بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وبعد.
منذ أن قام المفتونون بعِجل الديمقراطية بارتكاب مجزرتهم البشعة بحق شباب التوحيد والجهاد من روّاد مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية .. وعلى رأسهم شيخهم وقائدهم الشيخ المجاهد أبي النور المقدسي .. رحمهم الله جميعاً .. لم يتوقّف قلم الشيخ حامد عبد الله العلي .. في الذود عن القتلة المجرمين .. والتبرير لهم .. وتزيين صورتهم ـ وما هم عليه من منهج باطل ـ في أعين الناس إلى درجة التكلّف الممجوج .. والمفضوح .. وتأثيم وتجريم وتجهيل الضحايا والقتْلَى من شباب " جند أنصار الله " ومَن ناصرهم وأنصفهم .. ورميهم بأنهم أصحاب فتنة .. وعمالة وخيانة .. عن قصد بعضهم .. وجهل البعض الآخر .. فمرّرنا له مقالته الأولى وبلعناها على مضض .. وما إن بلعناها له إلا وفاجأنا بمقالة ثانية، وثالثة، ورابعة .. وكأنه قد فُكَّ من عُقال .. لم يتوقّف .. ولا نظنه أنه سيتوقف .. مما زاد الطينة بلة .. والفتنة فتنة .. والظلم ظلماً؛ فقوَّى الظالمين على ظلمهم وباطلهم .. كما وجد الإعلام المنافق العميل بكلماته المادة الدسمة التي بها يحارب التوجه السلفي الجهادي المبارك .. على ثرى فلسطين .. وينفر الناس عن أصحابه!
ففاجأنا الشيخ بأسلوبه الجديد هذا الذي لم نعهده عليه من قبل .. والذي استقوى به أهل البدع والأهواء من عبّاد عجل الديمقراطية .. لصالح باطلهم وظلمهم وإجرامهم .. على شباب التوحيد والجهاد .. وعلى المنهج السلفي الحق وأهله .. وليقولوا للناس: انظروا هذا واحد من مشايخ السلفية .. يُحسّن ويُصوب ما قمنا به من إجرام .. وما نحن عليه من منهج وطريقة وسيرة .. ويُجرّم ويخوّن مخالفينا من السلفيين الجهاديين الذين قمنا بقتلهم شر قتلة في مسجد ابن تيمية!
وقبل أن نُشرِع في الرد على كلمات الشيخ حامد العلي .. يُستحسن أن نذكر بعض كلماته وعباراته .. والتي أكثرها منشورة في موقعه .. ليُدرك القارئ صحة مأخذنا عليه .. وأننا لم نقوله ما لم يقل .. وما لم يخطه بقلمه!
قال:[ نعم ثمـّة يـد خفية، لكن هذا لا يعني أن هؤلاء الشباب يعلمون ذلك، فمن الواضح أنهم استدرجوا بطريقة ما، بتوجيه غير مباشر من جهـات خارجيـة تريد ضرب حكومة غزة من الداخل، وإحداث قلائل فيها، تمهيداً لإضعافها، وبالتالي إعادة سلطة عباس إلى غزة، وهذا قد يتم بطريقة تُسمـّى في علم السياسة: ( إعداد المقدمات التي تؤدي إلى النتيجة حتما ) ، وهذا معروف في المكر السياسي .. وننبّه إلى أن هذه الطريقة أصبحت مفضَّلـة لدى الإستخبارات المعادية، وأحب إليهم من تجنيد مجموعة تجنيداً مباشراً يمثلون الجهاد ، فهذه الطريقة الثانية فاشلة، وتُكشف بسرعة، لأن التدين الزائف يتضـّح بسهولة، وينكشف وشيكـاً، ففضلوا التوجيه غير المباشر لتديـّن حقيقيّ فيه إخلاص غير زائف، وعاطفة صادقة، ولكن ينقصه الخبرة لاسيما الخبرة الأمنية، والسياسية، وإذا أضيف مع ذلك، كونهم لايسمعون إلاّ ممن يوافقهم، وفيهم جهل في الشرع، فقد طمّ الوادي على القرى .. أنّ بين هؤلاء الشباب مدسوسين يحركونهم، ويحضونهم على إحداث تخريب داخل غزة، وإشغال جبهة المقاومة عن أهدافها، وتشويه سمعتها .. ومن المؤشرات على هذا، أن جميع الطرق لإضعاف جبهة المقاومة في غزة قد فشلت، فجاءت أولا محاولة فتح لإشعال نار الفتنة، فحسمتها الحكومة بطرد سلطة عباس في عملية تطهير سريعة، ثم تلا ذلك الحصار لصد الناس عن دعم المقاومة، ثم فشل في تحقيق هذا الهـدف، فجاءت محاولة الحسم العسكري بالإجتيـاح فيما سُمى عملية ( صب الرصاص ) ففشل، فهم يحاولون الآن بطرق جديدة، وهذه منها، ونسأل الله أن يفشلوا أيضا .. ولهذا فالصهاينة يتمنـُّون اليوم لو يمدُّون أي مجموعة تستبيح دماء الحكومة في غزة بالسلاح، ولو قدروا على ذلك لأدخلوه مجانا، بل لدفعوا الملايين من أجل إدخاله، حتى تشتعل غزة حربا داخلية، ولكن نسأل الله أن يخيـّب ظنهم، وتموت هذه الفتنة .. وكيف ليت شعري يُقـال يحـرم التدرّج مطلقـا، وأنـّه لا يحل لمن أوتي مقاليد السلطة إلاّ يجعـل الناس يستيقظون بين عشية وضحاها، ليجدوا حياتهم كلّهــا صارت إلى الشريعة محتكمة، وبالهدى في جميع مناحي الحيـاة ملتزمـة .. سعي حماس لصناعة مشروع التغيير الإسلامي الشامـل في غـزّة، بحيث يبقى شعبها الجائع، المحاصر محافظاً على المقاومة، ومتقبـِّلا لمشروع الحكـم الإسلامي .. وإنّ هؤلاء المتعجّلين يريدون أن تقيم حماس في يوم ما يعجز عنه عمر بن عبدالعزيز في خمسين عاماً .. فالواجب أن نعذر الذين نعرف عنهم، أنهم يحملون مشروعا إسلاميا، ويتضح ذلك على أحوالهم، ويبدو جليـَّا من فكرهم، ومحاضنهم التي يربـُّون فيها أنصارهم، يجب أن نعذرهـم إن تأوّلوا في التدرج في تحويل المشروع الإسلامي إلى واقع حياتي .. فكيف يُفتى بجواز القتال مع مجموعة أخطأت خطـأً بيِّنـا بإعلانها قيام إمارة بغير حقِّ، ضـدَّ أخوة لهم مسلمين، محاصرين ... ولاريب أنَّ الذي يحرّضهم على مواصلة القتال، وإثارة الفتنة في غزة، ولايسعى في إطفاء نار هذه الفتنة، إنما يتحمل أعظـم الآثام، ويقترف أكبر الإجرام، ولاينفـّذ بهذا التحريض إلاَّ مخططا صهيونيا خبيثا، فهو أداة فيه من حيث يشعر أو لايشعـر .. فهل يريد هؤلاء أن تقتحم بعد هذا الهرج، مدرّعات سلطة عباس التي أهداها لها دايتون، تقتـحم على حطامِ هرجٍ أعمى، وليقول دعاتـه بعد أن يُسقط في أيديهم: كانت والله سياط حماس تلك، أهون من جحيم عباس هــذا .. وأما سلطة دايتون القابعة في غزة، فسيتخذون ألسنة دعاة هذه الفتنة، سيوفا يذبحون بها في غزة، من عجـزوُا عن ذبحـه في سجون الضفة، وسيجعلونها جسراً يعبرون عليه إلى حيث كانوا يتآمرون على فلسطين وأهلها .. ولا يستبعد أنّ ثمّـة مكـرٍ خفيِّ وراء ما جرى في رفح، ولم يكن هؤلاء الشباب فيه إلاّ وقـوداً له، وهـم لايدرون من يقدح زنـاده وراءهــم .. إنـّه مكر بني صهيون بكلِّ ما فيـه، يمـدُّه الغرب بأسـره بكل ما يعطيـه، وينفذه أزلام السلطة الخائنة .. وقد تراكمت عنـد حركة المقاومة الإسلامية خبرة عظيمة في التعامل مع هذه المعادلة، وأثبتوا أنَّ قدرتهم على الصمود أقوى من الدول، وعلى المواجهة المسلحة أشدُّ من الجيوش النظامية، فهم أدرى بمكة وشعابها، وأعرف بأرضها، وضرابها .. والصهاينة بالإتفاق مع سلطة عباس دايتون، يعدُّون لحرب قادمة لإجتياح غزة، بعدما فشلت الحرب الماضية، فشلا ذريعا، في أعادة دحلان وأزلامه .. وما استمرار الحصار إلاّ لأجل هذه الحرب القادمـة .. فلأيِّ شيء لعمري هذا التداعي إلى حربها ـ أي حماس ـ سوى الدعوة إلى فتنة لن يجني منها إلاَّ الصهاينة، وسلطة الخبثاء الجواسيس في رام الله، مالم يجنوه بدباباتهم، وجيوشهم، وطائراتهم، ومكرهم الليل، والنهار .. لاسيما وقطاع غزة الآن في ظـلِّ توجه إسلامـي لا نشكّ في إخلاصه، ومعروف بمسيـرته الجهادية المشـرِّفة، وتضحياته الكبيرة في تاريخ الجهـاد الفلسطيني، وما يقوم به من حراك سياسي إنما اضطـرّ إليـه لحماية المقاومة ، وتحقيق مصلحة إستمرار خطِّهـا، مجتهداً أن لا يتنازل عن ثوابت الأمة، وطريق التحرير، والتمسك بالحقوق المشروعة .. وهـو ينتهج في خطـّة تنفيذ المشروع الإسلامي في غزة، نهج الإصلاح التدريجي، مراعياً ضرورات المرحلة، التي تستدعي تقديم الأولى فالأولى، وترجيح الأهمّ على المهم، وهو يكسب قلوب الناس بهذه النهج الحكيم، ليقيم المشروع الإسلامي على قاعدة صلبة، وتطبيق سليم .. فالواجب دعم التوجُّه الإسلاميّ في غـزّة، والتعاون معه، تعاوناً كاملاً، والتنازل عن كلِّ ما يعارض هذا التعاون الواجب .. غزة الآن تحكمها حكومة ذات توجه إسلامي تتبنى الجهاد ونهج المقاومة في مواجهة عدو صهيوني يعاونه منافقون من "سلطة عباس دايتون" خطرهم لا يقل عن خطر الصهاينة، وقد أثبتت هذه الحكومة وحركة المقاومة التي تمثلها توجهها الإسلامي .. ومن يصف حكومة غزة بأنهم "طواغيت"!، وأن جنودها "جنود الطاغوت"!؛ فهؤلاء مندسُّون قطعًا، أو فيهم مندسون ]ا- هـ.
هذه بعض كلماته .. نكتفي بها كمثال للتدليل على قدر التلبيس والظلم والزور وقلب الحقائق التي وقع فيه الشيخ .. نُجمل الرد عليها في النقاط التالية:
1- أكثر الشيخ من الدندة عن الفتنة .. والتحذير من الفتنة .. بينما لم يُشرْ قط إلى الفتنة الكبرى .. فتنة الشرك .. ولم يحذر قط من فتنة انتهاج الشرك .. وما يترتب عليه من آثار مدمرة على البلاد والعباد .. الذي انتهجته حماس في تبنيها للمنهج الديمقراطي .. الذي كان من دواعيه ولوازمه خذلانها لشريعة الله تعالى!
قال تعالى:) وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (البقرة:191. أي فتنة الشرك أشد من فتنة القتل. وقال تعالى:) فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (النور:63. والفتنة هنا يُراد بها الكفر والشرك، قال الإمام أحمد رحمه الله: تدري ما الفتنة؟ الكفر، قال الله تعالى:) وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (، فيدعون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي ا- هـ. قلت: كيف إذا تركوا الحديث والسنة .. وغلبتهم أهواؤهم إلى الشرك والديمقراطية، وإفرازاتها الكفرية .. لا شك أن هؤلاء أولى بالفتنة .. وبالوقوع في الفتنة!
كنا نود من حامد العلي .. ما دام يُحذر أهل فلسطين من الفتنة .. أن يُحذرهم من فتنة تنكب التوحيد .. ومواكبة الشرك ومقارفته .. وما أعظمه وأكبره من فتنة .. وهذا ما لم يفعله الشيخ حامد وللأسف!
