GuidePedia

0
بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
          فقد كثر هؤلاء الذين يتكلمون عن حاضر سورية ومستقبلها المنشود ـ بعد أفول النظام البعثي الطائفي الحاكم ـ ومن وجهات نظر متعددة ومختلفة ومتباينة؛ كلها تصب في إقصاء الإسلام عن سورية .. وإقصاء سورية ـ شعباً وأرضاً ـ عن الإسلام!

          اختلفوا في كل شيء .. إلا إقصاء الإسلام ـ كشريعة وعقيدة ومنهاجاً ونظاماً ـ عن ميادين الحكم والسياسة، ومواطن النفوذ والتوجيه .. فلم يختلفوا عليه .. بل اتفقوا عليه .. وتآمروا عليه .. وهو العامل المشترك الذي يجمعهم ويؤالف بينهم .. ثم بعد ذلك يزعمون زوراً أنهم يمثلون الشعب السوري المسلم المقهور والمغلوب على أمره!
          يتكلمون عن حاضر ومستقبل سورية .. متجاهلين طبيعة البلد وهويتها الإسلامية .. وهوية وعقيدة شعبها المسلم .. وكأن سورية ـ أرضاً وشعباً ـ قطعة من الولايات التابعة لموسكو أو الولايات المتحدة الأمريكية!
          ثم بعد كل ذلك يزعمون زوراً أنهم يمثلون سورية .. ويمثلون شعبها المسلم!
          من هؤلاء الفرقاء ـ المشار إليهم أعلاه ـ الذين خاضوا ويخوضون في الحديث عن مستقبل سورية؛ الأخوان المسلمون السوريون، الممثلون بمراقبهم علي صدر الدين البيانوني وما يصدر عنه من بيانات وتصريحات .. كلها تصب فيما أشرنا إليه أعلاه!
          فالرجل لا يتردد ـ في كل مقابلة أو بيان، أو دراسة تصدر عنه وعن جماعته ـ في أن يتماجد ـ وبكل جرأة على الله وعلى دينه ـ بالديمقراطية .. وبحاكمية الشعب .. والوطنية .. والولاء الوطني .. وبمؤاخاته للطائفة النصيرية ـ مغيباً بذلك عقيدة الولاء والبراء في الإسلام ـ وغيرهم من قادة الأحزاب العلمانية الشيوعية .. وحرية التعددية الحزبية، بما في ذلك الأحزاب العلمانية الشيوعية الملحدة .. ورد النزاعات وما يختلفون فيه إلى صناديق الاقتراع .. وغير ذلك من الاطلاقات العلمانية الإباحية الكفرية التي من مقتضى العمل بها تغييب الحكم بما أنزل الله .. وتكفير المجتمع السوري، وسلخه من الإسلام .. وفتنة الناس وصدهم عن دينهم!
          انظروا إن شئتم ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ ما سطروه وفرحوا به في بياناتهم ونشراتهم:" المشروع السياسي لسورية المستقبل "، و " الميثاق الوطني "، و" إعلان دمشق للتغيير الوطني والديمقراطي " وتأييد الإخوان المطلق، ومن دون أدنى تحفظ لما ورد في هذا الإعلان .. ففي كل فقرة من فقرات تلك النشرات الآنفة الذكر تجد الدليل على ما ذكرناه!
          لم يدع الإخوان ـ ممثلين بمراقبهم علي البيانوني ـ حزباً شيطانياً .. ولا زنديقاً كافراً ملحداً ـ يُحسن الكتابة والقراءة ـ إلا وتحالفوا معه .. وأظهروه .. وعرّفوا الناس عليه وعلى دعوته وحزبه .. وصنعوا له دعاية ـ بعد أن كان نكرة مجهولاً منبوذاً ـ ووضعوا أيديهم بيده .. كان آخرهم " عبد الحليم خدام " أحد أركان الفساد والإجرام للنظام الحاكم .. بحجة توحيد المعارضة ضد النظام .. فتوحيد المعارضة غاية يرخص في سبيلها ـ عند الإخوان ـ كل شيء[[1]]!
