بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
وبعد.
فقد
اطلعت
على"رسالة
إلى
الصادقين
ممن
نفروا
إلى
أرض
الجهاد
في
سوريا"،
لأخينا
الشيخ
أبي
محمد
المقدسي
.. فألفيتها
قد
تضمنت
توجيهات
طيبة
ونافعة
في
اجتناب
الغلو،
والغلاة
.. ومظاهر
التشدد
.. واحترام
الحقوق
والدماء
المعصومة
.. فجزاه
الله
خيراً.
على ملحوظات
استوقفتني،
رأيت
من
التناصح
الواجب
بين
الإخوان،
تدوينها:
1-
قال
في
رسالته
الواردة
أعلاه: "والذي دعاني لهذه النصائح هو حرصي عليك أولا من منطلق أخوتنا في الدين .. ودعتني إلى ذلك أيضا الأمانة التي حملتها على عاتقي؛ فقد تربيت أنت وأمثالك على منهج أنا من أبرز الدعاة إليه، وتتلمذتما على كتابات أشهرها كتاباتي، ولا زلتم تقرأون مؤلفات أبرزها مؤلفاتي لا يقدر على إنكار ذلك أو رده إلا مكابر .."ا- هـ.
أقول: تواضع لله يا أبا محمد .. ولا تزكي نفسك على الله .. هلاّ رددت هذا الفضل الذي أصابك لله عز وجل .. وحمدت الله أن هداك، وهدى بك؟!
ثم إذا كنت أنت أبرز الدعاة للمنهج .. وكتاباتك
ومؤلفاتك
أشهر
وأبرز
الكتابات
والمؤلفات
.. ماذا
تركت
لكتابات
ومؤلفات
السلف
الصالح
.. ماذا
تركت
لكتابات
ومؤلفات
ابن
تيمية
.. وابن
القيم
.. وابن
رجب
.. ومحمد
بن
عبد
الوهاب
وأحفاده
.. وسيد
قطب،
وأخيه
محمد
.. وغيرهم
الكثير
الكثير
من
الأعلام
النبلاء؟!
مفاد كلماتك أن هؤلاء العلماء .. وكتاباتهم
ومؤلفاتهم
.. كلهم
وكلها
.. دونك،
ودون
كتاباتك
ومؤلفاتك
..!
ثم قولك للشباب: "فقد
تربيت
أنت
وأمثالك
على
منهج
أنا
من
أبرز
الدعاة
إليه
.."،
فيه
نوع
من
المنّ
والأذى
.. والله
تعالى
يقول: [يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ
آمَنُواْ
لاَ
تُبْطِلُواْ
صَدَقَاتِكُم
بِالْمَنِّ
وَالأذَى] البقرة:
264. فأنا
أعيذك
من
ذلك
يا
أخي
...!
نصحناك من قبل ــ كما في مقالة قديمة، كتبناها لكم قبل أكثر
من ثلاثة عشر عاماً، وهي بعنوان "تصويباتنا لرسالتكم هذه عقيدتنا"ــ: أن
اجتنب عبارات التفخيم التي تفيد وصايتك على الناس، وعلى دين الله، وكأنه حكر لك
دون غيرك .. وكأن لك ديناً آخر غير دين المسلمين، كقولك المتكرر في كتابكم هذه
عقيدتنا: "ونواب الطواغيت في الصلاة عندنا .. والدعاء للحكام
والسلاطين من بدع الجمعة عندنا .. إن كان فيه كفر أو إعانة على كفر .. فهذا
كافر عندنا .. وما طول لحيته أو عظم لقبه وشهادته وعمامته بموانع للتكفير عندنا
.. والإعداد الجاد والمتكامل لمثل هذا العمل واجب عندنا .. من تولى المناصب في حكومات الكفر من العلماء
والمشايخ فكل بحسب منصبه، إن كان فيه كفر .. فهذا كافر عندنا ا-هـ!!
فهلَّا قلت: هو كافر .. أو هو كذا وكذا في دين الله .. في شرع
الله .. أليس هذا أفضل وأتقى من قولك: "عندنا .. عندنا .. عندنا"، وكأن
الذي عندك ليس عند غيرك؟!