2- الفتنة كل الفتنة .. عندما ترتضي حماس الإخوانية .. أن تكون تلك البوابة المشرَعة الواسعة التي يعبر من خلالها التشيع والرفض إلى فلسطين وأهالي فلسطين .. ولا أظنني بحاجة للتدليل على صحة هذه الحقيقة البادية الظاهرة لأعشى الليل والنهار .. ومع ذلك حامد العلي السلفي! .. لم يُشر إلى هذه الفتنة .. ولم تقلقه هذه الفتنة .. ولم يُحذر منها .. وإنما أضفى ألقاب المديح والثناء الحسن على أصحابها ومنهجهم وسياساتهم .. وإنما الذي أقلقه ويقلقه ويحذر من فتنته هو ظهور مجموعات سلفية جهادية تنتصر لعقيدة التوحيد .. وتذود عن الحقوق والحرمات .. على ثرى فلسطين؟!
3- أخطأت وظلمتَ يا حامد العلي .. عندما اعتبرت " جند أنصار الله " وغيرهم من شباب التوحيد والجهاد .. هم من بدؤوا حماس بفتنة القتل والقتال .. بينما حماس كانت في موقع الدفاع .. ومحاربة الفتنة .. وهذا عين الكذب والباطل، والافتراء على الأبرياء .. فكل القرائن والأدلة اجتمعت على أن حماس تتربص .. وتُطارد وبحماس غريب ومشبوه .. كل مجموعة أو شاب عنده توجه سلفي جهادي .. فتقاتله وتقتله .. وتعتقله .. كما فعلت من قبل مع شباب " جيش الإسلام " وغيرهم؟
والسؤال الذي يطرح نفسه: مَن صاحب الفتنة .. ومن يستحق هذا الوصف؛ بأنه صاحب فتنة، ومن الذي بدأ ولا يزال يبدأ بفتنة القتل والقتال .. بغير حق .. ويحرص عليها ..؟ الجواب الذي لا ارتياب فيه ولا خلاف عليه: هو طرف واحد .. هي حماس .. ومع ذلك حامد العلي .. لم يُشر إلى ذلك قط .. وإنما جعل الطرف الآخر ـ الشباب السلفي المجاهد ـ هو صاحب الفتنة .. وهو الذي يحرص عليها .. وأن مجرد وجوده تحت مسمى التوجه السلفي الجهادي هو فتنة .. ولحماس حينئذٍ كامل الحق في أن تقاتل وتقتل وتعتقل من تشاء من هؤلاء بزعم محاربة الفتنة؟!
تعلَم يا حامد العلي .. أن الرضى بالشيء كفاعله .. فأنت ومعك القرضاوي .. قد ارتضيتما قتل هذه المجموعة الموحدة المجاهدة .. وصوبتما فعل حماس .. بحجة أن هؤلاء الفتية الموحدين أصحاب فتنة .. ومدسوسين .. فاستعد للمساءلة يوم القيامة عما زعمت وافتريت .. إن تعلقت بك دماء الشهداء هؤلاء .. وسألتك بأي حق قتلتنا .. وارتضيت قتلنا .. وخوَّنتنا .. وأفتيت بقتلنا؟!!
4- ليس من الفقه ولا الأمانة العلمية .. عند حصول الكبائر والصغائر .. أن نتغاضى عن الكبائر، ونُعمي الطرف عنها، وبخاصة إن كانت ترقى إلى درجة سفك الدم الحرام، وقتل رجل أن قال ربي الله .. ونُسلّط الضوء والاهتمام على الصغائر؛ التي منها ما يحتمل الاجتهاد .. ومنها ما يُمكن معالجته بشيء من الحكمة والرفق .. والحوار الهادئ، لو توفرت النوايا الصادقة!
5- اعلم يا حامد العلي .. ومن هم وراءك ممن يقولون بقولك: أن الصهاينة اليهود قامت دولتهم البغيضة على جهود وحراسة وحماية كلاب الحراسة الأوفياء من دول الطوق المحيطة بفلسطين .. وهم بعد أن أمّنوا لأنفسهم ودولتهم كلاب حراسة أوفياء تحرسهم ودولتهم من خارج الحدود .. يبحثون عن كلاب حراسة أوفياء من الداخل .. يحرسون دولة الصهاينة من داخل الأراضي الفلسطينية .. وهذا الدور تقوم به السلطة الفلسطينة العميلة في رام الله .. بينما في غزة تقوم به حماس .. وهذه المفاوضات التي تجري بين حماس والأطراف الأخرى في مصر .. ودمشق .. ما هو إلا للتأكد إلى أي مدى أو حد يمكن أن تُمارس حماس دور كلاب الحراسة من مكان وجودها في قطاع غزة .. وإلى أي مدى عندها استعداد على أن تقتل وتُقاتل من تسول له نفسه اختراق تلك الحراسات الحمساوية .. والتي على ضوء ذلك .. سيتقرر التعامل معها، والاعتراف بها دولياً أو لا .. وحماس ـ وللأسف ـ قد فهمت هذه المهمة القذرة الحقيرة .. فهي منذ فترة تقوم باصطياد وقتل كل من يُحاول توجيه سهامه نحو الصهاينة اليهود .. وما قتلها .. وقتالها .. لشباب التوحيد والجهاد .. ممثلين في جماعة " جند أنصار الله " وقبلهم " جيش الإسلام " و " جيش الأمة "إلا من هذا القبيل .. ولكي تُثبت حماس أنها يمكنها وبجدارة لا تقل عن جدارة الأنظمة العربية العميلة .. على حماية الحدود .. وحماية الاتفاقيات المهينة .. والتنازلات الذليلة .. التي تقدمها حماس للطرف الصهيوني!
اعلم يا حامد العلي .. أن الصهاينة اليهود .. ومن وراءهم أمريكا والغرب الصليبي .. لا يتخوفون من حماس الإخوانية الديمقراطية .. وإنما الذي يخشونه أشد الخشية .. أن تظهر مجموعات سلفية جهادية موحدة .. صحيحة المنهج والتصور .. واضحة الهدف والراية .. داخل أراضي فلسطين .. تخرج عن السيطرة .. وتستعصي على كلاب الحراسة .. فتنغص عليهم عيشهم وحياتهم .. وتُفسد عليهم مخططتاتهم ومؤامراتهم وما يقررونه في مؤتمراتهم .. وعندما قتلت حماس مجموعة من شباب " جند أنصار الله " ومعهم الشيخ المجاهد أبي النور المقدسي .. لم يُخفِ الإعلام الغربي الصليبي سروره وفرحته بما اقترفته حماس .. وبعضهم من لام حماس على تأخرها إلى هذا الوقت في استئصال تلك المجموعات الجهادية السلفية .. التي تأخذ قراراتها من رأسها، وبعد رجوعها إلى كتاب ربها عز وجل وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم .. وليس من قم وطهران .. ودمشق .. أو القاهرة!