الإخوان ـ ممثلين بمراقبهم علي البيانوني ـ إذ لم يدَعوا شيطاناً من شياطين الإنس .. ولا زنديقاً من زنادقة العصر إلا وتحالفوا معه .. ونسقوا معه .. وحاوروه .. وأظهروا له انفتاحاً وانشراحاً ومرونة وتحرراً ـ مرضاة لأمريكا ودول الغرب ـ  فإنهم في المقابل يُحجمون .. ويُدبِرون .. ويُجافون .. ويُعرضون .. عن جميع الفصائل والشخصيات الإسلامية السورية الفاعلة .. لمجرد هذه الفصائل أو الشخصيات .. تُخالفهم في بعض التوجهات .. أو السياسات .. أو الأفكار .. أو لا تدين لهم بالولاء المطلق!
فتحالفوا مع أهل الكفر والشرك، والإلحاد والأوثان .. واتفقوا فيما بينهم على نظام علماني جاهلي ديمقراطي كافر .. كبديل عن النظام الحالي .. وتركوا أهل الإسلام!
وهؤلاء مثلهم في كتاب الله تعالى، قوله تعالى:) الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (التوبة : 67.
خانوا الأمانة التي حملها الإنسان .. فغيروا وبدَّلوا .. وجاملوا وداهنوا ونافقوا .. لعلهم يحظون برضى أمريكا عليهم .. ورضى عملائها في المنطقة .. ولو كان ذلك بسخط الله U .. وكأن النصر سيأتيهم من عند أمريكا .. وليس من عند الله U.
خانوا تطلعات وآمال الشعب السوري المسلم ـ بعد أن حسَّن بهم الظن فترة من الزمن ـ الذي يتطلع وبشغف إلى دولة تحكمه بالإسلام .. وعقيدة الإسلام!
الشعب السوري المسلم .. جاهد النظام البعثي الفاشي الطائفي الحاكم .. وضحى في سبيل ذلك بالغالي والنفيس .. من أجل أن يُحكَم بالإسلام .. وبشريعة الإسلام .. وأن يعيش الإسلام في جميع مجالات حياته الخاصة والعامة سواء .. لا لكي يحكمه الكفر والإلحاد .. أو أن تحكمه قوانين الكفر والشرك المستمدة من أهواء البشر .. ولا لكي يستبدل طاغية بطاغية وظلم بظلم .. ولا لكي يستبدل نظام طاغ كافر بنظام طاغٍ كافر آخر .. ولا لكي يستبدل حزب البعث بالحزب الشيوعي .. أو أحزاب علمانية كافرة أخرى .. قد سامت البلاد والعباد ـ على مدار أكثر من سبعة عقود ـ الكفر والذل، والفقر، والجهل .. كلها ـ على اختلاف مسمياتها ـ تخرج من مشكاة واحدة؛ مشكاة العمالة .. والكفر .. والفسوق .. ومحاربة الله ورسوله والمؤمنين.
المشكلة الكبرى للشعب السوري المسلم مع النظام الحاكم الحالي .. ليست الأحزاب .. وعدم حرية الأحزاب .. ونحو ذلك من الشعارات المرفوعة .. وإنما تكمن بمحاولته إقصاء الإسلام عن الوجود .. وعن حياة الناس .. وعلى جميع المستويات .. ولجوئه إلى العنف .. والقتل .. والسجون .. من أجل تحقيق هدفه الخبيث هذا .. مما أدى إلى أن يثور الشعب في وجهه .. ويُعلن الجهاد ضده.
وأيما نظام بديل يسلك مسلك حكم حزب البعث الطائفي؛ فيقصي الإسلام عن حياة الناس ومواطن التأثير والتوجيه .. ويفصل الإسلام عن الدولة والسياسة والحياة .. ويُعلن الحرب على الله ورسوله .. فإنه لا محالة سيواجه ثورة وجهاد شعب مسلم بكامله .. وتتكرر نفس الفصول والمآسي التي حصلت ونظام البعث يحكم بالبعث والكفر البلاد والعباد!
وعليه ـ وحتى لا تتكرر نفس الفصول والمآسي التي تتكرر في عهد هذا الحكم البعثي النصيري ـ فإنه يتعين علينا أن نبين نظرة الإسلام والمسلمين للمستقبل السياسي لسورية الأبية، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من يحيى عن بينة، ويتلخص ذلك في النقاط التالية:
1- التسليم بأن السيادة المطلقة التي تعلو ولا يُعلى عليها هي لله U وحده، ولحكمه وشرعه، وليس لشعب أو حاكم، أو ملِك، أو حزب، أو طائفة، أو أكثرية أو أقلية .. فالله تعالى كما له الملك والخلق، فله الحكم والأمر، كما قال تعالى:) أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف:54. وقال تعالى:) إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (يوسف:40.  
والله تعالى كما هو الإله المعبود المطاع في السماء، فهو كذلك الإله المعبود المطاع في الأرض، كما قال تعالى:) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (الزخرف:84.
وبالتالي لا بد من أن تُحكَم سورية ـ المسلمة بأهلها ـ بالإسلام .. وبشرائع وقيم الإسلام لا غير .. وأن يكون الكتاب والسنة هما الحكَم والمرجعية للدولة والشعب سواء عند حصول أي نزاع أو خلاف .. وليست صناديق الاقتراع ـ صنم الديمقراطية ـ أو الأكثرية أو الأقلية. 
قال تعالى:) فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً (النساء:65.  
وقال تعالى:) فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء:59. والرد إلى الله ورسوله يكون بالرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى:) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً (الأحزاب:36.
2- توسيع دائرة الشورى إلى أن تُصبح ثقافة الجميع .. وملزمة للجميع .. وتُمارس على جميع المستويات الخاصة والعامة، والحكومية والشعبية، وليتحمل الجميع مسؤولياته تجاه أي خطر أو حدث ينزل بالأمة، عملاً بقوله تعالى:) وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ (الشورى:38. وقوله تعالى:) وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (آل عمران:159.
3- أن يتم اختيار أهل الحل والعقد من المسلمين العلماء العاملين .. ومن ذوي الاختصاصات المختلفة .. وتوضع قيود ومواصفات تحدد هوية وصفة وأخلاق ومستويات هذه المجموعة المصطفاة من الناس .. بحيث لا يمكن أن يتم اختيار كافر أو زنديق أو فاسق مجروح العدالة لهذا المنصب الهام والحساس .. يرفض أو يتحايل على ما تم ذكره وبيانه في النقطة الأولى .. ولا حرج شرعاً بعد ذلك أن يُشارك عامة الناس من المسلمين في اختيار وانتخاب هذه المجموعة القيادية من الناس .. والتي قد تُسمى فيما بعد بمجلس أهل الحل والعقد، أو مجلس الشورى، أو مجلس الشعب .. أو غير ذلك من المسميات .. فلا حرج ولا مشاحة في هذه المصطلحات.  
4- أن يتم اختيار الحاكم المسلم الذي يلتزم الحكم بالإسلام .. وبما تمَّت الإشارة إليه في النقطة الأولى من هذا المقال .. وتتم له البيعة من أهل الحل والعقد، وعامة الناس، على هذا الأساس؛
أساس الحكم بما أنزل الله، وسياسة البلاد والعباد بالإسلام وتعاليم الإسلام.
ولا حرج حينئذٍ ـ وبعد التزام جميع المتنافسين على منصب الرئاسة بالحكم بالإسلام وشرائع الإسلام ـ أن تحصل عملية انتخابات يُشارك فيها الجميع تُفرِز الأصلح والأقوى والأتقى لحكم البلاد والعباد .. أو يتم اختياره من خلال الاقتصار على اختيار أهل الحل والعقد الممثلين للأمة وحسب .. فكلا الصورتين واردتين .. لو تم اختيار الحاكم من خلالهما أو إحداهما يكون الحاكم المنتخَب مبايعاً بيعة شرعية تُلزم طاعته بالمعروف .. لا تنافي بينهما وبين شيء من تعاليم الإسلام .. بل كلا الصورتين والطريقتين يوجد في الشرع ما يدل عليهما، كما في طريقة اختيار عثمان بن عفان رضي الله عنه وغيره من الخلفاء الراشدين، والله تعالى أعلم.
