GuidePedia

0

بسم الله الرحمن الرحيم
          سؤال: تعلمون ما تتعرض له سوريا في هذه الأيام من ضغط إعلامي أمريكي صهيوني، وعندما يقوم أحدنا بتعرية فساد وظلم وطائفية النظام السوري .. ينبري كثير من الناس معترضين قائلين: أنتم في نقدكم للنظام السوري تقفون في الموقف الأمريكي الصهيوني، وتكونون عوناً لهم على سوريا آخر قلاع الصمود والتصدي العربي .. وتكررون نفس موقف المعارضة العراقية في تعاملها مع أمريكا من أجل استئصال النظام العراقي، وهذه مفسدة لا نريدها أن تتكرر .. فما هو ردكم على مثل هذا الاعتراض، وجزاكم الله خيراً؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد.
          من قبيل معرفة الأشياء على حقيقتها، وتوصيفها بأوصافها المطابقة لها واللاصقة بها، لا بد من الإشارة إلى حقيقة النظام السوري، وحقيقة مواقفه من القضايا الهامة والمصيرية لنرى هل يستحق بأن يوصف بأنه " آخر قلاع الصمود والتصدي العربي "، وهل هو نظام شريف يستحق الاحترام والتقدير أم لا .. ثم بعد ذلك نجيب على السؤال إن شاء الله.
          فأقول: إضافة إلى كون النظام السوري نظام بعثي اشتراكي، طائفي، ديكتاتوري، قائم على العمالة والفساد، والقمع والكبت والإرهاب، وحكم المخابرات .. فهو نظام طفيلي يقتات ويعيش ـ منذ تأسيسه ـ على حساب هموم وقضايا الأمة المصيرية والكبرى، ليظهر بمظهر المناضل الشريف .. وهو ـ في حقيقته ـ أبعد ما يكون عن النضال والشرف! 
          فما من بلاء ينزل بالأمة إلا ويقتات منه ما يُطيل به من عمره وبقائه وظلمه ومن دون أن يُقدم جهداً يُذكر لرفع أو دفع ذلك البلاء!
          فهو نظام كلابس ثوبي زور يتشبع بما لم يُعط، وبما ليس فيه، ولا عنده .. أكثر ما فيه وما عنده الصياح والنباح .. وما كان الصياح والنباح ليفعل شيئاً يوماً من الأيام! 
          1- موقف النظام السوري من القضية الفلسطينية: على مستوى القضية الفلسطينية .. فهو نظام تراه لا يريد حرباً ولا سلماً؛ لا يريد حرباً ليقتات ويستفيد من أجواء السلام، وليستعطف إليه أنصار ودعاة السلام في العالم .. ولا يريد سلاماً ليقتات ويستفيد من أجواء الحرب، ليظهر ـ أمام الشعوب المقهورة ـ  بمظهر البطل الشريف .. وليبتز الأموال العربية والخليجية على اعتباره النظام الذي يمثل قلعة الصمود والتصدي العربي الذي يجب أن يُمد بالمال وبجميع أسباب القوة والحياة!
          منذ نشأة النظام وحكمه لسورية في السبعينيات وإلى الساعة حرص النظام حرصاً شديداً ـ ككلب حراسة وفي ـ على حماية حدود دولة الصهاينة اليهود المتاخمة للحدود السورية!
          رغم أن غالبية الشعب السوري شعب متمرد ومجاهد إلا أنه من ذلك الوقت وإلى الساعة لم يستطع أن يسجل أي عملية اختراق أو تسلل لضرب الأهداف الصهيونية داخل أراضيها عبر الأراضي والحدود السورية .. وذلك بسبب الحراسة المكثفة التي يقوم بها كلاب الحراسة الأوفياء جنود وأبطال النظام البعثي الطائفي!
          ولا ننسى كذلك عمالة النظام لما كان الطاغية الهالك حافظ الأسد وزيراً للدفاع والحاكم الفعلي لسورية حيث أعلن عن سقوط الجولان السورية بأيدي جيش الصهاينة اليهود قبل أن تسقط .. ليتباكى عليها فيما بعد، ويجعل منها ورقة للابتزاز، وسبباً للتفاوض مع الصهاينة المحتلين .. وكان ذلك كله نتيجة خيانة وصفقة بينه وبين بني صهيون[[1]].
