بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد تناهي إلى علمنا وسمعنا ما تقوم به حكومة غَزَّة من تضييق وملاحقة وسجنٍ وتعذيب لشباب التوحيد والسنة والجهاد الذين ينكرون عليها بعض توجهاتها وسياساتها .. وانحرافاتها .. وظلمها .. وكل ما نخشاه أن يكون ذلك تمهيداً لارتكاب مجزرة بحق هؤلاء الفتية الأطهار، على غرار ما ارتكبته حكومة غزة من جريمة نكراء بحق الشيخ العالِم أبي النور المقدسي رحمه الله، ومن معه من الإخوان من رواد مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية!
سلِمَ منهم الصهاينة اليهود، وعملاؤهم من الزنادقة والمنافقين التي تعج بهم شوارع غزَّة، ولم يسلم منهم شباب التوحيد، والسنّة، والجهاد .. إذا توجهوا باتجاه الكفار والمشركين والزنادقة والمنافقين .. تكلموا بوجه منبسط ضاحك متبسم عن الصدور المفتوحة، والعقول المتحررة التي تقبل الآخر .. وتتعايش مع الآخر .. بينما إذا توجهوا باتجاه إخواننا من أبناء هذه الدعوة المباركة .. تكلموا بوجه عابس متقطب .. وبلغة الوعيد والتهديد .. وبلغة حزبية ضيقة مقيتة: نحن أو هم .. ولا نجونا إن نجوا .. وهذا لعمر الحق خصلة بارزة من خصال الخوارج الذين يتركون أهل الأوثان ويقتلون ويُلاحقون أهل الإسلام!
ما تفعله حكومة غزَّة الآثمة بحق الأبرار من شباب التوحيد، والسنة، والجهاد .. من اضطهاد ومطاردة، واعتقالات، وتعذيب .. ذكّرنا بما فعلته ولا تزال تفعله حكومات طواغيت العرب من جرائم بحق أبناء الحركات الإسلامية، وبخاصة من عُرف منهم بانتمائه لهذا التوجه المبارك: التوحيد، والسنة، والجهاد .. إذ الفعل سواء؛ لا فرق!
أيضاً ما تفعله حكومة غزَّة الإخوانية التوجه من جرائم بحق إخواننا من شباب " التوحيد، والسنة، والجهاد " في غزة .. أعطانا جواباً عن سؤالٍ قديمٍ جديد .. يتكرر على ألسنة كثير من الناس: لماذا لم يكتب الله تعالى لحزب وجماعة الإخوان المسلمين التمكين والظفر في بلد من البلدان علماً أنه قد مضى على وجودهم وانتشارهم أكثر من سبعين عاماً، وقد توفرت لهم في كثير من المحطات والمراحل أسباب الظفر والنصر؟!
الجواب عن هذا هو ما تفعله حكومة غزة الإخوانية ـ على ما تعيشه من حصار واستضعاف ـ بحق المسلمين الموحدين .. فهم لو قدَّر لهم التمكين في دولة من الدول: فمعركتهم لن تكون مع الكافرين والمشركين .. ولا مع الطواغيت الظالمين المجرمين .. ولا مع الغزاة المحتلين لبلاد المسلمين .. فهؤلاء قد يجدوا منهم حلفاء وشركاء في الحكم .. وإنما ستكون مع أهل القبلة من أهل السنة والتوحيد .. ممن يخالفونهم في التوجه، والاعتقاد، والمنهج .. لذلك لم يمن الله تعالى عليهم ـ طيلة الفترة الماضية كلها ـ بدولة يحكمونها .. وإلا لرأينا منهم العجب العجاب .. والجرائم العظام .. ثم بعد ذلك يلصقونها ظلماً وزوراً وعدواناً بالإسلام .. وما تفعله حكومة غزة الآثمة بحق أبناء هذه الدعوة المباركة في هذه الأيام خير برهان ودليل على ذلك!
لصالح من تمارس حكومة غزّة هذه الجرائم، والمظالم .. وهي إذ تقاتل وتقتل، وتعتقل، وتفتن منسوبي هذا التيار المبارك .. تفعل كل ذلك بالنيابة عمَّن .. ولصالح من؟
الكل يعلم أن المستفيد الأكبر مما ترتكبه حكومة غزة من جرائم واعتدائات بحق أبناء هذه الدعوة السنيّة المباركة، هم الصهاينة اليهود، ثم سلطة عباس الخائنة العميلة، ثم الأنظمة العربية الطاغية الحاكمة، وبخاصة منها دول الطوق المحيطة بفلسطين، ثم دولة الروافض والطعن والهدم في طهران وقم، ثم بعد ذلك أمريكا ومن دخل في حلفها من الصليبيين ... فحكومة غزة تُقاتل وتحاصر وتفتن شباب التوحيد والسنة والجهاد .. نيابة عن هذا الشر كله .. وباسم هذا الشر كله .. ولصالح هذا الشرِّ كله!!
كل هذا مما جرأ حكومة غزة الآثمة على المضي والإمعان في محاربة وفتنة هذه المجموعة المؤمنة من الشباب المسلم الموحد .. فهي قد حصلت على الضوء الأخضر من مجموع هذا الشر الآنف الذكر .. أن افعلوا ما شئتم بهؤلاء الشباب .. فلن تجدوا منا معترضاً .. ولا مندداً .. ولا مستنكراً!
وأنا هنا أقول لقادة حكومة غزة: إذا لم يكن مع هؤلاء الشباب دولة أو طاغوتاً كبيراً يطالب ويسعى بحقوقهم إذا ما انتهكت واعتدي عليها .. تهابونه وتحسبون له حساباً .. اعلموا أن الله معهم .. واعلموا أن الله تعالى لا يحب الظلم، ولا يرضاه لعباده .. فحذار أن تستخفوا بمعية الله لعباده وأوليائه .. وحذار أن تستخفوا بعواقب الظلم والبغي، وفي الحديث القدسي، يقول الرب I:" من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ". ولا أظنكم أهلاً أو كفأ للدخول في حرب مع الله!
وقال صلى الله عليه وسلم:" بابان مُعَجَّلان عقوبتهُما في الدنيا: البغي، والعقوق ".
أنتم تخوضون حرباً مع شباب التوحيد والسنة والجهاد .. باسم الشيطان، واسم الشر .. ونيابة عن الشيطان وقوى الشر في الأرض .. لكن الخاسر من هذه المعركة الشيطانية أنتم .. أهل غزة .. مسلمو فلسطين .. ومن ورائهم مسلمي العالَم كله!
كلما أوقدتم ناراً للحرب مع هؤلاء الفتية المؤمنين الموحدين .. عملنا وعمل معنا الدعاة الغيورون المخلصون على إطفائها .. وقلنا لهؤلاء الفتية الأبطال كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة .. لكن إن استعصت نيران حروبكم الشيطانية يوماً على الاحتواء .. وامتدت فتنتها إلى حيث لا نحب ولا نريد .. وطالت نيرانها بيوتكم ومساكنكم .. اعلموا حينئذٍ أنكم أنتم المسؤولون عن كل ما يحصل .. واعلموا أنكم أنتم من بدأ .. وأول من توسع .. والبادئ أظلم!
نصيحتي لكم صادقاً ومخلصاً: أن تكفوا عن كل أنواع الأذى والمطاردة والفتنة لهؤلاء الشباب المسلم الموحد .. وأن تعرفوا لهم حقوقهم .. وأن تجلسوا ـ بتواضع ـ معهم .. وتسمعوا لهم .. ويسمعوا لكم .. فتخرجوا أنتم وإياهم بقواسم مشتركة تسعكم وتسعهم .. وحتى تكون للسهام وجهة واحدة لا غير؛ إلا وهي صدور وظهور الغزاة المحتلين من الصهاينة اليهود.
ولأهلنا في غزة وفلسطين أقول: اعلموا أن لهؤلاء الشباب من المسلمين الموحدين، والمجاهدين .. لهم عليكم حق النصرة، والدعم، والتأييد، والذود عنهم، وعن حرماتهم، وحقوقهم .. فلا تُسلِموهم لعدو كان بعيداً أم قريباً، وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" المسلم أخو المسلم لا يَظلِمْه ولا يُسْلِمْه "؛ أي لا يُسلِمه لظلم الظالمين .. ولا لأي نوع من القهر والعدوان.
كما يجب عليكم أن تكثروا سوادهم بالعدة والعدد .. فاحرصوا على تكثير سواد الحق وأهله حيثما وجد ويوجد .. واعلموا أن من كثر سواد قوم فهو منهم .. فحذار أن تكثروا سواد أهل الظلم والبغي والبدع والأهواء .. فتكونوا منهم .. فتهلكوا .. وتندموا .. ولات حين مندم!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
22/8/1431 هـ. 1/9/2010 م.