لا حرج شرعاً من الانتخابات إذا كانت ضمن المشروع الإسلامي الملتزم بعقيدة وشرائع الإسلام؛ ليتم فرز وانتخاب الأصلح والأقوى، والأكثر أمانة .. فالانتخابات في هذا الموضع والوصف لا حرج فيها إن شاء الله، وإنما الحرج كل الحرج يكون عندما تُشرع الانتخابات لاختيار الله أم الطاغوت .. شرع الله أم شرع الطاغوت .. الإيمان أو الكفر .. التوحيد أو الشرك .. المؤمن الموحد أو الكافر المرتد .. ومن ثم مباركة ما يقع عليه اختيار الأكثرية أياً كان هذا الاختيار؛ ولو كان المختار هو الطاغوت، والكفر والشرك، والإلحاد .. والفسوق والفجور .. كما يدعو لهذا المنهج والأسلوب الخبيث من الانتخابات الإخوان المسلون، ومن تحالف معهم من الزنادقة العلمانيين .. وتحت مسمى العمل بالديمقراطية المزعومة! 
5- إطلاق حرية النقد، والتعبير، والتقويم، والمناصحة، والمحاسبة، والمساءلة .. ليشترك الجميع في تحمل المسؤولية تجاه المجتمع وما تحتاجه البلاد وتواجهه من تحديات .. شريطة أن يُضبط ذلك بضوابط الشرع وآدابه .. ويشمل ذلك الحاكم والمحكوم؛ فلا شخص فوق المساءلة والمحاسبة والمناصحة أياً كان موقعه، وكان عمله، بما في ذلك الحاكم رئيس الدولة ذاته، كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الدين النصيحة "، قلنا لمن؟ قال:" لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم ".
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايَعَنا رسولُ اللهِ على أن نقولَ بالحقِّ أينما كنَّا لا نخافُ في الله لومةَ لائمٍ ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" لا يمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناسِ أن يقولَ بحقٍّ إذا علمَه؛ فإنه لا يُقرِّبُ من أجلٍ ولا يُبعدُ من رزقٍ ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" سيد الشهداء حمزةُ بن عبد المطلب، ورجلٌ قامَ إلى إمامٍ جائرٍ فأمرَه ونهاهُ فقتلَه ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" أفضل الجهادِ كلمةُ حقٍّ عند سلطانٍ جائر ". وغيرها من النصوص التي تحض على المناصحة والصدع بالحق، وعدم الخوف في الله لومة لائمٍ، وما أكثرها.
6- تنشيط عملية التوعية والدعوة إلى الله .. وتوسيع دائرة الحوار مع جميع أطياف المجتمع السوري .. لتعريفهم بالمشروع الإسلامي وأهدافه وغاياته ووسائله .. وللإجابة عن تساؤلات الناس وما يجول في أذهانهم من أفكار ومسائل وخواطر ـ بعيداً عن الكبت أو الزجر أو الإكراه ـ  وبيان ما يجب عليهم وما يجب لهم .. وإقالة عثراتهم .. وتوسيع ساحة الأعذار لهم، فالله تعالى يُحب العذر، ولا أحد أحب إليه العذر من الله؛ وبخاصة أن المجتمع السوري ـ أرضاً وشعباً ـ ظل محكوماً بالحديد والنار من قبل طغمة البعث الكافرة المجرمة لأكثر من أربعة عقود .. يُمارسون على الناس سياسات التجهيل .. والتكفير .. والتفسيق .. والفقر .. والقمع .. يُحاربون كلمة الله في الأرض .. والدعاة إلى الله والإصلاح من العلماء العاملين.
مجتمع هذا واقعه .. لا بد من أن يُعطى فرصة كافية ليستعيد عافيته ونفسه .. وهويته .. ووعيه .. قبل أن يُفاجأ بالإجراءات والأحكام، والحدود.  
هذه نظرة سريعة للمستقبل السياسي لسورية الأبية كما يراها الإسلام والمسلمون .. وكما يريدها الإسلام والمسلمون.