فكيف بعد ذلك تقول يا حامد العلي عن هؤلاء الأبطال: أنهم مدسوسون .. وعملاء .. ليفسدوا على المقاومة جهادها وخطتها .. مع العلم والتنبيه أن جماعة جند أنصار الله تؤكد في بيان لها " أن 15 من ضحايا الجماعة كانوا من قبل مقاتلين في القسّام، ومنهم ابن شقيق موسى أبو مرزوق نائب خالد مشعل، ومنهم الأخ الذي كان يقف مكشوف الوجه يحرس الشيخ أثناء إلقائه الخطبة، وهو قائد سابق لوحدة التصنيع في القسام " .. فما أخس تلك الجماعة التي تقتل خيرة وصفوة شبابها .. وتتنكّر لمعروفهم وفضلهم وجهادهم إن اختلفوا معها في توجه أو اجتهاد .. ومع ذلك الشيخ حامد يرقع لهم .. ويكذب بالنيابة عنهم .. فيرمي صفوة المجاهدين بالعمالة والخيانة والجهالة .. وأنهم أصحاب فتنة .. ومدسوسون!
من أبرز ما يميز جماعة الإخوان المسلمين ـ وحماس منهم ـ سرعة تنكرهم لجميل وجهاد وحسنات أفرادهم .. إن اختلفوا معهم في توجه أو مسألة أو اجتهاد .. ولو اقتصر موقفهم على التنكّر لهان الخطب؛ بل هم يزيدون عليه بإضفاء التهم والظنون الباطلة الكاذبة على هؤلاء الأفراد الذين اختلفوا معهم .. وما أكثر الأمثلة الدالة على هذا الخلق الدنيء الخسيس لو أردنا الاستدلال.
أعلَم أن أي تقاتل فلسطيني فلسطيني .. وأيما رصاصة في داخل فلسطين لا توجه نحو العدو الصهيوني الغاصب .. سيُفرِح العدو .. ويُثلِج صدورهم .. ولكن ما العمل .. وما هو السبيل .. وما الذي يقضي به النقل والعقل .. إن ارتضى طرف فلسطيني لنفسه العمالة والخيانة .. وأن يكون زنباً وحارساً وفياً لدولة الصهاينة اليهود ومصالحها .. وقاتل دون هذه المهمة القذرة .. فما هو الحل .. وما هو السبيل مع هكذا عملاء ..؟!
إلى متى سنظل نقول للطرف المجاهد المخلص .. مد عنقك ليذبحك العملاء الخونة .. سلم نفسك لسجونهم .. ليتفننوا في تعذيبك وفتنتك عن دينك .. حتى لا نُفرِح ونشمت بنا الصهاينة اليهود .. ونضحكمهم علينا .. وهم قد ضحكوا علينا وانتهوا، ومنذ زمن .. عندما ارتضينا بتسليم رقابنا سهلة رخيصة ذليلة لعملائهم وعيونهم ليقوموا بذبحها وسلخها على الطريقة التي يريدون؟!
تفضل يا حامد العلي .. أفتنا في هذه المسألة إن كنت فعلاً ممن يُحاربون الفتنة ويُحيطون بها من كل جوانبها؟!
من قبل .. من أجل الابتعاد عن الفتنة .. والحفاظ على الدم العربي العميل الملوث .. قال ـ ولا يزال ـ بعض الشيوخ من بني جلدتنا بحرمة قتال جنود كلاب الحراسة الأوفياء ممن يحرسون دولة الصهاينة اليهود من الخارج .. ويُقاتلون دون أمنها ومصالحها .. بحجة أن دمهم عربي .. مما أدى إلى قيام دولة الصهاينة اليهود بكل سهولة ويسر .. وعلى مدار أكثر من ستين عاماً لم تواجه دولة الصهاينة خطراً حقيقياً بفضل تلك الحراسة المشددة .. وبفضل الفتاوى الضالة التي تحمي وتحرم قتال تلك الكلاب الحارسة .. وها هي اليوم تتكرر نفس المأساة .. فتصدر نفس الفتاوى بحرمة التعرض لكلاب الحراسة من داخل الأراضي الفلسطينية .. بزعم اجتناب الفتنة .. والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها .. وحرمة الدم العربي الفلسطيني .. وقد فاتهم أنهم بذلك يقعون في الفتنة الكبرى .. ويوسعون الجرح والمأساة على الشعب المسلم الفلسطيني بخاصة .. وشعوب العالم الإسلامي بعامة .. ويُطيلون من أمده .. وأمد هيمنة دولة بني صهيون .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
قَتْلُ من يُحاول اختراق حراسات كلاب الحراسة .. واجب وطني وقومي .. تقتضيه المصلحة الوطنية، ومصلحة الحفاظ على المقاومة والدم العربي .. بينما قتال وقتل حرَّاس دولة الصهاينة اليهود .. لضرورة الوصول إلى الهدف وإلى ساحات العدو .. فتنة .. وخيانة .. وعمالة .. وأصحابه مدسوسون .. ألا قاتل الله الكذب .. والنفاق!
6- سياسة وخطة حماس المستقبلية تقوم على انتهاج أن لا للسلام ـ أياً كانت صورة هذا السلام ـ ولا للحرب والقتال والجهاد .. فهي واقفة وستقف مذبذبة بينهما .. صادة لهما .. لا إلى هذا الخيار قولاً صريحاً .. ولا إلى الخيار الآخر قولاً صريحاً .. وإنما ستُراوغ مراوغة الثعلب بينهما .. وتكذب .. وتُراهن .. وتبتز الأموال لمآرب حزبية ضيقة .. وفي نفس الوقت تقف عقبة كأداء أمام تحقيقهما .. فلا هي حمامة مع الحمائم ولا صقراً مع الصقور .. وإنما هي طير غريب مهجّن من الحمائم والصقور .. وهذه السياسة أو لنقل هذه الخبرة قد اكتسبتها حماس من خلال إقامة خالد مشعل في دمشق .. حيث قد تعلّم واكتسب هذه السياسة والخبرة من النظام البعثي النصيري السوري منذ عهد حافظ الأسد وإلى عهد ابنه اليوم .. والقائمة على التذبذب والتلون وعدم الوضوح .. فلا هو يريد السلام مع الصهاينة صراحة .. ولا هو يريد الحرب والقتال صراحة .. وهو مع ذلك يلعب دور كلب الحراسة الوفي على طول حدود سورية مع فلسطين .. لأن هذا الموقف المتذبذب يمد من أجَل النظام .. ويساعده على ابتزاز أموال الأمة .. باسم الصمود والتصدي .. كما ويساعده على التملص من أي التزام .. نحو أي طرف من الأطراف .. وقت يشاء!
