GuidePedia



بسم الله الرحمن الرحيم
لما قامت الثورة اليمنية .. لم يهدأ للسعودية ــ ومعها بعض أخياتها من دول الخليج ــ بال .. ولم يعروفوا السكون ولا الهدوء .. كيف تقوم بجوارهم ثورة شعبية ثم يُكتَب لها النجاح .. فالعدوى قد تنتقل إلى شعوبهم .. إلى داخل المجتمع السعودي .. ففعلوا المستحيل .. وعلى مدار الليل والنهار .. ليحتووا الثورة .. ويُطفئوا جذوتها وآمالها .. ويقضوا على أهدافها .. ويحملوها على خيارات هي بمجموعها أسوأ مما كان عليه الحال في عهد الطاغية " اللا صالح " ..!

وبحكم نفوذهم .. والمال الذي يملكونه .. وحاجة الشعب اليمني .. فقد نجحوا ....!
فعادت اليمن إلى نقطة الصفر .. وإلى ما تحت الصفر .. واستغل الحوثيون الروافض .. ربائب إيران وصنائعها، وعيونها في اليمن، والخليج العربي بعامة .. الظروف .. فذحفوا خطوة، خطوة .. تحت عنوان المظلومية .. وأنهم يدافعون عن أنفسهم .. وحرماتهم .. وووجودهم .. وحقوقهم .. من دون أن يذكروا كلمة واحدة عن أغراضهم الطائفية الخبيثة .. أو أنهم مرتبطون بإيران وطموحاتها التوسعية في المنطقة .. يستمدون منها الدعم .. ويتلقون منها الأوامر والتعليمات .. وفي كل خطوة يخطونها كانوا يبتلعون قرية .. ومدينة .. إلى أن وصلوا الأمس إلى صنعاء .. فابتلعوها .. وبابتلاعها .. يكونون قد ابتلعوا اليمن كله .. وحولوا اليمن السعيد إلى محافظة جديدة من محافظات إيران الخارجية، وولاية من ولاياتها!
لكن هذه المرة .. أين السعودية .. ومعها أخياتها وبنياتها من دول الخليج ... لا كلام .. ولا حراك .. ولا معارضة .. والأمر لا يعنيهم .. ولا يهمهم .. فهو شأن يمني داخلي!
النظام السعودي أيما مشروع ناجح وطموح في الأمة .. يتدخل فيه إلى أن يفسده .. ويفشله .. ويدمره ــ حتى يبقى في عين شعبه أنه النظام الرائد الذي لا يُسبَق ــ فإن تحقق مراده هذا سحب يده منه .. وكأن الأمر لا يعنيه .. وهذا الذي فعله النظام السعودي مع الثورة اليمنية .. واليمن السعيد!
لكن يأتي السؤال: الحوثيون .. وأن تنقلب اليمن إلى محافظة شيعية من محافظات روافض ومجوس قم وطهران .. فهذا يشكل على السعودية وعلى الدول الخليجية الأخرى خطراً كبيراً .. فما الذي حملها على هذا الموقف السلبي الآنف الذكر؟
أقول: أيما ثورة .. أو تجربة واعدة ناضجة مشروعة مقنعة ــ تحصل في أي دولة عربية ــ يمكن أن تجد لها صدى وأثراً وأذناً صاغية في المجتمع السعودي .. بين الشعب السعودي .. والمجتمعات الملكية بعامة .. فالسعودية تناصبها العداء .. وتعلن عليها الحرب من غير هوادة .. إلى أن تقضي عليها في مهدها .. خشية على سلامة العرش والملك .. حتى لو لم يكن من أهداف تلك الثورة أو التجربة مناصبة النظام السعودي العداء!
