GuidePedia

0

بسم الله الرحمن الرحيم
          قال تعالى:) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ  (آل عمران:187.
          من منطلق الشعور بالمسؤولية وما يجب علينا من تبيانٍ للحق، والصدع به، وعدم كتمانه .. وإبراء للذمة .. وما يجب علينا ـ في هذه الظروف العصيبة ـ من نصح للأمة بعامة، وأهلنا في العراق بخاصة، نخط هذا البيان ـ مستعينين بالله، ومتوكلين عليه ـ فنشير إلى جملة من الحقائق والأمور:

أولاً: الحرب الطائفية في العراق بدأت من طرف واحد؛ من طرف أرباب وقادة، وأحبار ومنظمات التشيع والرفض في العراق، ومعهم حلفاؤهم من قوات الغزو الصليبي .. ضد مسلمي وسنة العراق، منذ الأيام الأولى من أفول وسقوط نظام البعث العراقي .. منذ ذلك التاريخ ومعالم هذه الحرب الطائفية الحاقدة الأحادية الجانب تتضح معالمها يوماً بعد يوم .. حيث الجرائم الرافضية الصفوية المنظمة تُرتكب يومياً ضد مسلمي السنة .. وضد مدنهم .. وضد علمائهم .. ومساجدهم .. وأعراضهم، وحرماتهم .. وكأنَّ القوم على موعد ـ بفارغ من الصبر ـ مع ذلك اليوم لينفِّثوا عن شيء من أحقادهم وأضغانهم البغيضة ضد الإسلام، وضد مسلمي العراق وأهله من السنة!
          عند الحديث عن الحرب الطائفية وشرورها في العراق .. لا بد من أن نتذكر ذلك .. ونتذكر أن الحلف الرافضي الصفوي الصليبي هم الذين بدؤوا .. ولا يزالون يدمرون ويخربون ويعتدون على الحرمات الآمنة .. والبادئ أظلم!
          ثانياً: مما هو معلوم للجميع أن قادة التشيع والرفض، ومنظماتهم؛ وبخاصة منها قوات بدر الصفوية، وحزب الدعوة .. كانوا ولا يزالون الحليف الأكبر، والجسر الذي سهل للصليبيين الغزاة العبور لغزو العراق .. وتدمير العراق .. وقتل أهل ومسلمي العراق؛ لأن مشكلتهم ليست مع الغزاة .. ولا مع أعداء الأمة .. وإنما مشكلتهم الأساسية تكمن في كيفية الانتقام من مسلمي سنة العراق .. وغيرهم من المسلمين في الأمصار المجاورة للعراق .. إن قدروا على ذلك .. ومن بوادر هذه الحرب الانتقامية الطائفية مطالبة إمامهم السيستاني بمقاطعة ومحاصرة شعوب الأردن والسعودية وسورية اقتصادياً .. وهو إذا يُطالب بمثل هذه المقاطعة والحصار .. يتغاضى ويتعامى عن علاقة حكومته
الرافضية العميلة التي ارتضاها وباركها مع دولة وحكومة الصهاينة اليهود!
          ثالثاً: فإن عُلم هذا الذي تقدم ذكره في النقطتين الآنفتي الذكر .. نؤكد على أمرٍ قد ذكرناه مراراً، وهو ما دلت عليه نصوص الشريعة وأمرت به، أن من حق المسلمين المجاهدين في العراق أن يُدافعوا عن أنفسهم، ودينهم، وأعراضهم، وحرماتهم، ومدنهم .. وأن يُقابلوا العدوان بعدوانٍ مماثل، وأن يُقاتلوا الغزاة الصليبيين وكل من دخل في حلفهم، وشاركهم التآمر والحرب على العراق .. وتدمير وتقتيل العراق وأهله، أياً كان انتماؤه الطائفي، فمن رد الظلم والعدوان عن بلاد المسلمين وحرماتهم .. فما ظلم، ولا تجاوز العدل .. بل هو من أعظم الجهاد في سبيل الله.
          قال تعالى:) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (الحج:39.
وقال تعالى:) فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (البقرة:194.
وقال تعالى:) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (الشورى:39.
رابعاً: ما تقدم ذكره لا يعني مطلقاً أننا نبرر ونجيز الحرب الطائفية في العراق؛ بحيث تُقتَّل الناس على أسمائهم، وهوياتهم، وانتمائهم الطائفي .. بغض النظر عن مواقفهم وأفعالهم .. وما يُوجب القتل والقتال شرعاً .. لا؛ هذا لا نريده ولا نعنيه، ولا نجيزه .. إذ ليس كل الشيعة في العراق بأعيانهم وذواتهم وعوامهم كفاراً .. كما أن ليس كل الشيعة من دون استثناء أحدٍ منهم يُقاتلون مع الغزاة ومتواطئين معهم .. أو يُشاركون في قتل المسلمين السنة والاعتداء على حرماتهم وأعراضهم .. وبالتالي لا يجوز تعميم الحرب والقتل عليهم جميعاً ومن دون استثناء أحدٍ منهم، ومن دون النظر إلى ما تجيزه نصوص الشريعة وما تحرمه. 
فإن وجد منهم الظالمون، والخونة المتآمرون ـ مهما كثروا ـ فإنه لا يبرر معاملة الأبرياء منهم كما ينبغي أن يُعامَل الظالمون المعتدون؛ قال تعالى:) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (الأنعام:164.
وقال تعالى:) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (البقرة:190.
وفي الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأحد أصحابه:" أما أنه لا يجني عليك ـ أي ولدك ـ ولا تجني عليه "، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (".
وقال صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع:" ألا لا يجني جانٍ إلا على نفسه، ولا يجني والدٌ على ولده، ولا مولودٌ على والده ".