          أي تحرير يريدونه لفلسطين بل وللأراضي السورية المغتصبة وحدودهم معطلة وآمنة منذ أكثر من ثلاثين عاماً .. لا أثر فيها لجهاد ولا إعداد .. بل والويل كل الويل لمن يفكر ـ مجرد التفكير ـ بالتسلل أو بتعكير صفو هذا الأمان والسلام!
          ثم نسأل: من الذي قتّل وذبّح الفلسطينيين وقضى على منظماتهم في لبنان .. وأجبرهم على الرحيل منها ليتشردوا في أمصار عدة متفرقة تبعدهم آلاف الأميال عن حدود بلادهم وديارهم قربة لدولة الصهاينة اليهود .. أليس النظام السوري؟!!
          من الذي ارتكب مجزرة تل الزعتر وغيرها من المجازر بحق الفلسطينيين في البنان .. أليس النظام السوري .. ومن المستفيد من تلك المجازر أليس الصهاينة اليهود .. ؟؟!!
          يحصل هذا كله مع صياحهم الصاخب ـ الذي فتق الآذان ـ الهاتف بتحرير فلسطين .. ودعم فلسطين .. والمقاومة الفلسطينية .. وما أكثر هؤلاء الذين تسلقوا على فلسطين والقضية الفلسطينية وهم من ألد أعداء فلسطين وشعب فلسطين!
          ما أسرع ما ينسى الناس جلاديهم وقاتليهم .. ليهتفوا بأسمائهم، ويمجدوا طغيانهم؟!!
          فإن قيل: كيف تفسر إذاً احتضان النظام السوري لبعض المنظمات الفلسطينية، وكذلك موقفه من " حزب الله الشيعي " في لبنان؟
          أقول: هذا من جملة الاقتيات والتطفل الذي عودنا عليه النظام، أما احتضانه لبعض المنظمات الفلسطينية فهي لا تعدو أن تكون مجرد مكاتب رمزية تمثل تلك المنظمات، مسلوبة
الإرادة والتمثيل الفعلي، لا نشاط لها يُذكر من الأراضي السورية .. سوى التمجيد بطواغيت النظام، وعروبة وثورية النظام!
          ولكن نسأل هل يمد النظام السوري تلك المنظمات الفلسطينية بالمال والسلاح، هل يسهل لهم الدخول والخروج عبر أراضيه وحدوده مع فلسطين .. هل يفتح لهم ولغيرهم معسكرات للتدريب والإعداد .. لا شيء من ذلك البتة!
          إذاً لماذا هذه المكاتب الممثلة لتلك المنظمات موجودة على أراضيه ..؟!
          الجواب: يعرفه الجميع؛ ليقتات على حساب القضية الفلسطينية التي قتلها وصفاها في أكثر من موضع .. ويظهر بمظهر الشريف المناضل في أعين المغفلين من الناس .. ولكي يقول كذلك لأمريكا، ودولة الصهاينة، والمجتمع الدولي لا يمكن أن تتجاهلوا سوريا ودورها الحيوي في المنطقة .. فنحن لا نزال نملك الأوراق الحيوية التي تلزمكم الاعتراف بنا والتفاوض معنا .. وبالتالي التصدق علينا .. فلا يزال عندنا ما يمكن الاتفاق والمساومة عليه!
          أما موقف النظام من حزب الله الشيعي في لبنان ربيب إيران وصنيعتها، وعينها ونافذتها وبوقها الذي عن طريقه تصدر مذهب التشيع والرفض في المنطقة .. فهو نزولاً عند رغبة إيران الجامحة مقابل دعم اقتصادي وسياسي تقدمه إيران للنظام السوري. 
          موقف النظام السوري من حزب الله الشيعي ليس حباً منه في إحياء المقاومة ضد الصهاينة اليهود عبر الجبهة اللبنانية بدليل أنه قضى على المقاومة الفلسطينية في لبنان وعمل على تشريدها في الأمصار .. ولا يزال إلى الساعة يعمل على تصفية جيوبها، ويُطارد أفرادها .. كما أنه عمل على تصفية جميع القوى السنية المسلحة الموجودة على أرض لبنان .. فهو بحكم احتلاله لأرض لبنان يمنع أي طرف أو جماعة أو فرد من أن يوجه ولو طلقة واحدة نحو دولة الصهاينة اليهود .. فهذا الحق والشرف لا يقوم به إلا حزب الله الشيعي .. وبقدر ما هو مأذون له .. حتى الجيش اللبناني ذاته لا يملك هذا الحق في الدفاع عن نفسه وأرضه .. فحزب الله فقط هو الذي ينوب عنه .. وعن جميع اللبنانيين في الدفاع عن لبنان!! 
          فحزب الله يوجه بندقيته نحو دولة بني صهيون في الوقت الذي مُنع الجميع من فعل ذلك وما أكثرهم .. وأكثر المجاهدين الذين يطوقون لذلك .. وهذا لا شك أنه يصنع دعاية قوية لحزب الله .. ولمذهب التشيع والرفض .. وإيران الشيعية .. وهذا هو المراد![[2]].  
          هذه هي خلاصة موقف النظام السوري من القضية الفلسطينية طيلة سنوات حكمه .. فأين الصمود والتصدي الذي يزعمه .. وأين هذه القلعة الصامدة التي يدعيها .. ويدعيها له بعض المغفلين .. وهو لم يدع قلعة من قلاع الصمود إلا هدمها ودمرها قربة لبني صهيون!!
          2- موقف النظام السوري من الغزو الأمريكي الصليبي للعراق: لما غزت أمريكا العراق قال النظام السوري:" قد خُيرنا بين الوقوف مع الغزاة وبين الوقوف مع العراق فاخترنا الوقوف مع العراق " فاستبشرنا خيراً، وأخذنا نترقب كيف سيُترجم هذا الوقوف مع العراق!
          كنا نتوقع إرسال الجيش السوري للذود عن العراق وأهل العراق .. وإرسال السلاح والعتاد .. وفتح الحدود على مصراعيها لتسهيل الدخول والخروج للمتطوعين للجهاد .. كنا نتوقع شيئاً من ذلك، ولكن ما الذي حصل وما الذي رأيناه؟!
          رأينا فقط ـ كالعادة في كل مرة ـ الصياح والنباح الذي يصم الآذان .. والتشبع بما لم يُعطوا وبما ليس فيهم .. رأينا الاقتيات والاستغلال الدنيء للحدث .. ليظهروا بمظهر الشرفاء الغيورين على أوطان الأمة .. رأينا الخيانة والغدر بشباب الأمة ومجاهديها!
          قال الغزاة سوريا أرسلت للعراق مناظير ليلية .. فسرعان ما أنكر النظام ذلك وتبرؤوا من كل دعم للعراق .. وأهل العراق!
          قال الغزاة سوريا فتحت حدودها لبعض قيادات النظام العراقي .. وهذا لا نسمح به .. فسرعان ما أنكرت سوريا ذلك، وقامت بخطوة استباقية فأغلقت الحدود السورية كلها مع العراق حتى لا يدخلها جريح عراقي أو طفل عراقي .. أو مجاهد عربي جريح ضاقت به السبل والطرق .. ولا حتى بعثي مثلهم عراقي .. ولم يكتفوا بذلك .. بل قاموا بإعادة العوائل العراقية مع أطفالهم من مخيم " الحول " شمال شرق سوريا، وأرغموهم على العبور إلى الجانب العراقي ليعيشوا تحت رحمة قصف الغزاة .. استجابة لرغبات وطلبات الغزاة!
          فرد الرئيس الأمريكي " بوش " على الإجراءات السورية هذه: بأن سوريا فهمت الرسالة .. واستجابت لها .. ومكافأة لها سيرسل وزير الخارجية الأمريكية " باول " ليشرح للقيادات
السورية الرسالة بصورة أوضح وأوسع ..!!
          يا سبحان الله .. ليتهم يفهمون رسالة ربهم ويستجيبون لها كما فهموا رسالة " الطاغوت بوش " واستجابوا لها!