والسؤال الذي يطرح نفسه: إن كانت هذه السياسة القذرة تليق بنظام بعثي طائفي كالنظام النصيري السوري .. هل تليق يجماعة .. تزعم أنها إسلامية وأنها تنتهج طريق المقاومة .. وتعمل من أجل الإسلام؟!
7- أرادَ حامد العلي من كلماته الآنفة الذكر أعلاه .. أن يمنع في فلسطين من قيام أي عمل جهادي راشد ملتزم .. يُؤدي إلى ظهور أي جماعة جهادية سلفية .. أو يُفرز قيادات جهادية سلفية راشدة ملتزمة .. وأيما ظهور لهكذا عمل .. أو هكذا جماعات .. أو هكذا قيادات .. فهو يعني عنده بالضرورة .. أنها جماعات فتنة .. وأنها جماعات مدسوسة .. تعمل لمآرب العدو .. خرجت على الشرعية .. ولحماس كامل الحق في أن تئدها وتقاتلها .. وتقتلها .. وتسجنها .. حتى تعلن تلك المجموعات براءتها مما عزمت عليه .. وتدخل في الولاء والطاعة لحكومة حماس الديمقراطية!
هذا الذي أراده ـ حامد العلي ـ وهذا الذي يحرص عليه مستقبلاً بأن لا يتكرر .. وأن لا تظهر بوادر أي عمل جهادي سلفي راشد قائم على أرض فلسطين .. وأنا أقول له: فألك خاسر، ورغبتك مردودة عليك .. فلسطين من الشام .. والشام لا تزال فيها طائفة ظاهرة على الحق، تكون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه .. تجاهد في سبيل الله لا تخشى في الله لومة لائم .. وإلى يوم القيامة .. كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لن تبرح هذه الأمة منصورين أينما توجهوا، لا يضرهم من خذلهم من الناس حتى يأتي أمر الله، وهم بالشام ". وقال صلى الله عليه وسلم:" لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة ". وأهل الغرب هم أهل الشام .. وفلسطين هي قلب الشام.
حذار يا حامد العلي .. أن تقول: أن هذه الطائفة المنصورة الواردة في الحديث .. هي حزب حماس الإخونجية الديمقراطية .. فحينئذٍ لا شك أنك ستُضحِك الناس عليك لو فعلت .. ولا أظنك بفاعل!
8- قال حامد العلي:" وكيف ليت شعري يُقـال يحـرم التدرّج مطلقـاً، وأنـّه لا يحل لمن أوتي مقاليد السلطة إلاّ يجعـل الناس يستيقظون بين عشية وضحاها، ليجدوا حياتهم كلّها صارت إلى الشريعة محتكمة، وبالهدى في جميع مناحي الحيـاة ملتزمـة .. وإنّ هؤلاء المتعجّلين يريدون أن تقيم حماس في يوم ما يعجز عنه عمر بن عبدالعزيز في خمسين عاماً "ا- هـ.
أقول: يؤلمني يا شيخ حامد أن يُقال عنك أنك تكذب .. وأنك تبالغ وتُغالي في جدالك عن تدرج حماس في تطبيقها لأحكام الشريعة في غزة ..!
آتني بواحد فقط .. حتى من هؤلاء المجاهيل ممن يكتبون بأسماء مستعارة في المنتديات الحوارية .. الذين أكثرت من انتقاصهم وشتمهم .. قال:" لمن أوتي مقاليد السلطة إلاّ يجعـل الناس يستيقظون بين عشية وضحاها، ليجدوا حياتهم كلّها صارت إلى الشريعة محتكمة، وبالهدى في جميع مناحي الحيـاة ملتزمـة .. وإنّ هؤلاء المتعجّلين يريدون أن تقيم حماس في يوم ما يعجز عنه عمر بن عبدالعزيز في خمسين عاماً " ... آتني بواحد فقط قد قال بهذا القول .. والذي يستحق منك هذا الرد .. فإن لم تجد ولن تجد .. فماذا تريدنا أن نصف كلماتك .. وتحاملك على مخالفيك في المسألة، وفي فهمك وتنزيلك للمسألة؟!
أصارحك القول ـ وأنا أخوك ـ: أنني اطلعت على مقالتك التي تتكلم فيها عن مسألة التدرج في تطبيق أحكام الشريعة .. فألفيت ثلثيها .. انتصاراً لنفسك .. وطعناً وتصغيراً .. وتحقيراً .. لإخوانك المسلمين ممن لا يرون رأيك في المسألة بزعم أنهم مجاهيل .. ويكتبون بأسماء مستعارة في المواقع والمنتديات الحوارية .. ولا يسمعون إلى العلماء .. وهذا لا حق لك فيه .. كما لا يليق بأمثالك أن تمهد بين يدي كثير من مقالاتك .. بالطعن .. والتجريح .. والتصغير .. والتحقير .. والشتم بهؤلاء المجاهيل .. فهذا من الإرهاب الفكري الممقوت الذي ننزه أمثالك عن الوقوع فيه .. ونحن كما ننكر على الشباب أن يُمارسوا أي قدر من الإرهاب الفكري على الشيوخ .. كذلك ننكر على الشيوخ أن يُمارسوا أي قدر من الإرهاب الفكري أو الإسلوب التحقيري التجهيلي على الشباب!
والثلث الأخير من المقالة ألفيتها .. كلمة حق أردت بها الانتصار لباطل حماس .. ولخذلانها لشريعة الله عز وجل.
عندما تشهد ـ يا شيخ حامد ـ بأن حماس صاحبة مشروع إسلامي تعمل لتحقيقه بشكل متدرج .. وعلى الأمة أن تصبر عليها وتعينها على مشروعها الإسلامي .. فأنت من جهة تشهد شهادة زور .. وتُكسي حماس ثوب زورٍ هو ليس لها .. وهي ليست له .. وفي الحديث:" من تشبَّع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور " .. وبرهان ذلك من وجهين:
أولهما: أن قيادة حماس .. وشيوخ حماس من الإخوان المسلمين خارج فلسطين .. قد صرحوا مراراً وتكراراً .. بأنهم .. لا .. ولن .. يُطبقوا الشريعة .. ولا .. ولن .. يعملوا على أسلمة الناس في غزة .. ولا غير غزة .. ولا .. ولن .. يُكرهوا أحداً من المسلمين على الالتزام بتعاليم الشريعة .. وإنما المسألة على الاختيار فمن شاء من المسلمين الالتزام والإيمان .. فله ذلك .. ومن شاء منهم الكفر والعصيان .. فله ذلك .. وما هي العلمانية غير ذلك .. وعلى سبيل المثال لا الحصر: في الوقت الذي طالب فيه رأيس المحكمة في غزة المحاميات بأن يلتزمن الحجاب .. أنكر عليه خالد مشعل في دمشق، وقال:" هذه خطوة قام بها رئيس مجلس العدل ورئيس المحكمة العليا في قطاع غزة باجتهاد منه، وليس بموقف مقرر لا من حماس، ولا من حكومة الأخ اسماعيل هنية، ونحن ما زلنا نعالج الأمر .. موقفنا في حماس وحكومة الأخ اسماعيل هنية أننا لن نفرض التدين على أحد ". وهم إذ لا ولن يفرضوا التدين على أحد .. فإنهم في المقابل يفرضون القانون الوضعي واحترام القانون أو الدين الوضعي على كل أحد في غزة .. فتأمل يا حامد العلي!
قالوا مراراً وتكراراً: أنهم التزموا منهج الديمقراطية في العمل والبناء والتغيير .. وأن العمل من أجل تحقيق الديمقراطية والحريات ـ والتي تعني في المصطلح الإسلامي الإباحية ـ مقدم على العمل من أجل تطبيق وتحكيم الشريعة .. هذا قولهم .. وهذه هي تصريحاتهم التي أصموا بها آذاننا .. وانتشرت عبر وسائل إعلامهم في الأمصار .. ويرددونها في مجالسهم الخاصة والعامة سواء .. فكيف بعد ذلك ـ يا شيخ حامد! ـ تصفهم بأنهم أصحاب مشروع إسلامي يسعون إلى تطبيق وتحكيم الشريعة بالتدرج ... ألا قاتل الله الزور والغش والكذب!
ثانياً: ممارساتهم العملية الواقعية قد صدّقَت ما قالوه بلسانهم .. فها هي حماس .. بعد مضي ثلاثة سنوات من حكمها لغزة .. وبعد أن تحقق لها جزء كبير من التمكين .. وكما وصفتها ـ أنت يا شيخ حامد! ـ أنها من القوة بحيث استطاعت أن تواجه الصهاينة اليهود .. وكيد ومكر وسلاح السلطة العميلة .. وأن تتحدى الحصار وغير ذلك من مظاهر القوة والتمكين .. وهي من القوة ما يمكنها من قتل واستئصال كل من يخالفها .. وتدمير البيوت والمنازل على ساكنيها .. وتكسير عظام من تشاء بالعصي الغليظة وعلى ملأ ومرأى من الناس .. أقول: ومع كل هذا التمكين الذي تحقق لها .. لم تخط حماس خطوة واحدة نحو تطبيق الشريعة .. بل لم تقر عيون المسلمين الموحدين بكلمة واحدة حول تطبيق الشريعة .. أو أنها تنوي وتفكر بتطبيق الشريعة .. لم تفعل شيئاً من ذلك .. بل فجعتنا مؤخراً .. وفجعت معنا العالم الإسلامي كله .. عندما أقبلت بنفس حزبية متوحشة على قتل من طالبها بتطبيق الشريعة في مسجد ابن تيمية .. وقالوا لحماس نحن على استعداد أن نكون خدماً لكِ إن سرتي في تطبيق الشريعة .. ومع ذلك كان جزاؤهم القتل والسجن والتنكيل .. ورميهم بأنهم مصابون بلوثة في عقولهم .. فأي إصرار يعلو هذا الإصرار في رفض الشريعة وتحكيم شرع الله تعالى.
قال تعالى:) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (الحج:41.
بينما حماس بعد أن منّ الله عليها بنوع من التمكين لا يُستهان به .. فإنها تأمر بالديمقراطية .. وبحاكمية الشعب والجماهير من دون الله تعالى .. وتطلب الوزارة في حكومة سلطة عميلة مأجورة طالما أنتَ ترميها بالخيانة والعمالة وأنها سلطة دايتون .. وتدع الناس أحراراً فيما يرتكبون ويفعلون من الموبقات .. وتقتل من يُطالبها أو يأمرها بتحكيم الشريعة .. وترميه بأنه مصاب بلوثة عقلية .. بل قد بلغني من أطراف عدة أن في غزة إلى الساعة يوجد فيها من يشتم الله تعالى جهاراً نهاراً .. وحماس لم تفعل معهم شيئاً .. بينما لو شتموا الاستاذ هنية .. أو غيره من قيادات حماس .. فالويل والقتل وتكسير العظام لهم .. فكيف بعد ذلك ـ يا شيخ حامد! ـ تحمل فقه التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية على حماس .. وتزعم بالنيابة عنها أنها صاحبة مشروع إسلامي تسعى لتحقيقه وتطبيقه بالتدرج؟!
لذلك أرجو أن تعذرنا عندما رميناك أنك في مقالتك عن التدرج في تطبيق أحكام الشريعة .. قد قلت كلمة حق أردت بها الانتصار لباطل حماس .. ولخذلانها لشرع الله تعالى .. وللمسلمين الذين عقدوا عليها الآمال بأنها يوماً ما ستطبق أحكام الشريعة!
ونحو هذا الزور قولكَ عن حماس " بأنها تنهج النهج الذي تقدم فيه الأولى فالأولى، والأهم على المهم "، وأنت تعلم بأن لا شيء أولى ولا أهم من التوحيد .. وتحقيق التوحيد .. والكفر بالتنديد .. وحماس من أبعد الناس عن تحقيق هذا المقصد العظيم .. فهو خارج قاموسها وأدبياتها ومصطلحاتها واهتماماتها .. وهي قد ضحت به منذ أن شرعت في العمل الديمقراطي النيابي التشريعي الشركي .. وألقت بنفسها في أحضان الشيعة الروافض .. وارتضت الوحدة الوطنية رابطة يُعقد فيها لولاء والبراء من دون الله تعالى.