الأحكام الشرعية ــ التكفير، والتفسيق، والتبديع وغيرها من
الأحكام ــ وقفية لحكم الشارع .. لا تُردّ إلى ما عندنا وعندكم!
2- قال: "أخي الصادق وإن
كنت قد ساقتك قدماك إلى أن تقع في شَرَك بعض الفصائل التي تتحالف مع حكومات الردة
وتخضع لها وتمشي وفق برنامجها وتأتمر بإشارتها وترفع راية جاهلية وتسعى لغايات غير
شرعية بل شركية فارجع فوراً ولا تخط خطوة في هذا الإتجاه؛ فخير لك لو جلست في بلدك
وفي أهلك من أن تطلق رصاصة أو تخطو خطوة تحت هذه الراية .."ا- هـ.
قلت: من هي هذه الفصائل التي تقاتل على أرض الشام .. ثم هي"تتحالف
مع حكومات الردة وتخضع لها وتمشي وفق برنامجها وتأتمر بإشارتها وترفع راية جاهلية
وتسعى لغايات غير شرعية بل شركية .."؟!
هذه الاطلاقات .. مفادها تكفير هذه الفصائل .. وهدر دمها
وحرماتها ..!
هلّا ذكرتها وحددتها لنا .. وللشباب المهاجر وغير المهاجر ..
حتى نحذرها .. ونحذّر منها .. ونرى مدى إصابة حكمك فيها ..؟!
إطلاقك هذا ــ يا أبا محمد ــ المتكرر في أكثر من موضع من
رسائلك .. من غير تحديد لهذه الفصائل، أو ذكر لأسمائها .. هو الذي يحمل الشباب على
التخمين .. والتقسيم .. والظن السيء .. ومن ثم الغلو .. فيكفرون من يشاؤون من
الفصائل المجاهدة في الشام .. وينتهكون حرماتها .. ويهدرون دمها .. ثم بعد ذلك
يقولون: قال أبو محمد ..!
إلى متى سنظل نطلق العبارات المتشابهة حمالة الأوجه والتفاسير
.. التي تضلل الشباب .. ويقتات منها الغلاة؟!
طالبت الشباب المهاجر بأن يتبينوا قبل أن يحكموا على الآخرين
.. وقبل أن يستخدموا سلاحهم ضد أحد .. أحسنت وأصبت .. وأنا في المقابل أطالبك ــ
يا أبا محمد ــ بأن تتبين من صحة ما نسبت لهذه الفصائل الشامية من أوصاف وأحكام
خطيرة .. وهل هذه الفصائل ــ بالأوصاف التي نسبتها إليها ــ موجودة حقاً على أرض
الشام .. أم هي حبيسة الخيال وظن السوء .. نتيجة الإصغاء المتكرر لكلمات وأحكام
وخربشات الخوارج الغلاة!
أتوجه إليك بهذا الطلب مشكوراً .. لأنني ــ رغم خبرتي
بالفصائل الشامية المجاهدة الثائرة على الطاغوت ونظامه ــ لا أعرف فصيلاً منها ..
فضلا عن فصائل .. تتصف بما ذكرت .. وتستحق الأحكام التي أطلقت؟!
ودرءاً للتكرار ننصح ــ مشكورين ــ بمراجعة مقالتنا المعنونة
بعنوان"لا تعلْمنوا الشعب السوري"المسلم، لا تعلمنوه بالقوة والإكراه،
وهو لا يعرف ما معنى العلمانية ..!
3- قال: "أخي الصادق لا أشك
في وجود مثلك في أكثر الفصائل المقاتلة اليوم في سوريا رغم تشوه وانحراف أكثر
الرايات ..."ا هـ.
أقول: تشوه وانحراف أكثر الرايات .. عند أكثر الفصائل
المقاتلة في سوريا .. ماذا تركت للغلاة يا أبا محمد ..؟!