فإن قيل: فما هو موقف الإسلام من الأقلية غير المسلمة الموجودة على الساحة السورية .. وكيف سيتم التعامل معها؟
أقول: الأقليات غير المسلمة الموجود على الساحة السورية نوعان:
أقلية من أهل الكتاب، من اليهود والنصارى: وهؤلاء مقابل جزية سنوية يدفعها الأقوياء الأغنياء منهم كتعبير عن الولاء للبلد وأهل البلد من المسلمين .. والخضوع لحكمهم وسلطانهم .. ولهم مقابل ذلك ذمة الله وذمة رسوله والمؤمنين؛ تُحتَرم حرماتهم وتُصان، فلا يُعتدى عليهم في شيء، ويلتزم المسلمون بالدفاع عنهم والقتال دونهم .. والإنفاق على فقرائهم .. لا يُلزمون بالزكاة التي يُلزم بها المسلم، ولا بقتال أو جهاد، كما لا يُكرهون على ترك دينهم ومعتقداتهم .. بل لهم دينهم وللمسلمين دينهم .. وهم إضافة إلى ذلك سواسية مع المسلمين أمام القانون والقضاء الإسلامي؛ فلا
فرق بين مسلم وغير مسلم[[2]].
وأقلية باطنية، كالنصيرية والدروز ونحوهم: وهؤلاء يدَّعون أنهم مسلمون .. يظهرون شهادة التوحيد " لا إله إلا الله محمد رسول الله " لو طلبت منهم .. ويشنعون أشد التشنيع على من يكفرهم وينسبهم لغير دين الإسلام!
وهؤلاء يُلزمون بصدق ما يدَّعونه .. وإظهار الإسلام الذي ينسبون أنفسهم إليه .. وإن كانوا في باطنهم يضمرون الكفر والعداوة والبغضاء، فالمعاملة تكون لهم بحسب ما يُظهرون لا ما يُبطنون؛ فإن أظهروا لنا الإسلام، والتزموا بشعائره ـ وإن كانوا في الباطن منافقين كافرين ـ عاملناهم معاملة المسلمين من حيث الحقوق والواجبات .. وأن أبوا إلا أن يُظهروا ما في باطنهم من كفر وزندقة وإلحاد، وعداوة وبغضاء، ويستعلنوا بذلك ـ ولا أحسبهم يفعلون ـ فهذا يعني أنهم حكموا على أنفسهم بالتناقض والكذب فيما يدعونه من أنهم مسلمون .. ويعني كذلك إعلان الردة والحرب على الإسلام والمسلمين والمجتمع المسلم الذي يعيشون فيه .. وهؤلاء ليس لهم في الإسلام في هذه الحالة سوى المواجهة والقتال إلى أن يعودوا فيدخلوا في الإسلام صادقين، أو أن يعودوا ثانية إلى جحور النفاق صاغرين!
قال تعالى:) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ (التوبة:52. وهذه آية نزلت في المنافقين، قال أهل العلم والتفسير:) أَوْ بِأَيْدِينَا ( أي إن أظهرتم ما في أنفسكم من الكفر والنفاق والإلحاد والعداوة والبغضاء .. وقامت البينة القاطعة على ذلك .. قاتلناكم وقتلناكم بأيدينا.
هذا هو حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه الشريحة المريبة من الناس ذات التاريخ الحافل بالغدر والخيانة والتآمر على الأمة والإسلام والمسلمين!
فإن قيل: فما يكون الموقف من الأحزاب .. هل الإسلام يسمح بالإحزاب في المجتمع المسلم؟
أقول: الأحزاب السائدة على الساحة ـ وبخاصة الساحة السورية ـ نوعان:
نوع من الأحزاب تقوم على أساس الكفر ومناقضة الإسلام مناقضة تامة؛ كالأحزاب العلمانية والشيوعية التي تدين بالولاء إما للغرب وإما للشرق، وإن كانت مؤخراً بعد تفكك وانهيار الدولة الشيوعية الروسية .. غالب هذه الأحزاب أصبحت تدين بالولاء للغرب .. ولأمريكا .. يعيشون بأجسادهم في الوطن .. وفي قلوبهم وعقولهم يعيشون في الأوطان التي تُعادي الأمة والوطن الذي يعيشون فيه بأجسادهم .. وهؤلاء خنجر مسموم في خاصرة الأمة .. عانت منهم أمة الأسلام الويلات والخراب والدمار وعلى مدار أكثر من سبعة عقود .. أنَّى للإسلام أن يجيز لمثل هذه الأحزاب الباطلة الكافرة التي توقع البلاد والعباد في الكفر والردة والفتنة والفرقة والتناحر .. والتبعية إما لشرق أو غرب .. فهذا أمر لا يُمكن للإسلام أن يقره فضلاً عن أن يُجيزه ويسمح به!