          ليتهم يستجيبون لصرخات ومعاناة شعوبهم المقهورة والمهانة كما يستجيبون لطلبات ورغبات الغزاة الصليبيين!
          واليوم تطالعنا وسائل الإعلام عن رسالة موجهة من رئيس النظام السوري إلى شارون الصهيوني السفاح مفادها " استعداد دمشق للتباحث مع تل أبيب حول القضايا الخلافية " ومن دون أي شرط!
          هذا هو موقف النظام السوري مما جرى للعراق .. ولأهالي العراق .. ومع ذلك فإعلام النظام لا يتوقف عن الصياح والنباح .. والتشبع بالبطولة والصمود والتصدي .. صدق من قال: إذا لم تستح فاصنع ما شئت!
          فإن قيل: علام إذاً هذه الحملة الإعلامية الأمريكية على سوريا التي ترقى في بعض الأحيان إلى هز العصا والتهديد ؟!
          أقول: قد صرح أكثر من مسؤول أمريكي أنهم لا يعنون التهديد لسوريا، وأنهم لا يريدون الحرب عليها .. وإنما هو مجرد التذكير لما ينبغي على النظام السوري أن يقوم به، وأن لا يتدخل به في هذه المرحلة التي يتكرث فيها الاحتلال الصهيوني الصليبي للعراق! 
          للصليبيين أهدافهم القريبة والبعيدة من غزوهم للعراق تستهدف ماضي وحاضر ومستقبل العراق والأمة الإسلامية برمتها .. وهم حريصون جداً أن لا يظهر لهم من يعكر لهم صفوهم وخطتهم وهم في طريقهم نحو أهدافهم هذه .. لذا تراهم يُطلقون أحياناً بعض عبارات التحذير لهذا النظام أو ذاك .. حتى لا يتجاسر أحد على الاعتراض أو الوقوف في مسير الغزاة .. ولو في المستقبل البعيد!
          الغزاة المستعمرون ـ وبخاصة في مراحل قوتهم وانتصارهم ـ لا يقبلون من العميل الخائن حداً من العمالة والعطاء .. لذا فهم يُطالبونه بالمزيد والمزيد .. فكلما استجاب لهم في شيء طلبوا منه الآخر .. وإذا ما تلعثم أو تلكأ هووا بالسوط على ظهره .. وذكروه بعواقب العصيان .. كما يجلد السيد الظالم عبده المملوك عندما يُظهر أدنى تقصيرٍ في تلبية رغباته وأوامره!
          الصراع في العراق قد يطول .. والمقاومة العراقية قد تمتد وتقوى شوكتها وتستعصي على الغزاة .. لذا فإن الغزاة الصليبيين يريدون ـ من وراء تحذيراتهم تلك ـ تحييد سوريا تماماً تجاه ما يجري لجارتها في العراق .. وقد نجحوا، وتحقق لهم مرادهم .. واستجاب لهم النظام السوري لما يريدون ويخططون .. وزاد على الحد الذي يريدونه .. كما نجحوا من قبل على تحييده وتحييد غيره من الأنظمة العربية الخائنة تجاه ما يجري في فلسطين من مجازر وانتهاكات على أيدي الصهاينة اليهود .. هذا ما يجعلنا نفسر تصريحات بعض الساسة الأمريكيين والغربيين التي تُثني خيراً على الموقف السوري من الأحداث .. والتي تحملهم على القول: بأن النظام السوري قد فهم الرسالة!
          ومع ذلك فإن النظام السوري لا يفتأ ـ كعادته ـ عن استثمار الحدث والاقتيات عليه ليظهر بمظهر البطل الشريف الذي تستهدفه قوى الغزو الصليبي الصهيوني .. وأن على الشعوب والأنظمة أن يقفوا مع سوريا الصمود، وبجانب سوريا تجاه ما تلقاه من تحديات .. وأيما امرئٍ أو جماعة تعارض النظام السوري .. قلعة الصمود العربي .. أو توجه له أي نقد أو تخالفه ولو في رأي .. فهو يُصنف ـ ترهيباً ـ في خانة العملاء للاستعمار والغزاة!