9- ليعلم الجميع أن من سنن الله تعالى في عباده .. أنهم إن تركوا فيما بينهم الحكم بما أنزل الله، جعل بأسهم فيما بينهم .. وشغلهم بقتال بعضهم بعضاً، كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" يا معشر المهاجرين، خمس خصال إذا ابتليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تُدركوهنّ " منها " وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله تعالى، ويتخيروا فيما أنزل الله، إلا جعلَ اللهُ بأسَهم بينهم ". هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يتخلّف.
فإن حصل شيء من هذا .. فحينئذٍ لا ينبغي أن نكثر من الحديث عن المدسوسين .. وعن فتنة الهرج .. ونتهرب من مواجهة الفتنة على حقيقتها .. وإنما يجب أن نحدد موضع الداء؛ سبب غالب الفتن التي تحيط وتنزل بالمسلمين؛ وهو عدم الحكم بما أنزل الله .. ومن أراد أن يُحارب الفتنة بحق .. ويقتلها في مهدها قبل أن تستشرف وتتوسع .. عليه أن يُطالب المعنيين بالأمر .. ويلزمهم .. بالحكم بما أنزل الله .. فإن لم يفعل .. فهو شريك في الفتنة .. وواقع فيها .. مهما تباكى على أطلالها وآثارها!
أعجب للشيخ حامد .. إذ تراه يعتبر الخروج على منهج حماس الديمقراطي .. وعدم التعاون معها على ما هي عليه من الباطل والتنكب عن الحكم بما أنزل الله فتنة عظيمة .. يجب أن تُحارب وتُستأصَل .. بينما فتنة ترك وخذلان حماس للحكم بما أنزل الله .. لم يُشر إليها .. ولا إلى فتنتها وضررها .. وكأنها لم تكن!
10- هذه النقطة أخصصها للحديث عن البطل المجاهد " أبو عبد الله المهاجر السوري " رحمه الله؛ الذي أراد أن يجدد في أبناء فلسطين سيرة البطل المجاهد " عز الدين القسام " السوري .. فخدم المجاهدين من جناح " عز الدين القسام " أيما خدمة .. وجاهد معهم .. وأفرغ لهم نصحه .. وساهم في تدريبهم وإعدادهم .. ومما جاء في البيان الصادر عن جماعة " جند أنصار الله " قولهم عن أبي عبد الله المهاجر:" وأن أمير الجماعة أبو عبد الله المهاجر كان مقربًا جدًّا من قادة القسّام، وساهم في تدريب مقاتلي القسام بوسائل متطورة .." ا- هـ.
ومع ذلك عاقبته حماس الإخوانية بالقتل .. وتنكرت لجميله وجهاده .. ولم تحترم فيه إسلامه .. ولا جهاده .. ولا غربته .. ولا هجرته .. ولا حتى حق الضيافة الذي يجب أن يُعطاه .. وسبب ذلك كله أنه خالفهم في توجههم الديمقراطي .. وكان له رأياً مخالفاً لهم حول " عِجْل الديمقراطية "!
ـ توصيات: بناءً على ما تقدم أوصي بما يلي:
1- لا يجوز الانضمام إلى حزب حماس الإخواني .. ولا تكثير سواده في شيء .. ولا القتال في ظل راياته الديمقراطية والعلمانية .. ولا طاعته في قتل أو قتال المسلمين .. وانتهاك حرماتهم .. والاعتداء على مساجدهم .. فحماس ـ وبخاصة بعد مجزرة مسجد ابن تيمية ـ قد فقدت مبرراتها الشرعية والأخلاقية كجماعة أو حزب يعمل من أجل الإسلام.
2- إن تعثر خدمة أسر الشهداء، وذوي الحاجة في قطاع غزة .. أو رد عدوان الصهاينة اليهود عن أهلنا في غزة أو غيرها من المناطق .. إلا بنوع تعاون وتنسيق مع حماس وأجنحتها العسكرية .. وبخاصة كتائب القسّام .. أرجو أن لا يكون في ذلك حرجاً إن شاء الله، لقوله تعالى:) وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (المائدة:2. فكتائب القسام .. على ما بدر من قياداتهم السياسية .. ومحاولة أولئك القادة أن يزجوا بالقسّاميين في معارك قذرة مع إخوانهم من المسلمين والمجاهدين المخالفين للتوجه الإخواني الديمقراطي .. فلا نزال نكن لهم الود والاحترام .. ونعتقد أن فيهم خيراً كثيراً .. وأن كثيراً منهم لا يرضى عن توجهات قادة حماس الفكرية والعقائدية والسياسية .. وأن وجوده تحت اسمهم من قبيل الضرورة .. ولانعدام البديل .. نسأل الله تعالى أن يحررهم من التبعية والانتساب لذلك الحزب الضال المُضِل.
3- يجب على المسلمين في فلسطين أن يسعوا بجد وعزيمة في إقامة وتشكيل الجماعة التي تجاهد في سبيل الله دون حقوقهم وحرماتهم ودينهم .. تقوم على منهج اتباع الكتاب والسنة، على ضوء فهم سلف الأمة .. من غير جنوح إلى غلو أو إرجاء .. تكون راياتها واضحة المعالم .. سليمة الوسائل والغايات .. بعيداً عن هرطقات ونفاق حماس الإخوانية!
4- على المجاهدين ـ حفظهم الله ـ أن يتبعوا ـ وبخاصة في مراحل تكوينهم وتأسيسهم ـ السرية التامة .. وأن لا يستعجلوا الخطوات قبل استيفاء حقوقها ومتطلباتها .. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان "[السلسلة الصحيحة:1453]. وليعلموا أن كلمة الجميع؛ الكافرين والمنافقين منهم سواء .. العدو الخارجي والداخلي .. قد اجتمعت على أن لا يسمحوا بقيام جماعة جهادية راشدة سلفية موحِّدة تجاهد في سبيل الله دون دين وحقوق وحرمات المسلمين في فلسطين.
5- على المجاهدين وعلمائهم في فلسطين .. أن يربوا الناس على التوحيد الخالص .. والكفر بالطاغوت .. والبراء من جميع مظاهر الكفر والشرك .. ويعطوا لذلك الأولوية في عملهم الدعوي والتثقيفي التربوي .. ففي تحقيق التوحيد منجاة يوم القيامة .. وخير زاد لصاحبه في مواجهة المحن والتحديات في الحياة الدنيا .. وهو بعد ذلك سبب عظيم في تنزيل نصر الله تعالى وعونه على عباده المؤمنين الموحدين.