الإسلام الذي من أركانه وغاياته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. كيف يُفترض فيه أنه يقر ويجيز المنكر؛ وبخاصة إن كان هذا المنكر يرقى إلى درجة أحزاب تقوم على الكفر والإلحاد والشرك ومحاربة الله ورسوله والمؤمنين؟!
قال تعالى:) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (الحج:41. فمن غايات التمكين في الأرض الذي يمن الله به على عباده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وليس الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف .. كما يريدها حزب
الإخوان .. ومن معهم من الديمقراطيين الإباحيين!
ولما تهاون بنوا إسرائيل فيما يجب عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فكانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه .. لعنهم الله تعالى على لسان داوود وعيسى ابن مريم، كما قال تعالى:) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ .  كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (المائدة:78-79. وهذا مثل ضُرب للمسلمين؛ فإن وقعوا فيما وقع به بنوا إسرائيل فلم يتناهوا عن منكر فعلوه .. لعنوا كما لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل من قبل.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم:" ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خرد "مسلم. وقوله:" وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خرد "؛ لأنه ليس وراء إنكار القلب سوى الإقرار والرضى، والرضى بالكفر كفر، ينفي مطلق الإيمان بلا خلاف.
وقال صلى الله عليه وسلم:" مثلُ القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضُهم أعلاها، وأصاب بعضُهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء فمروا على من فوقَهم فتأذوا به، فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا. فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً فاستقينا منه ولم نؤذِ مَن فوقَنا، فأخذَ فأساً فجعل ينقرُ أسفل السفينة، فأتوه فقالوا مالك؟ قال: تأذيتم بي ولا بد لي من الماء، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا وأُنجوا جميعاً "البخاري.
مثل القائم على حدود الله؛ هو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر .. ومثل الواقع فيها؛ هو صاحب المنكر والسيئات والمشاريع الهدامة .. ومثل السفينة؛ المجتمعات .. فإن ترك الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر أصحاب المنكر والسيئات لينشروا فسادهم .. وكفرهم .. وفسوقهم .. وفجورهم في المجتمعات وبين الناس .. بزعم الحرية الشخصية، وأن الحرية حق من حقوقهم .. كما يريدها الإخوان ومن معهم من الديمقراطيين الإباحيين .. هلكت المجتمعات وهلك جميع من فيها، وإن أخذوا على أيديهم بالزجر والإنكار والمنع .. نجت المجتمعات .. ونجا جميع من يعيش فيها، يصدِّق ذلك قوله تعالى:) وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (الإسراء:16.
وهناك نوع آخر من الأحزاب تقوم فكرتها ضمن المشروع الإسلامي العام؛ على أساس نصرة الإسلام وقضاياه، والعمل من أجل تقدم الأمة وقوتها .. والمنافسة في خدمة الناس .. وغير ذلك من المعاني الصالحة المشروعة .. هذا النوع من الأحزاب لا توجد مشكلة كبيرة لو وجدت في ظل الدولة المسلمة ما أمنت فتنة الفرقة، أو أن تكون ذريعة لتفريق كلمة الأمة وإضعاف شوكتها .. وهو موضوع بشكل عام قابل للاجتهاد، والقبول والرد .. بحسب ما تظهر من مصالح أو مفاسد تنعكس على مجموع الأمة جراء السماح بمثل هذه الأحزاب أو منعها .. وعلى العموم أرى أن يُرجَأ هذا الموضوع إلى حين قيام الدولة الإسلامية ليرى العلماء العاملون من أهل الحل والعقد رأيهم فيه، وما يرونه حينئذٍ فلا حرج فيه إن شاء الله، والله تعالى أعلم.