          وقد لا حظنا ـ فعلاً ـ في الآونة الأخيرة خوف كثير من الساسة والنقاد، والجماعات التي تنشد الإصلاح والتغيير توجيه أي نقد للنظام السوري وقادته رغم مفاسده التي لا تكاد تُعد ولا تُحصى .. خشية أن يُصنفوا في خانة الغزاة أو خانة المستعمرين! 
          أرأيتم كيف أن النظام السوري الطائفي الديكتاتوري يُحسن الاستفادة والاقتيات من كل حدثٍ، ويُحوره لصالحه بما في ذلك الأحداث التي تدل على خيانته وعمالته!
          3- موقف النظام السوري من القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان: لا يخفى على أحدٍ ما يُعانيه الشعب السوري ومنذ عقود من وطأة وظلم واضطهاد النظام الحاكم ..!
          ما أكثر الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري والتي منها مجزرة حماه، التي ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثين ألف نسمة .. ومنها مجزرة تدمر التي قتلوا فيها قرابة ألف سجين ـ من خيرة شباب الأمة ـ رمياً بالرصاص وهم في زنزاناتهم !!
          سجون النظام منذ عقودٍ وإلى الساعة لا تزال مليئة بالآلاف من السجناء السياسيين الأبرياء .. لا يعلم سوء حالهم وما يُعانونه من تعذيب وتصفيات، وإهانات إلا الله!
          هجَّر عشرات الآلاف من خيرة كوادر وعلماء المجتمع السوري خارج البلاد .. ومنذ عقود، لا يُسمح لأحدهم بالعودة إلا بعد التخلي عن دينه وثوابته، ويعلن الطاعة والولاء للحزب الحاكم والطواغيت الظالمين .. حتى جعلوهم وأبناءهم في بلاد المهجر بلا وطنٍ ولا انتماء ولا حتى بطاقة شخصية تعرف عنهم .. ما من بيت من بيوت الشام إلا وفيه شهيد أو سجين أو طريد[[3]]!
          أشاع الخوف والرعب والفقر بين الناس .. فلا صوت إلا صوت حزب النظام .. ولا رأي إلا رأي حزب النظام .. ولا حياة إلا لمن يدخل في حزب النظام .. ويتجسس على العباد لصالح النظام .. والويل كل الويل لمن يُخالف أو يُعارض!!
          هذه بعض مخازي النظام السوري الحاكم بما يتعلق بحقوق الإنسان السوري .. ولو أردنا الإحصاء والاستقصاء لطال بنا المقام! 
          4- موقف النظام السوري من الحملة الأمريكية على الإرهاب: لا يخفى على أحدٍ أن شعار محاربة الإرهاب التي رفعته أمريكا ظاهره محاربة الإرهاب، وباطنه محاربة الإسلام والمسلمين، وغزو بلادهم وديارهم ..!!
          ومع ذلك فإن النظام السوري ـ على لسان رئيسه ولأكثر من مرة ـ يُعلن عن خدماته لأمريكا في محاربتها للإرهاب .. وبخاصة أن النظام ـ كما يقول عنه نفسه ـ له خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب والإرهابيين!
          كنا نتوقع من النظام في عهده الجديد أن يستحي من ماضيه وما ارتكبه من مجازر قتل وإبادة بحق الشعب السوري في حماه وغيرها من المدن .. ويعتذر لشعبه عما اقترفه من مجازر قتل وإبادة بحقه .. هذا إذا كان جاداً وراغباً في الاصطلاح مع شعبه .. إلا أننا رأيناه يتباهى بجرائمه السابقة ويتفاخر بها، ويُصنفها كخبرة في محاربة الإرهاب .. تستحق الاحترام والتصدير إلى الدول الأخرى لمن يريدها ويطلبها!
          وبالفعل فقد صدّر النظام السوري خبراته الجليلة في مكافحة الإرهاب لأمريكا أم الإرهاب وراعيته في العالم .. مما حمل الإعلام الأمريكي وغيره على الثناء على دور النظام السوري في تعاونه المثمر مع الإدارة الأمريكية في مكافحة الإرهاب!
