recent
آخر المشاركات

الخلافة وحزب التحرير.



يُكثر حزب التحرير من الحديث عن الخلافة، والخليفة .. وهو منذ أكثر من سبعين سنة مضت على تشكيله لا همّ ولا حديث له سوى الحديث عن الخلافة، والخليفة .. ولكنهم في نفس الوقت وضعوا للخليفة والخلافة قيوداً وشروطاً تعجيزية ــ ما أنزل الله بها من سلطان ــ يستحيل معها قيام خلافة، واستئناف حياة إسلامية راشدة .. لذلك هم بعد أكثر من سبعين عاماً على تشكيل حزبهم أبعد ما يكونون عن قيام الخلافة .. ففي كل يوم يمضي يزدادون بعداً أكثر عن هدفهم المنشود؛ الخلافة والخليفة .. والحسرة على الشباب المسلم المتحزب في هذا الحزب، الذين تضيع أعمارهم سدى من غير عطاء يُذكر ــ سوى الحديث عن الخلافة والخليفة ــ ينتظرون ــ على طريقة الشيعة الروافض الذين ينتظرون إمامهم المغيب في السرداب ــ قيام ومجيئ الخليفة، والخلافة ليجاهدوا معه .. وذلك أنهم قالوا: لا جهاد إلا مع خليفة .. ومن أراد أن يُجاهد، ليدافع عن نفسه .. فله ذلك؛ إلا أن جهاده جهاداً فردياً يمثله وحده .. ولا يمثل الحزب .. أما طريقة الحزب فلا جهاد إلا مع خليفة، وبعد وجود الخليفة، والجهاد مهمة الخليفة وحده لا غير!


والحزب قد أسس في فلسطين، وقادته ومؤسسوه من فلسطين .. ومن ذلك التاريخ إلى الساعة لا يُعرف عن حزب التحرير أنهم أطلقوا طلقة واحدة ضد الصهاينة اليهود المغتصبين والمستعمرين لأرض فلسطين، ولشعب فلسطين .. ومرد ذلك التقصير والخذلان إلى فلسفتهم الخاطئة في فهم الجهاد، المشار إليها أعلاه.

قال الشيخ تقي الدين النبهاني ــ مؤسس حزب التحرير ــ في كتابه " الشخصية الإسلامية "، جـ2/134: الخلافة رئاسة عامة للمسلمين جميعاً لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، فإقامة أحكام الشرع، وحمل الدعوة إلى العالم هما الأمران اللذان قد وجد منصب الخلافة لأجلهما، وهما عمل منصب الخلافة، فلا يصح أن يتولاهما أحد غير الخليفة، ولا يجوز للخليفة أن يُقيم من يتولاهما نيابة عنه ... وتولي الخليفة محل الدعوة، له طريقة معينة وهي الجهاد، والجهاد إنما يوجد بالمجاهدين، وبالقوة التي تعد للقتال وبالقتال نفسه، لذلك كان وجود الجيش، وتجهيزه، وعمله الذي يقوم به، هو الطريقة لحمل الدعوة إلى العالم، ومن هنا كان الخليفة هو الذي يتولى الجهاد، فيتولى هو لا غيره قيادة الجهاد.

ولذلك كان الخليفة هو الذي يتولى رسم السياسة العسكرية كلها داخلياً وخارجياً، ورسم سياسة القتال كلها داخلياً وخارجياً، ولا يصح أن يتولاها أحد غيره مطلقاً ا- هـ. وغيرها كثير من نصوصهم في كتبهم ومنشوراتهم التي تقييد مهمة الجهاد بوجود الخليفة، وتجعل الجهاد منوط بالخليفة وحده، لا غير .. هذا هو المحكم من قولهم .. وأيما نص متشابه حمال أوجه وتفاسير من كتبهم، يفيد خلاف هذا المحكم، ينبغي أن يُفسر ويُفهم على ضوء المحكم من قولهم!

ثم فرضوا عقبة كأداء أخرى أمام الخليفة والخلافة .. فقالوا: لا طريق لقيام الخلافة والخليفة إلا عن طريق النصرة؛ طلب النصرة من ضابط في الجيش، أو شيخ قبيلة ينصر حزب التحرير على قيام الخلافة، والخليفة .. وطلب النصرة فرض .. من طلب الخلافة عن غير طريقها فهو آثم .. وأدبياتهم ومنشوراتهم مجمعة على هذا المعنى المشار إليه أعلاه!

ولما يُقال لهم: أن طلب النصرة بأسلوبها القديم لم يعد لها فاعلية في زماننا المعاصر .. فنحن نعيش زمن التكتلات الضخمة .. تكتلات الدول .. والأمم .. في تجمع واحد .. وإلزام الأمة على وجه الفرض بطريقة النصرة الواردة أعلاه .. وكخيار وحيد لا مناص لها منه .. مضيعة للأوقات، والطاقات معاً من غير نتيجة تُذكَر ... لما يُقال لهم ذلك : يُحارون جواباً، ويزعمون التزامهم بحرفية النص .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد طلب النصرة من القبائل المعاصرة له .. ونحن لا بد من أن نفعل ذلك .. حتى لو ظلنا مائة عام .. ألف عام بلا خلافة ولا خليفة .. وهم مثلهم في هذا الاستدلال الخاطئ مثل: من يقول لا بد من أن نقاتل العدو بالسيوف ــ مهما كانت أسلحة العدو متطورة وفتاكة ــ وقتاله بالسيوف فرض وواجب .. وأيما قتال له بغير السيوف فهو أثم، وحرام، وهو بخلاف الفرض والواجب .. ودليلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قاتل العدو بالسيوف .. وبالتالي لا بد من أن نقاتله بالسيوف!!

خلاصة قولهم: لا جهاد إلا مع خليفة، وبعد وجود الخليفة .. ولا خلافة، ولا خليفة إلا عن طريق النصرة .. فكانت النتيجة أنهم لم يقيموا جهاداً، يدفعون به عن الأمة ضرراً وشراً يداهمها .. ولا هم أقاموا خلافة، ولا خليفة .. والله المستعان!

22/6/2016
google-playkhamsatmostaqltradent