س39:أود منك الإجابة على بعض الأسئلة، السؤال الأول: قد هداني الله لدين التوحيد، وعرفت الحق، فحاولت جاهداً ترك العمل ضمن هذا الجيش الطاغوتي علماً أن وظيفتي كانت طيار، والآن بعد أن ضاقت بي السبل حاولت البحث عن عمل في دول الخليج وقد حصلت على ثلاثة عروض: العرض الأول: أن أعمل كمدرس للضباط في الجيش .. وسأكون بوضعي المدني، أي أني لن أكون عسكرياً ولكن سأدرس العساكر مادة الطيران .. العرض الثاني: العمل ضمن قوات الأمم المتحدة .. العرض الثالث: العمل كطيار مدني على متن إحدى الطائرات التي تقدم الخمور لركابها .. فأي هذه العروض حرام وأيها حلال فقد حيرني المشايخ .. فبعضهم قال لي: لا بأس بالعمل ضمن الجيش كمدرس بحجة مصلحة الدين، وللدعوة إلى الله .. فهل نمسخ الدين بحجة مصلحة الدعوة ؟!
الجواب: الحمد لله رب العالمين. لا يجوزالانغماس أو الانخراط للعمل في جيوش الكفر من أجل التكسب أو الرزق؛ لما في ذلك من دخول مباشر في موالاة ونصرة وتقوية الطواغيت الظالمين.
جاء رجل خياط إلى سفيان الثوري فقال: إني رجل أخيط ثياب السلطان، هل أنا من أعوان الظلمة ؟ فقال سفيان: بل أنت من الظلمة أنفسهم، ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيط!!
فإذا كان يا أخي من يخيط للسلطان المسلم الظالم الثياب يكون من الظالمين .. فكيف بمن يعمل طياراً عند طواغيت الكفر والردة، أو يدرب جنودهم على الطيران ليمارسوا طاعة الطاغوت في قتل الناس، وحرق البلاد بغير وجه حق .. كما هو مشاهد في كثير من الوقائع المعاصرة .. لا شك أنه أولى دخولاً في الظالمين .. وفي موالاة ونصرة الظالمين .
وعليه فإننا لا ننصح ولا نرى جواز العمل في العرضين الأولين المذكورين في السؤال وهما: العمل كمدرس ـ لجنود الطاغوت ـ لمادة الطيران .. والعمل ضمن قوات الأمم المتحدة على الإسلام والمسلمين ..!
ويبقى العرض الأخير وهو العمل كطيار مدني .. فهو أقل العروض الواردة حرمة ومخالفة للشرع؛ لكن يبقى محظور المكث في مجالس المنكر التي يُدار فيها شرب الخمر .. وهو محظور ليس بالأمر الهين تجاهله، لقوله تعالى: )وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ( النساء:140.
قال القرطبي في التفسير: فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم .. فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن يُنكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أخذ قوماً يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية ) إنكم إذاً مثلهم ( أي إن الرضا بالمعصية معصية؛ ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم ا-هـ .
هذا قولي فيما استفتيتني فيه يا أخي .. فالسلامة السلامة إن كان دينك وتوحيدك يعز عليك .. واعلم أن الله لن يُضيعك .. فمن ترك شيئاً لله تعالى عوضه الله خيراً منه .. صدق الله:) ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب (.