س57: هل يجب في إسقاط الحكم على رجل مات ولا أحد شهد أنه صلى إلا أن هناك بعض أصدقائه من يقول إنه كان ينوي بدء الصلاة يوم عيد الفطر إلا أن المنية وافته قبل ذلك .. فهل يجب قبل إسقاط الحكم ـ حكم تارك الصلاة ـ عليه من انتفاء الموانع، واستيفاء الشروط؟
ثم ألا يوجد في تاريخ الأمة أخبار عن تعامل الناس عملياً مع إنسان مات، وعرف عنه أنه ما كان يُصلي ؟
نحن شباب في شمال إيطاليا نعتقد بكفر تارك الصلاة إلا أنه ينقصنا العلم في كيفية التعامل مع حالة واقعية عينية مثل التي ذكرت لفضيلتكم .. فما هو التعامل الصحيح العملي في مثل هذه
الحالة .. وجزاكم الله خيراً ؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين . من مات ولم يصل لله قط فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، وكونه نوى أنه كان سيصلي في عيد الفطر أو في وقت لاحق ثم أدركته المنية قبل ذلك .. لا ينفعه ذلك في شيء؛ وهو مثله مثل من نوى أن يصير مسلماً لكنه مات قبل أن يصير مسلماً، أو قبل أن يأتي بالعمل الذي يدخله الإسلام .
والحالة المسؤول عنها صاحبها يكفر بعينه .. ويُعامل بعينه معاملة المرتدين .. وما يُجـرىعليهم من أحكام .. ومثله لا تُعمل بحقه موانع التكفير؛ لأنه لم يكن يجهل وجوب الصلاة عليه .. ولا يجوز أن نفترض فيه غير ذلك.
أما سؤالكم عن إمكانية وجود رجل تارك للصلاة .. تعامل معه الناس من قبل معاملتهم لموتى المسلمين، من حيث الصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين وغير ذلك ..؟!
أقول: نعم يوجد .. ويوجد من هو أظهر كفراً من تارك الصلاة .. وأعلل ذلك للأسباب التالية:
1- المسألة فيها خلاف بين علماء الأمة .. أي أنها ليست محطة إجماع جميع علماء الأمة .. وما كان كذلك فهو مبرر للناس أن يتوسعوا في هذه المسائل !
2- أكثر مذاهب أهل السنة انتشاراً في العالم الإسلامي: المذهب الحنفي ـ مذهب الدولة العثمانية ـ والمذهب الشافعي .. وكلا المذهبين لا يريان كفر تارك الصلاة ..!
3- لا يُعرف عن رجل كان تاركاً للصلاة في عهد الصحابة أو التابعين .. ثم تعاملوا معه معاملتهم لموتى المسلمين .
4- عهدنا عن الناس في هذا الزمان .. أنهم يصلون على من هو أشد كفراً ومروقاً من تارك الصلاة .. حيث رأيناهم يصلون على الميت الملحد الشيوعي، الذي عُرف في حياته بحربه لله ولرسوله وللمؤمنين .. ويكفي عندهم أن يكون اسمه اسماً إسلامياً أو ينتمي إلى الإسلام بالهوية الشخصية .. بل لا نعرف عنهم أنهم يوماً من الأيام ردوا ميتاً لعقائده ومذاهبه الكفرية الإباحية التي كان ينادي بها في حياته .. بل ووجدناهم يصلون على الطواغيت الأشد كفراً وعناداً .. لذا فإن فعلهم لا يُلتفت إليه .. ولا يؤثر على الحكم الشرعي في شيء .. ولا يجوز الاستدلال به .. وليس بمثله تُرد النصوص الشرعية التي توجب كفر تارك الصلاة .. وبالتالي لا يمنع من كون الذي يصلون عليه أن يكون كافراً أو ملحداً، وهو من أهل النار ..!
5- منذ زمن ليس بالقريب وإلى يومنا هذا .. المذهب الرائج بين الناس في الإيمان هو مذهب أهل الإرجاء .. الذي يُقصي الأعمال كلها ـ بما في ذلك الصلاة ـ عن مسمى الإيمان وتعريفه .. وهذا لا شك له دور في الظاهرة المتسيبة الآنفة الذكر .. والله تعالى أعلم .