          فالنظام السوري الخائن لا يتورع أن يجند نفسه ويسخر كل إمكانياته لصالح أمريكا في محاربتها للإسلام والمسلمين تحت زعم التعاون على محاربة الإرهاب .. بينما من يتوجه إلى النظام  بأصابع النقد أو الاعتراض في شيء فهو عميل لأمريكا والإمبريالية ضد النظام السوري الذي يمثل قلعة الصمود والتصدي العربي، كما زعموا!!
          هذا هو واقع النظام السوري باختصار الذي يصنفه بعض المغفلين أو الذين باعوا ضمائرهم وعقولهم بثمن بخس بأنه آخر قلاع الصمود والتصدي العربي .. وما ذكرناه عن هذا النظام كان تمهيداً ضرورياً للجواب على ما تم السؤال عنه .. لا بد منه! 
          أقول: بعد هذا التمهيد الضروري أجيب ـ مستعيناً بالله تعالى ـ على ما تم السؤال عنه في النقاط التالية:
          1- المنكر يُنكر ويُغيّر، والظلم يُزال .. سواء كان صاحب هذا المنكر أو الظلم هم الروم أو الفرس، أو المرتد العربي مسيلمة الكذاب!
          الظلم يُحارب ويُزال سواء كان الظالم وطنياً محلياً أم أجنبياً وافداً!
          الحق لا يُحابي باطلاً دون باطل ولا ظالماً دون ظالم .. فالظلم والطغيان بكل أنواعه وأسمائه، وألوانه، وانتماءاته، مرفوض، ومُستعدى. 
          قال r:" أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظُلمهم، فأولئك ليسوا مني، ولستُ منهم، ولا يردون عليَّ حوضي . ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم، وسيردون علي الحوض ".
          وقال r:" من رأى منكم منكراً فليُغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ".
          وقال r:" ما من رجلٍ يكونُ في قومٍ يعملُ فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يُغيرون إلا أصابهم الله منه بعقابٍ قبل أن يموتوا ". 
          وقال r:" من أعان ظالماً بباطلٍ ليدحضَ بباطله حقاً فقد برئ من ذمة الله U وذمة رسوله ". أياً كان هذا الظالم، وكان اسمه، ولونه، وانتماؤه.
          2- النظام السوري ـ لما تقدم ـ لا يُشكل أي خطر حقيقي على الغزاة الصهاينة والصليبيين .. فهو نظام يسير في ركابهم ومخططاتهم منذ زمن .. كما أنه ليس من السهل على أمريكا أن تجد البديل المناسب لها أكثر من هذا النظام .. لذا لا أتوقع حرباً وشيكة على سوريا.
          3- لكن سوريا بحكم موقعها الجغرافي المتاخم لفلسطين المحتلة .. ولدولة الصهاينة اليهود .. وبحكم جيشها الكبير المعافى قياساً للجيش العراقي الذي تعرض لهزائم عدة كان بغنى عنها .. وبحكم ما تملكه من أسلحة ضخمة روسية وإن كانت قديمة نسبياً ـ والتي لم تُستخدم إلا في قمع الشعب السوري ـ فإن الصهاينة اليهود ـ بتعاونٍ مع أوليائهم من الصليبيين ـ قد يمهدون لحربٍ على سوريا ـ تحت ذرائع شتى ـ لضرب مؤسساتها العسكرية، وترسانتها من الأسلحة خشية أن تقع يوماً من الأيام هذه الأسلحة ـ التي يعلوها الصدأ ـ بيدٍ أمينة شريفة تشكل خطراً على أمن دولة الصهاينة اليهود! 
          كما أن موقف النظام السوري المؤيد لحزب الله الشيعي استجابة لعلاقته الاستراتيجية مع إيران .. لا يرضي الصهاينة اليهود .. فاليهود لا يقبلون من رافضة إيران أن تصدر ثورتها ومذهبها على حسابهم وحساب أمنهم وأمن دولتهم .. وهذا مما سيسبب حرجاً للنظام السوري ويجعله في موقف المفاضل بين الاستجابة لمصالحه مع إيران وبين مصالحه المحققة من جراء الاستجابة
لضغوطات الصهاينة اليهود .. ولا بد له من الاختيار!