فإن قيل: أنت تحلم .. هناك عقبات كأداء عدة أمام قيام دولة إسلامية تحكم بما أنزل الله في سورية .. فلا تذهب بنا بعيداً عن الواقع؟
أقول: أجيب عن هذا الاعتراض من خلال النقطتين التاليتين:
1- غالبية الشعب السوري شعب مسلم .. من أعظم مطالبه التي جاهد وضحى من أجلها قيام دولة إسلامية تحكم البلاد والعباد بما أنزل الله .. وما ضاع حق وراءه شعب يُطالب به، ويُجاهد من أجله.
2- قدر الشام أن تكون دولة إسلامية تحكم بما أنزل الله .. وأن يصطفيها الله تعالى لنصرة دينه .. وأن تكون مقراً للطائفة المنصورة الظاهرة التي لا تخشى في الله لومة لائم .. وأن تقود الأمة في كثير من معاركها ضد الغزاة الصليبيين .. فأرض الشام أرض رباط إلى يوم القيامة.
كما أن قدر أهل الشام أن يكونوا الحماة لهذا الدين .. والمادة التي يُنصر بها الدين وتُعلى كلمته .. والجند الذي يحفظ الله بهم الملة والأمة .. وأن يكونوا المأوى والمنجاة من الفتن .. ولا بد من أن يتقبلوا هذا القَدَر ـ وتكاليفه ـ بنفس راضية مؤمنة طائعة .. صابرة وأجرهم على الله.
وإليكم بعض النصوص الشرعية الدالة على هذه الحقيقة الآتية ولو بعد حين: 
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" عليكم بالشام .. فإن الله U قد تكفَّل لي بالشام وأهله ". ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه.
          وعن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" يا طوبى للشام! يا طوبى
للشام! يا طوبى للشام! "، قالوا يا رسول الله وبمَ ذلك؟ قال:" تلك ملائكةُ الله باسطوا أجنحتها على الشام ".
          وقال صلى الله عليه وسلم:" إني رأيتُ عمودَ الكتاب انتُزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد
به إلى الشام، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام ".
          وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا فسد أهلُ الشام فلا خير فيكم، ولا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة ".
          وقال صلى الله عليه وسلم:" لن تبرح هذه الأمة منصورين أينما توجهوا، لا يضرهم من خذلهم من الناس حتى يأتي أمر الله؛ وهم بالشام ".
          وقال صلى الله عليه وسلم:" لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة ".
وفي رواية:" لا يزال أهل الغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة "؛ وأهل الغرب هم أهل الشام. قال أحمد بن حنبل: أهل المغرب هم أهل الشام.
وعن عبد الله بن حوالة أنه قال: يا رسول الله اكتب لي بلداً أكون فيه، فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك. قال صلى الله عليه وسلم:" عليك بالشام، عليك بالشام، عليك بالشام!"، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كراهيته للشام، قال:" هل تدرون ما يقول الله U؟ يقول: أنتِ صفوتي من بلادي أُدخل فيك خيرتي من عبادي .. ورأيت ليلة أُسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة، قلت: ما تحملون؟ قالوا: نحمل عمود الإسلام، أُمرنا أن نضعه بالشام ". 
          وقال صلى الله عليه وسلم:" عليك بالشام؛ فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده ".
          وعن عبد الله بن عمر، قال: قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم يوماً:" إني رأيت الملائكة في المنام أخذوا عمود الكتاب، فعمدوا به إلى الشام، فإذا وقعت الفتن فإن الإيمان بالشام ".
          وعن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ستخرج نارٌ في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس "، قلنا فماذا تأمرنا يا رسول الله؟ قال:" عليكم بالشام ".
          وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" فسطاط المسلمين ـ أي مدينتهم ـ يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يُقال لها: دمشق؛ من خير مدائن الشام ".
          وفي رواية عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" يوم الملحمة الكبرى، فسطاط المسلمين بأرض يُقال لها: الغوطة، فيها مدينة يُقال لها: دمشق؛ خير منازل المسلمين يومئذٍ ". 
          وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثاً من الموالي أكرم العرب فرسْاً،
وأجودهم سلاحاً يؤيد الله بهم الدين ".
          وقال صلى الله عليه وسلم:" عقر دار المؤمنين بالشام ". أي مركزهم الذي يأوون إليه ـ عند الشدائد والمحن والفتن ـ هو بالشام[[3]].