وقال صلى الله عليه وسلم:" لا يؤخذُ الرجلُ بجريرة أبيه، ولا بجريرة أخيه ". وفي رواية:" لا يؤخذُ الرجلُ بجناية أبيه، ولا بجناية أخيه ". وغيرها كثير من النصوص الشرعية التي توجب بأن لا يؤخذ المرء بجريرة غيره، ولا البريء بجريرة الظالم المعتدي .. مهما كان هذا الظالم قريباً لذاك البريء أو لصيقاً به .. وهذا من أعظم قوانين العدل في الإسلام.

ثم رغم تاريخ الشيعة الروافض الأسود الحافل بالخيانة والتآمر على الأمة وأبنائها .. وفي محطات عديدة من التاريخ .. لم يُعرف عن عالم من علماء الإسلام المعتبرين من أفتى بجواز قتل كل شيعي لمجرد كونه شيعي .. أو ينتمي للطائفة الشيعية .. ونحن نعيذ أنفسنا وإخواننا من أن نبتدع شيئاً خطيراً كهذا لا نصّ عليه يُجيزه .. وليس لنا فيه سلف معتبر!

          خامساً: الحرب الطائفية تعني جملة من الأخطاء القاتلة:
          منها: أنها تعني قتل الناس على أسمائهم وهوياتهم الشخصية .. بغض النظر عن مواقفهم وأفعالهم .. ومن دون التمييز بين البريء عمن سواه، وهذا عين الظلم، كما تقدم.
          ومنها: أنها تعني سفك الدم الحرام والتسبب في سفك الدم الحرام المقابل؛ فمن سبَّ آباء الناس جلب السبَّ لأبيه ولا بد، ومن قتل آباء الناس وأبناءهم قتل الناسُ آباءه وأبناءه؛ إذ لكل فعل ردة فعل .. وهكذا يتسع الخرق .. وتُزهق الأرواح .. ويقع الإسراف في القتل .. إلى أن يشمل الجميع، ويقتل الجميع الجميع، ويُقتَلُ الإنسان ولا يعرف لماذا قُتل وفيما قُتِل .. وهذا مالا نريده ولا نقره ولا نرضاه لأهلنا في العراق!
قال تعالى:) وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً (الإسراء:33.
قال أهل العلم في قوله:) فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (؛ أي فلا يُسرف ولي المقتول في القتل فيقتص من غير القاتل.
ومنها: أن الحرب الطائفية مطلب من مطالب الغزاة الصليبيين؛ فهي أولاً تشتت من جهود وسهام المجاهدين عنهم .. وثانياً فهي تُطيل من بقاء واستعمار الغزاة الصليبيين للبلاد تحت ذريعة ضرورة استتباب الأمن والمحافظة عليه .. وثالثاً فهي تبرر للخونة العملاء المطالبة ببقاء الغزاة المستعمرين تحت ذريعة الحاجة إلى حمايتهم .. والمحافظة على الأمن!
ومنها: أنها ستوهن من عضد المجاهدين .. وقد تؤدي إلى تفرق كلمتهم وصفوفهم .. فإذا كان الواحد منهم يجد للحرب الطائفية مبرراتها ومسوغاتها .. فقد يُقابله عشرة من المجاهدين يختلفون معه ولا يوافقونه الرأي .. وهكذا يقع الاختلاف والشقاق والتفرق .. وهذا مطلب من مطالب الغزاة وعملائهم!
ومنها: أنها تُفقِد المقاومة العراقية المشروعة .. على مستوى العالم الإسلامي وغيره .. مبرراتها ومسوغاتها .. إذ كثير من الناس سيفسر الأحداث على أنها نوع من التقاتل الداخلي .. والثأر الداخلي بين أفراد الشعب الواحد .. لا علاقة لها بجهاد الغزاة المحتلين وعملائهم .. وهذا لا شك أنه سيُفقد كثيراً من الأنصار والمؤيدين .. وهو أمر من السياسة الشرعية مراعاته والانتباه إليه، وإلى مضاعفاته.
وفي الختام فإننا نُطالب إخواننا وأبناءنا في العراق وبخاصة منهم المجاهدين، بأن يكونوا وقَّافين عند حدود الله .. وأن يتقوا الله ينصرهم الله .. وأن يُغلِّبوا الحكم الشرعي على حب التشفي والانتقام .. وهم أهل لذلك بإذن الله.
كما نطالبهم بأن يوسعوا دائرة الشورى فيما بينهم وبين من يستأنسون بآرائهم من علماء الإسلام العاملين، وبخاصة في المسائل الكبار التي تنعكس آثارها على مجموع الأمة، فالمسلمون أمرهم شورى بينهم، كما قال تعالى:)  وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ (الشورى:38.
كما وأننا نضم صوتنا إلى صوت إخواننا في هيئة علماء المسلمين في العراق .. بضرورة تراجع المجاهدين عن كل تصريح أو بيان يدل ولو من بعيد على الدعوة إلى حرب طائفية شاملة أو الشروع فيها، للأسباب الآنفة الذكر أعلاه .. فالرجوع إلى الحق فضيلة وهو من شيم وصفات المجاهدين المخلصين.
اللهم انصر من نصر دينك وأولياءك، واخذل من خذل دينك وأولياءك .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

          14/8/1426 هـ.                               عبد المنعم مصطفى حليمة
          17/9/2005 م.                                     أبو بصير الطرطوسي

         

إرسال تعليق

 
Top