          4- على أي حال لا نتوسع في التوقعات المستقبلية .. وكيفما كانت الأمور فإننا نقول بكل وضوح وصراحة: لو تم أي عدوان صليبي صهيوني على سوريا أو غيرها من بلاد المسلمين ـ تحت أي ذريعة كانت ـ فموقفنا سيكون ـ بلا أدنى تردد ـ مع سوريا، ومؤسساتها، وشعبها المسلم الذي نحن منه وهو منا .. فنحن نفرق بين النظام الحاكم الذي تعلوه فئة قليلة من الطواغيت الظالمين لا يتعدون المائة أو المائتين وبين سوريا كمجتمع، ومؤسسات، وشعب مسلم .. وهذا الموقف لا نقوله من قبيل السياسة أو المجاملة لأحد .. لا .. وإنما هو موقف الشرع الذي يمليه علينا ديننا.
          لا يمكن أن نقف الموقف الذي وقفته غالب المعارضة العراقية أو نكرر فعلها عندما وضعت يدها بيد الغازي المحتل لبلدهم، ومؤسساته، وشعبه ..!
          لا ندفع ظلماً بظلم .. ولا نستعين بمشرك على مشرك .. وكفر النظام السوري وظلمه ومعارضتنا له، لن يمنعنا من اتخاذ هذا الموقف؛ لأنه موقف العقيدة والدين .. كما أن هذا الموقف لا يمنعنا من الاستمرار في الإنكار على الطواغيت الظالمين والأخذ على أيديهم. 
          ونصيحتنا للنظام السوري وغيره من الأنظمة المتسلطة الحاكمة في بلاد المسلمين: اصطلحوا بحق مع الله .. ومع شعوبكم برفع الظلم عنهم .. عودوا إلى الله .. عسى الله تعالى أن يغير الحال إلى أحسن حال .. قبل فوات الأوان، ووقوع الندم ولات حين مندم!
          نقول لكم ذلك من قبيل النصح، والإنذار، والإعذار .. قال تعالى:) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (الأعراف:164.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

          29/2/1424 هـ.                             عبد المنعم مصطفى حليمة

          1/5/2003 م.                                     أبو بصير الطرطوسي

           
             



[1] أنظر كتاب " سقوط الجولان " لضابط استخبارات الجولان قبل الحرب  خليل مصطفى. أقول: مشكلة كثير من الناس أنهم لا يقرؤون التاريخ لا القديم منه ولا حتى المعاصر .. فكيف تراهم يستفيدون منه ويتعظون!
[2] لكي تتم الدعاية المطلوبة لما يقوم به حزب الله الشيعي من أعمال، فتحت إيران للحزب قناة " المنار " الفضائية الشيعية .. لذا نجد أن الطلقة التي يُطلقها " حزب الله الشيعي " تُضخم عبر قناة المنار لتصبح صاروخاً عابراً للقارات الذي سيزيل دولة الصهاينة من الوجود!
  ونتيجة لهذه الدعاية الكاذبة المضللة نجد كثيراً من المسلمين ـ وبخاصة في فلسطين ـ يرفعون صور الخميني وغيره من آيات التشيع والرفض الإيرانية .. ويُجادلون عن التشيع والرفض بدليل أن حزب الله الشيعي هو الحزب الوحيد في الأمة الذي يُقاتل الصهاينة اليهود!!
 لذا أقول: إن الدعاية التي صنعها حزب الله الشيعي لمذهب التشيع والرفض .. ولآيات إيران لم تصنعها دولة إيران ـ رغم إمكانياتها الواسعة ـ ذاتها .. ولم يصنعها دعاة التشيع والرفض عبر تاريخهم كله .. لذا نجد إيران تضع كل ثقلها وإمكانياتها في دعم وتثبيت وحماية حزب الله الشيعي في لبنان!
[3] بما فيهم صاحب هذه الكلمات فإن أخاه عبد القادر مصطفى حليمة، وابن عمه محمد خضر حليمة لا يزالان إلى الساعة في سجون الطواغيت الظالمين منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً لا نعلم عنهما شيئاً، ولا يُمكن أن نعلم عنهما شيئاً .. وما أكثر هؤلاء المبتلين أمثال أخي وابن عمي .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

إرسال تعليق

 
Top