GuidePedia

0


س86: سلفنا الصالح كفَّروا تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً، فكيف كان جمعهم بين تكفير تارك الصلاة كسلاً وهي من أعظم أعمال الجوارح، وبين الأدلة الصريحة التي تثبت وتؤكد خروج الموحدين من النار ولو لم يعملوا خيراً قط .. وجزاكم الله خيراً ؟
          الجواب: الحمد لله رب العالمين . كما أن التوحيد يكون بالاعتقاد والقول، فهو كذلك يكون بالعمل؛ أي من لم يأت بالتوحيد عملاً لا يكون مؤمناً ولا موحداً مهما زعم بلسانه بأنه من أهل التوحيد اعتقاداً وقولاً ..!
          ومن أعمال التوحيد التي تدخل كشرط لصحته الصلاة، والشرط: هو الذي يتوقف وجود الشيء على وجوده، ولا يلزم من وجوده وجود الشيء لاحتمال وجود شروط أخرى، ولكن يلزم من عدم وجود هذا الشرط عدم ذلك الشيء وانتفائه.
          والذي أثبت دخول الصلاة كشرط لصحة الإيمان والتوحيد هو الشارع سبحانه وتعالى .. فقد سمى الصلاة إيماناً كما في قوله تعالى:] وما كان الله ليضيع إيمانكم [؛ أي صلاتكم .

          وسمى تارك الصلاة كافراً مشركاً، تاركاً للدين والإيمان كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-:" بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة .. فإذا تركها فقد كفر" وفي رواية:" فإذا تركها فقد أشرك ". 
          وقال -صلى الله عليه وسلم-:" آخر ما يُفقد من الدين الصلاة "؛ أي ليس بعد ترك الصلاة وفقدانها دين ولا إيمان ..!
          وعليه فتارك الصلاة لا يُسمى موحداً، ولا هو من أهل التوحيد الذين يخرجون من النار والمعنيين من الأحاديث العديدة التي تفيد خروج الموحدين من النار ولو بعد حين .
          بل إن الأحاديث قد دلت أن آخر من يخرج من النار أناس يسمون " الجهنميون .. عتقاء الله سبحانه وتعالى " فإنهم يُعرفون بأثر السجود، مما يدل أنهم كانوا من أهل الصلاة ..!
فالحديث الذي يفيد خروج من لم يعمل خيراً قط من النار  .. محمول على معنى من لم يعمل خيراً قط زائدأ عن أصل التوحيد الذي منه الصلاة .. وهذه مسألة تناولتها بشيء من التوسع في رسالتي " حكم تارك الصلاة " فراجعها إن شئت.
          فإن قيل الشرك يُطلق عادة لنوع عبادة تُصرف للمخلوق، فأين تكمن عبادة تارك الصلاة للمخلوق ..؟
          أقول: تكمن عبادته للمخلوق من جهة طاعته لهواه فيما هو كفر وشرك، فيكون بذلك قد اتخذ إلهه ومعبوده هواه، وهواه مخلوق من جملة المخاليق، وعليه يُحمل قوله تعالى:] أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً [ . وقوله تعالى:] ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً [ وأي ذكر يغفل عنه القلب أعظم من ذكر الصلاة، وأي اتباع للهوى أشد من اتباعه في ترك الصلاة  .. والله تعالى أعلم. 

إرسال تعليق

 
Top