س71: امرأة فاسدة ومفسدة يزني بها الرجال برضاها وليس لها ولي أمر، أو لها ولي أمر ولا يمنعها، أصبحت مصدر فساد وفتنة لعشرات الشباب المراهقين، أو غلام أمرد يُفعل به عمل قوم لوط حاله حال المرأة السابقة الذكر، هل لبعض المجاهدين ـ عليهم أمير مطاع ـ القيام بقتل هذه المرأة أو هذا الغلام ؟
وإذا كان الغلام لم يبلغ الحلم فهل حكمه نفس حكم من بلغ الحلم ..؟
وهل يجوز قتل الزناة واللوطية الفاعلين إذا كانوا محصنين ؟
وإذا جاز الأمر فهل القصاص منهم يكون بإطلاق النار عليهم بأسلحة معاصرة حيث لا يستطيع المجاهدون تطبيق الحدود الشرعية بصيغة الرجم أو غيره .. علماً أن هذا العمل يدخل ضمن التغيير باليد، وهذا الغيير مستطاع، ويأتي بعد البيان باللسان ؟؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين . بالنسبة للمرأة الزانية التي تعلن الشر، لا يجوز رجمها وقتلها إلا بشرطين: أن تكون محصنة، وأن تقام عليها البينة القاطعة؛ والبينة تكون إما بإقرار أو بشهود أربع كما هو مبين.
قال ابن تيمية رحمه الله: فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يُقيم الحدود بعلمه، ولا بخبر الواحد، ولا بمجرد الوحي، ولا بالدلائل والشواهد، حتى يثبت الموجب للحد ببينة أو إقرار، ألا ترى كيف أخبر عن المرأة الملاعنة أنها إن جاءت بالولد على نعت كذا وكذا فهو للذي رُميت به، وجاءت على النعت المكروه، فقال:" لولا الأيمان لكان لي ولها شأن ". وكان بالمدينة امرأة تعلن الشر، فقال:" لو كنت راجماً أحداً من غير بينة لرجمتها " ..أ- هـ.
أما بالنسبة للغلام الذي يُلاط به لا يجوز قتله؛ لأنه غير مكلف لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد وغيره:" رُفع القلم عن ثلاثة: منهم وعن الصبي حتى يحتلم ".
أما إن كان قد بلغ الحلم، فإن الفاعل والمفعول به يُقتلان رجماً بالحجارة .. وهذا الذي عليه أقوال أكثر السلف، والله تعالى أعلم.
فإذا تبين ذلك لزم التنبيه إلى أمور ثلاث:
أولاً: أن الحدود مناط تنفيذها بإمام أو سلطانٍ أو من ينوب عنهم من أهل الشوكة والمنعة من الأمراء القادرين على تنفيذ الحدود .. وعلى تحمل تبعاتها ومضاعفاتها، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا . ولا أرى إخواننا الموحدين في الكردستان في درجة من التمكين تمكنهم من تنفيذ الحدود من تلقاء أنفسهم .. لذا لا أرى لهم استعجال هذه الأمور قبل أوانها خشية أن تنقلب عليهم وعلى دعوتهم بنتائج لا تحمد عقباها !!
وكون إقامة الحدود تدخل تحت عنوان تغيير المنكر باليد .. لا يعني ولا يستلزم أن يكون كل فرد من أفراد الأمة مخول في أن يستخدم مطلق ما يدخل في معنى تغيير المنكر باليد كقتل القاتل، وغير ذلك من الحدود ..!
ثانياً: أن الحدود تقام على ملأ من الناس .. لتكون أكثر ردعاً وزجراً لهم عن الوقوع في لوازمها، كما قال تعالى:] وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين [ وهذا لا يتأتى إلا لأهل الشوكة والمنعة والسلطان .
ثالثاً: الذي عليه جمهور أهل العلم ـ وهذا الذي أستريح له وأرجحه ـ أن الحدود لا تقام في دار الكفر والحرب، خشية أن يلتجئ الذي عليه الحد إلى الكافرين هروباً من الحد والقصاص .. فيقع بسبب ذلك في الكفر والردة، وبخاصة إن كان هذا الدار الغلبة فيه للمشركين والمرتدين ـ كما هو الحال في أكثر ديار المسلمين في هذا الزمان وللأسف ـ ويملكون القدرة على إيواء العصاة والدفاع عنهم من أي طلب يقصدهم من طرف المسلمين .. وعندهم من الإغراءات المتنوعة الكثيرة التي تغري ضعاف النفوس بهم!
فأرجو من إخواني أن يعوا ذلك، وأن لا يكونوا سبباً في فتنة الناس عن دينهم .. وفي صدهم وتنفيرهم عن التوحيد الخالص .. وجزاهم الله خيراً.
إرسال تعليق