          هذا هو قدر الشام .. وقدَر أهل الشام الآتي بإذن الله .. وهو قدر لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل بيئته؛ في ظل دولة إسلامية راشدة تحكم بما أنزل الله .. وبعد أفول عهد الزنادقة من العلمانيين الذين ساموا البلاد والعباد الذل والهوان دهراً من الزمان .. وما ذلك ببعيد بإذن الله .. ) قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ (الأنعام:158.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
17/12/1426 هـ / 17/1/2006 م.


[1]  تحالف الإخوان مع خدَّام وأسرعوا في مد أيديهم إليه .. علماً أن الآخر لا يزال إلى الساعة يتماجد بالطاغية الأسد الأب وبعلاقته وتاريخه معه، والتي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود .. وكأن المشكلة مع الأسد الابن دون الأسد الأب صاحب التركة الفاسدة .. والإجرام الأكبر بحق الإسلام .. وحق سورية وشعبها المسلم.
[2]  هذا القانون في التعامل مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وغيرهم من الصابئة والمجوس .. هو الذي حافظ عليهم طيلة أكثر من " 1425 " عام، وإلى الساعة في ديار المسلمين آمنين غانمين محترمين .. وفي زمانٍ كانت الشعوب والأمم الأخرى لا تعرف حرمة ولا قيمة لإنسان ولا دين!
   ومع ذلك يوجد من أهل الكتاب وغيرهم من ينكر ذلك الفضل، ويعتبر ذلك ظلماً لهم ...؟
   ولهؤلاء وغيرهم نقول: إضافة إلى ما ذكرناه .. فإن شروط منح الإقامة والجنسية للمسلم في كثير من بلاد الغرب النصراني المعاصر .. تتضمن ـ وللأسف ـ كثيراً من الامتهان والإذلال والإحراج .. وإلى درجة إكراهه على ترك الدين .. وحمله على اعتقاد ما يتنافى مع مبادئ وقيم دينه، من ذلك: إلزامه بالقسَم على الولاء والطاعة للدولة، وقوانينها، وملكها .. وأن يجيب عن بعض الأسئلة والتي على أساسها يُقرر أن يُمنح الجنسية والفرصة للإقامة في بلادهم أم لا، من هذه الأسئلة على سبيل المثال:" كيف سيكون رد فعلك إذا قدم إليك ابنك الأكبر وقال إنه شاذ جنسياً، ويعتزم الإقامة مع رجلٍ آخر ... ما رأيك إذا تزوج رجل في ألمانيا بامرأتين في نفس الوقت ... ما رأيك في الاطروحة القائلة أن الديمقراطية هي أسوأ أشكال الحكم التي نعرفها لكنها أفضل الموجود ... الرياضة وتعلم السباحة من صلب التعليم، هل تسمح بمشاركة ابنتك فيها، وإذا كان الجواب لا، فلماذا .."، وغيرها من الأسئلة المخصصة للمسلمين فقط والتي تتناول جوانب عديدة من اعتقاداتهم وقيمهم الدينية .. والتي على أساسها ـ إن جاءت الإجابة وفق ما يشتهون ويريدون ويتدينون ـ يمنح المسلم فرصة الإقامة والتجنس ... إضافة إلى ما هو معلوم للجميع من قيام بعض الدول الأوربية بمنع النساء المسلمات ـ بقوة القانون ـ من حقهن في ارتداء الحجاب واللباس الذي يردنه ويرغبن به .. بدعوى ضرورة الاندماج والانصهار في المجتمع وعاداته وقيمه .. والسؤال الذي يطرح نفسه: أيهما فيه امتهان لكرامة ودين المرء وإنسانيته وحريته .. قانون الجزية كما هو مبين أعلاه .. أم هذه الإجراءات المتبعة حديثاً في كثير من الدول الغربية التي تزعم قمة التحضر والإنسانية .. واحترام الإنسان ومعتقداته؟!  
[3] جميع الأحاديث الآنفة الذكر صحيحة أو حسنة الإسناد ولله الحمد، وهي مخرجة في كتاب " فضائل الشام ودمشق للربعي "، تحقيق الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.

إرسال تعليق

 
Top