ومن سلم من حكمك هذا من أهل ومجاهدي الشام .. إذا كان أكثر
الفصائل الشامية المقاتلة المجاهدة هي من ذوي الرايات المنحرفة ..؟!
الغلاة ماذا يقولون غير قولك هذا .. وما الذي حملهم ويحملهم
على الغلو وسفك الدم الحرام ــ الذي تحذر منه! ــ سوى قولك هذا ..؟!
فعلامَ تنكر عليهم غلوهم وتكفيرهم للآخرين بغير حق ..
واستحلالهم لدماء أكثر الفصائل المقاتلة المجاهدة في سوريا .. وعمدة أدلتهم ــ على
غلوهم وتكفيرهم ــ هو قولهم ــ الذي طابق قولك ــ: أن هذه الفصائل الكثيرة رايتها
باطلة جاهلية منحرفة عن الحق؟!
أهكذا تكون محاربة الغلو .. والغلاة .. والتحذير منهم ومن
شرورهم؟!
ثم قولكم "تشوه وانحراف أكثر الرايات"؛ يحتمل أحد
التفسيرين لا ثالث لهما: أولهما أنه تشوه وانحراف جزئي أصغر لا يرقى إلى درجة
الكفر .. رديف المعصية؛ التي أصحابها ــ مهما أسيء الظن بهم فهم ــ عصاة مسلمون من
أهل القبلة.
وهذا التفسير لا يلزم منه تحذير الشباب المسلم من الالتحاق
بهذه الفصائل، أو الانخراط في صفوفها، والقتال معها ضد الطاغوت النصيري وجنده ..
فالسنّة قد دلت أن الله تعالى لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم
.. وقد قضت عقيدة أهل السنة والجماعة أن الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر .. بل جهاد
المسلمين وجيوشهم عبر التاريخ الإسلامي كله ــ بعد الخلفاء الراشدين ــ كان خليطاً
من الناس؛ من الصالحين والطالحين، المؤمنين والفاسقين، ولم يكونوا على درجة واحدة
من الالتزام ..!
القتال ــ يا أبا محمد ــ في الشام، قتال أمة ضد أمة؛ أمة
الكفر والظلم والطغيان المتمثلة في الطاغوت النصيري وجنده وأعوانه وحلفائه، ضد أمة
الإسلام والإيمان على اختلاف درجة التزام أبنائها .. وليس قتال أمة الكفر ضد
النخبة والصفوة من المسلمين وحسب ... والأمة؛ الناس فيها طبقات ودرجات في التدين
والالتزام .. فليس كلهم سواء!
أما التفسير الآخر: أن يُعنَى من تشوه وانحراف الرايات ..
الانحراف الأكبر المرادف للكفر الأكبر، والذي يلزم منه كفر أصحابها وخروجهم من
الإسلام .. وهذا التفسير هو الذي عليه الغلاة .. وهو الذي يحملهم على البغي
والظلم، والغلو في التكفير، ومن ثم سفك الدم الحرام .. وإنا لنعيذ أخانا أبا محمد
منه .. وقد تقدم الرد على هذا التفسير الخطير أعلاه!
كلمة أخيرة لأخي أبي محمد، أقول: نهيتَ الشباب المهاجر عن
التحزب والتعصب لفصيل من الفصائل .. وأنا أنصحك بأن لا تتعصب لفصيل واحد من
الفصائل التي تقاتل على أرض الشام .. والذي عُرِفت بانتصارك له من دون الفصائل الأخرى
.. وإنما أريدك أن تكون ناصحاً ومحباً لجميع الفصائل المجاهدة على اختلاف درجة
التزامها .. وأن تكون مرجعاً وشيخاً للجميع .. واعلم أن جميع الفصائل الشامية
المجاهدة الثائرة على الطاغوت ونظامه .. على اختلاف مسمياتها .. ودرجة تدينها
والتزامها هي على خير كبير .. تستحق الاحترام، والتأييد، والرفق في النصح
والتوجيه.
عبد
المنعم مصطفى حليمة
"أبو
بصير الطرطوسي"
23/8/2014
www.abubaseer.bizland.com