س32: ما حكم الحصول على ممتلكات الدولة المرتدة عن طريق عمل جهادي فردي أو سرقة .. علماً أن هذه الممتلكات بعضها تعود للوزارات مثل الصحة، التربية، الزراعة .. وبعضها لوزارات الداخلية، والجيش، والحكم بغير ما أنزل الله .. ؟
إذا كانت هذه الحالة من الفيء أو الغنيمة جائزة فكيف تصرف هذه الممتلكات والأموال .. هل للموحد أم للجماعة؟؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. غزو الفئة المرتدة الممتنعة بالقوة واغتنام أموالهم جائز بلا خلاف .. سواء تحصلت هذه الغنائم عن طريق عمل جهادي .. أو عن طريق تسلل بعض المسلمين إلى مواقعهم وديارهم وسلب أموالهم تلصصاً ..ومن ثم العودة بها إلى دار الإسلام أو مواقع المجاهدين.
وصورة هذه الطريقة ـ وأعني بها طريقة اغتنام الأموال عن طريق التلصص من قبل بعض الأفراد ـ هي أقرب إلى الغنائم منها إلى الفيء .. وطريقة تقسيم الغنائم تكون باقتطاع خمس المال المغتنم .. يُعطى للفقراء والمساكين، وابن السبيل، وغير ذلك من مصاريف الجهاد، يقوم بتوزيعها السلطان المسلم أو من ينوب عنه من أمراء الجهاد .. كما قال تعالى:) واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خُمسه وللرسول، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله ( الأنفال:41: والمراد بذي القربى هنا هم آل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقرباؤه من بني هاشم وبني عبد المطلب .. والله تعالى أعلم .
أما الأربعة الأخماس المتبقية فإنها توزع على كل من شارك أو أعان على تحصيل تلك الغنيمة من المجاهدين .. وفي الحديث فقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الغنيمة فقال:" لله خمسها، وأربعة أخماسها للجيش " أي للجيش الذي قام باغتنامها عن طريق الغزو والجهاد.
ولكن إنزال هذا الحكم على واقعنا ومجتمعاتنا المعاصرة كما هو وارد في السؤال ففيه مشكل، وذلك من أوجه: منها تداخل سكنى المرتدين مع المسلمين في مكانٍ واحد .. وتداخل مصالحهم وأموالهم بعضها مع بعض؛ بحيث يصعب التمييز أو التفريق بين مال المسلم وبين مال الكافر المرتد .. وهذا محذور لا بد من اعتباره !
ومنها: أن هذه الحكومات المرتدة ـ لأسبابٍ عدة ليس هنا موضع بسطها ـ ترعى أموال عامة الناس في المجتمع: المسلم منهم .. والكتابي الآمن .. والمرتد الكافر .. وأن أي عملية سطو على تلك الأموال العامة التي ترعاها تلك الحكومات والوزارات المرتدة فسوف تشمل حقوق وأموال هذه الأصناف الثلاثة الآنفة الذكر .. ولا قدرة للمتلصص عند الاحتطاب أن يفرق بين ما يجوز له أخذه وما لا يجوز له أخذه .. وبين ما هو للفئة المرتدة الممتنعة وبين ما هو ليس لها .. أي لا بد من وقوعه في الحرام .. وهذا محذور معتبر .
ومنها: أن عمله التلصصي أو السرقة كما ورد في السؤال سيفسر ـ لو عُرف ولا بد له أن يُعرف ولو بعد حين ـ من قبل الناس بما فيهم المسلمين على أنه سرقة وإجرام وأن صاحبه لص يستحق العقوبة والتنكيل .. وربما جُيرت مثل هذه الأعمال من قبل الأنظمة والحكومات المرتدة ـ وقد حصل ذلك ـ لتنفير الناس عن الإسلام والدعاة إلى الله ..!
فإن قيل ما دام الأمر حلالاً لا ينبغي أن نلتفت لما يقوله الناس ..!
أقول: هذا خطأ لا ينبغي للدعاة الموحدين أن يقعوا فيه .. فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أمسك عن قتل بعض المنافقين حتى لا يُقال أن محمداً يقتل أصحابه .. كذلك في مسألتنا هذه حتى لا يقول الناس ـ وما أكثر وأوسع وسائلهم الإعلامية ـ أن الدعاة إلى التوحيد عبارة عن شلة لصوص وشلة مجرمين يمتهنون السطو على البيوت والحرمات .. فما يقوله الناس .. وما يعكس ذلك سلباً على الدعوة
والإسلام معتبر .. بل لا بد من اعتباره ومراعاته !
لأجل هذه الأوجه مجتمعة لا أرى جواز اشتغال المسلم بالسرقة من الجهات المذكورة في السؤال .. إلا على وجه ما يتحصل من هؤلاء المرتدين المجرمين عن طريق الجهاد والقتال، والله تعالى أعلم .
ثم أنصح إخواني بأن يترفعوا عن هذه الأمور .. وأن يتطلعوا دائماً إلى كيفية نصرة هذا الدين .. كيف يُعلون كلمة التوحيد وشأن التوحيد بين العباد وفي البلاد .. كيف يأطرون العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .. كيف يرتفعون بأنفسهم إلى مستوى أخلاق هذا الدين .. كيف يرتفعون إلى مستوى المسؤولية التي ترقى بهم إلى أن يكونوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .