسؤولية، وأن يعملوا فيهم بقانون " الرفق " وإقالة العثرات ما أمكن لذلك سبيلاً .. فلا يأخذوهم بالعزائم والشدة دائماً .. لأن الله تعالى رفيق، يحب الرفق في الأمور كلها، ويبارك فيه، ويُعطي عليه مالا يُعطي على العنف والشدة، وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" اللهم من وليَ من أمر أمتي شيئاً فشقَّ عليهم فاشقق عليه، ومَن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم، فارفق به " مسلم.
وليعلموا أن الإمارة ليست تشريفاً، وإنما هي رعاية وتكليف ومسؤولية عظيمة، إما أن تُوبق صاحبها وإما أن تُنجيه، كما في الحديث:" ما من رجلٍ يلي أمرَ عشرة فما فوق ذلك إلا أتى اللهَ U مغلولاً يومَ القيامة يده إلى عنقه، فكَّه برُّه، أو أوبقَه إثمه، أولها ـ أي الإمارة ـ ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة "[أخرجه أحمد، السلسلة الصحيحة:349]. هذا في حال لم يُؤدها حقها.
3- اعلموا أن قوتكم في توحدكم واعتصامكم بحبل الله جميعاً، وأن التنازع والخلاف، وإحداث التفرق في الصف .. لهو أخطر عليكم من العدو وأسلحته الفتاكة، كما قال تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) آل عمران:103. وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ) الصف:4. وقال تعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال:46.
وفي الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" فإن يد الله مع الجماعة، وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض "[صحيح الجامع:3621]. وبالتالي حذار أن تدعوا فرجة للشيطان يتسلل من خلالها الصفوفَ والنفوس .. فيوقع العداوة والبغضاء فيما بينكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تباغضوا، ولا تحاسَدوا، ولا تدابروا، وكونوا عبادَ الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوقَ ثلاثِ ليالٍ " متفق عليه.
وليكن أمركم كله شورى فيما بينكم، وبخاصة المسائل والوقائع الكبار التي ترتد آثارها على الأمة كلها، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى:  (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء:59. 
4- الساحات منها المحكم ومنها المتشابه المختلف عليه، فعلى قدر ما تكون أعمالكم في الساحات المحكمة التي لا يُختلف عليها ـ أو قريبة منها ـ على قدر ما تنال أعمالكم القبول والرضى في السماء والأرض، وتدفعوا عن أنفسكم وجهادكم الشبهات، وكثرة التساؤلات والاعتراضات، وتقطعون على المرجفين إرجافهم.
واعلموا أن العمل طويلاً في الساحات المتشابهة يوشك أن يوقع صاحبه في المحظور، كما في الحديث:" إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشُّبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه " مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم:" الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما شُبِّه عليه من الإثم كان لما استبان أترَك، ومن اجترأ على ما يشكُّ فيه من الإثم أوشَكَ أن يواقِعَ ما استبانَ " البخاري.
ثم أن المكث والخوض طويلاً في الساحات المتشابهة ـ التي ليست هي إلى الحِلِّ قولاً واحداً ولا هي إلى الحرمة قولاً واحداً ـ يوقع أنصار الجهاد والمجاهدين من الشعوب في التردد والشك من جدوى مناصرتهم وتأييدهم للمجاهدين، وللمشروع الإسلامي بشكل عام .. وهذا محذور ينبغي للعاملين من أجل الإسلام أن يقلقوا له، ويهتموا به، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمسك عن قتل رأس النفاق حتى لا يُقال أن محمداً يقتل أصحابه. وفي الأثر عن علي بن أبي طالب t قال:" حدِّثوا الناسَ بما يعرفون أتحبون أن يُكذَّب اللهُ ورسولُه " البخاري.
5- أيما عملٍ جهادي أو تعبدي تقومون به، يجب أن يخضع لثلاثة قيود وشروط: أن يكون مشروعاً موافقاً للحق الثابت في الكتاب والسنة. ثانياً: أن تُرجَى المصلحة الراجحة من فعله؛ إذ ليس كل ما هو مشروع، يعني بالضرورة يجب القيام به من دون النظر في العواقب والمآلات، والمصالح والمفاسد. ثالثاً: أن يكون العمل خالصاً لوجه الله تعالى، كما قال تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) الكهف:110.
6- يجب أن ينفر من المجاهدين فئة لطلب العلم الشرعي، ليفقهوا الناس بشؤون دينهم، وليستمر الجهاد على علم وبصيرة، فالعمل الذي يتقدمه العلم يكتب له النجاح والقبول، بينما العمل الذي يتأخر عنه العلم، يتخبط ويتعثر، ويُرَد، ثم له عواقب وخيمة، لا تُحمَد ولا تُشكَر.
قال تعالى: ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) التوبة:122.
7- وفي الختام، أوجه خطابي لجميع المسلمين في العالم عامة، وللعرب منهم خاصة بأن يمدوا يد العون والدعم والتأييد لإخوانهم المجاهدين في الشيشان وإمارة القوقاز .. كما كانوا يفعلون ذلك أيام الخطَّاب والغامدي وشامل باسييف رحمهم الله تعالى .. فما الذي تغير على الساحة لكي تتغير المواقف .. ويتوقف الدعم والتأييد .. فالعدوان لا يزال مستمراً .. والغزاة الروس لا يزالون محتلين للبلاد والعباد .. والحرمات لا تزال تُنتهك .. والدين يُحارَب .. فما الذي تغير حتى نتغير؟!
ثم مَن كان يعبد الخطَّاب، والغامِدي، وشامل، ويجاهد لأجلهم .. فإن الخطاب، والغامدي، وشامل قد ماتوا .. ومن كان يعبد الله تعالى ويُجاهد في سبيله، فإن الله تعالى حي لا يموت.
اللهم يا حي يا قيوم، ياذا الجلال والإكرام انصرعبادك المجاهدين في سبيلك، على أعدائك أعداء الدين، وارزقهم، وسدد رميهم، واشفِ جرحاهم ومرضاهم، وكن معهم في حِلّهم وترحالهم، واحفظهم بحفظك الذي لا يُضام .. إنك يا ربنا سميع قريب مجيب.
وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
27 من شهر رمضان المبارك/ 1431 هـ.






         





           


إرسال تعليق

 
Top