وأيما نظام .. أو تجربة .. أو حراك .. كالحراك العلماني .. والشيعي الرافضي .. ليس له رصيد في المجتمع السعودي .. وبين الشعب السعودي .. ولا يجد من الشعب السعودي المحافظ والمتدين آذاناً صاغية .. ولا يمكن أن يشكل أي خطراً على المستوى الحراك الداخلي الشعبي .. لا تباله .. ولا تكترس له .. بل أحياناً تؤيده وتنصره .. وتدفع في طريق دعمه ونصرته مليارات من الدولارات .. إذا كان البديل عنه تلك الثورة الشعبية .. أو الحراك الذي يجد له صدى وأثراً بين الناس في المجتمع السعودي .. مهما كان هذا الحراك مستقيماً .. ونظيفاً .. وملتزماً .. وواعداً!
موقفها من مصر وثورتها .. ومن ثم الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي ودعمها له .. ومن ثم موقفها من الثورة التونسية .. ونصرتها لطاغية تونس شين العابدين .. وموقفها السلبي والمتآمر من الثورة الليبية .. وموقفها المريب والمتآمر من الثورة اليمنية وما تعاقبها من أحداث .. وموقفها المتخاذل من سنة العراق وثورتهم .. وموقفها البارد والمشبوه والمتردد ــ المرتبط بالإملاءات الأجنبية الخارجية ــ من الثورة السورية .. كل هذا وذاك .. دليل قاطع على ما ذكرناه أعلاه!
فإذا كان الأمر كما ذكرنا .. استيلاء الحوثيون على اليمن ماذا سيحقق للنظام السعودي .. وماذا سيستفيد منه .. حتى تقف السعودية منه هذا الموقف؟!
سيحقق للنظام السعودي التالي:
1- سيشغل الشعب السعودي ــ وبخاصة طبقة الدعاة والمثقفين ــ عن واقع وفساد النظام السعودي فترة طويلة .. بالخطر الداهم من جهة الحوثيين؛ شيعة وروافض وعملاء إيران في اليمن .. وهذا مطلب هام بالنسبة للنظام السعودي!
2- سيجعل الشعب السعودي أكثر تمسكاً وتلاحماً مع آل سعود ونظامهم .. على اعتبار أنهم الملاذ الآمن الذي يُحتمى بهم من الخطر الشيعي الداهم .. وعلى اعتبار أن إثارة أي مشكلة .. أو حتى مناصحة مع النظام السعودي، والسلطات الحاكمة .. سيستفيد منها الحوثيون الأشرار .. فلنمسك الآن عن مشاكلنا الداخلية .. وعن أي نقد أو حراك ضد سياسات وفساد النظام السعودي .. إلى أن ندفع الخطر الشيعي الحوثي .. وقد لا يندفع بعد عشرات السنين ...!
فالنظام السعودي يبتز شعبه بالبعبع الشيعي المحيط به .. كما تبتز أمريكا دول المنطقة .. تارة ببعبع إيران .. وتارة أخرى ببعبع الإرهاب ..؟! 
هكذا يفكر النظام السعودي وللأسف .. وهكذا يتعامل مع شعبه .. ومع شعوب المنطقة وثوراتهم .. وعلى هذا الأساس يضع استراتيجياته .. ويرسم خطط وسياسات بلده ... المهم .. والمهم أولاً وآخراً .. سلامة عرش آل سعود .. ودوام ملكهم وحكمهم للجزيرة العربية ... أما سلامة الأمة .. أما سلامة الإسلام .. أما سلامة عقائد الشعوب .. وسلامة مقدساتهم .. وخيراتهم .. غير مهم .. والتذهب ــ في العقلية السعودية ــ إلى الهاوية والجحيم!
وهذا الأسلوب في التفكير ورسم الاستراتيجيات وتحديد المواقف .. في النهاية سيحرق النظام السعودي ذاته .. قبل أن يحرق غيره .. وبمثل هذا التفكير الأناني الذي لا يرى إلا مصلحة الملك، ومصلحة عرشه وسلطانه .. زالت دول .. وممالك .. وأنظمة .. فأين المُعْتَبِر؟!
عبد المنعم مصطفى حليمة
أبو بصير الطرطوسي
23/9/2014


 
Top