كما ننصحهم في أن يجنحوا في تعاملهم مع الناس إلى الرفق .. وأن يكونوا أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين والمنافقين .. وأنهم إذا خيروا بين أمرين فليختاروا أيسرهما وأقربهما للرفق .. ما لم يكن معصية لله عز وجل .. ويكون ذلك منهجاً لهم في الدعوة والتعامل مع الناس.
6- نرى وننصح إخواننا المجاهدين ـ من قبيل العمل بالسياسة الشرعية وأدلتها ـ بأن لا يوجهوا بنادقهم نحو الفلسطينيين .. من أي فصيل كانوا لا من حماس .. ولا من غيرها .. وأن تكون بنادقهم مُشرَعة نحو العدو الصهيوني المغتصب .. إلا في حالة واحدة فقط .. عندما يقف هذا الفلسطيني مع العدو الصهيوني .. أو يكون حائلاً بينكم وبين عدوكم من الصهاينة اليهود .. ثم هو يُقاتلكم دون الصهاينة الغزاة .. أو يستهدفكم وأهاليكم في منازلكم ومساكنكم .. خدمة للعدو .. فهذا دونكم وإياه .. لا تترددوا في صده وقتاله من أي فصيل كان .. وإلى أي جماعة ينتمي، حتى لو كان من ذوي اللحى .. ويرتدي على رأسه عمامة بيضاء، فلا يخيفنكم ذلك، قال تعالى:) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (الحج:39. وقال تعالى:) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ (الشورى:39. وقال تعالى:) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ (النحل:126. وقال تعالى:) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ (التوبة:52. وهذه آية نزلت في المنافقين أي إن أظهرتم العداوة والبغضاء والنفاق .. والخيانة .. أخذناكم فقاتلناكم وقتلناكم بأيدينا في الدنيا .. غير الذي ينتظركم في الآخرة من عذاب وخزي.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من قُتِل دون دينه .. دون عِرضه .. دون ماله .. دون مظلمته .. فهو شهيد ".
7- كما ننصح ونوصي إخواننا المجاهدين ـ حفظهم الله ـ بأن يبتعدوا عن أخلاقيات وثقافات وسلوكيات الثأر القبلي العشائري الذي قد يطال البريء قبل المسيء .. وإنما عليهم أن يكتفوا بالقصاص الشرعي الذي لا يتعدى الظالم أو الجاني إلى غيره من الأبرياء، كما قال تعالى:) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (الأنعام:164. وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا ترجعوا بعدي كفاراً؛ يضربُ بعضكم رقاب بعض، ولا يُؤخذ الرجل بجريرة أبيه، ولا بجريرة أخيه".
8- فيمَ يخص الانتصار لقتلى وشهداء مسجد ابن تيمية رحمهم الله من مجاهدي جماعة " جند أنصار الله " .. نرى أن تعقد محكمة شرعية برعاية العلماء المستقلين من أهل فلسطين .. ليبتوا في الحقوق .. والدماء .. والحرمات التي انتهكت .. ومن يجب عليه القصاص ممن لا يجب .. ويلتمسوا رأي ورغبة أولياء الدم .. ثم ينفذوا حكم الله تعالى على الجناة القتلة .. لكن أنَّى لحماس الإخوانية أن ترضى بذلك .. أو أن ترقى إلى هذا المستوى الراق من التحاكم إلى شرع الله .. فهم لم يحكموا بما أنزل الله في لباس وتنانير النسوان .. فضلاً عن أنهم يحكمون بما أنزل الله في الدماء والحرمات .. وبخاصة إن كانوا هم الطرف المعتدي، أو القاتل الجاني!
فخيار القصاص الشرعي خيار شرعي قائم لا يمكن ولا يجوز إلغاؤه .. وهو حق لأولياء الدم ـ إن شاؤوا اقتصوا وإن شاؤوا عفوا ـ لا ينوب عنهم أحد في إسقاط هذا الحق .. ولكن إن استُنصِحت .. فأنصح بالعفو، لقوله تعالى:) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ (النحل:126. وقوله تعالى:) وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (التغابن:14.
9- قد تكرر السؤال علي فيما يخص التبرع لأهل غزة عن طريق حماس ..؟
أقول: قد أثبتت حماس ـ وبخاصة بعد أحداث مسجد ابن تيمية ـ أنها تستغل جزءاً كبيراً من المال مما يصلها من التبرعات في قتل من يخالفها من المسلمين وبخاصة إن كانوا من ذوي التوجه السلفي الجهادي .. كما تستخدم جزءاً من هذا المال لأغراضها الحزبية الضيقة .. على حساب ذوي الحاجة الماسة من أهل غزة .. لذا فمن كان يستطيع أن يوصل هذه التبرعات إلى المجاهدين .. وعوائل الشهداء .. وغيرهم من ذوي الحاجة من المسلمين .. مباشرة .. وبطريقته الخاصة .. فيكون هو الخيار الأفضل والأمثل الذي يجب أن يُتبع .. فإن تعثّر ذلك إلا عن طريق حماس .. أرجو أن لا يكون في ذلك حرج؛ بشرط أن يحدد لهم ويشترط عليهم مسار هذه التبرعات .. وأين يجب أن توضَع .. والله تعالى أعلم.
وفي الختام أقول للشيخ حامد العلي: ها نحن قد نصحنا إخواننا المجاهدين باجتناب الفتنة كما هو مبين أعلاه .. فهلا قمت فنصحت جماعتك حماس بأن تعتزل الهرج وقتال الفتنة .. وأن لا تعود ثانية لقتل مخالفيها من المسلمين والمجاهدين .. الذي لا يُفرح إلا أعداء الله ورسوله والمؤمنين .. فإن فعلَت ـ حماس ـ وعادت ثانية إلى قتل المخالفين لها من المجاهدين .. فتكون حينئذٍ هي التي تسعى إلى الفتنة .. وهي التي تبادر بافتعال الفتن .. وهي وحدها التي تتحمل أوزار الفتنة .. ونتائجها .. ولا تلومن حينئذٍ إلا نفسها .. هلاّ قمت بذلك يا شيخ حامد .. ونصحتهم هذه النصيحة .. وأنصفت الحق من نفسك وممن أكثرت الجدال عنهم في الباطل .. حتى نطمئن أنك فعلاً لا تريد لقتال الفتنة أن يحصل بين المسلمين على ثرى وأرض فلسطين؟!
نرجو أن تفعَل ...........!
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
6/9/1430 هـ. 27/8/2009 م.