س60: ما رأيكم في المقولة المشهورة: نجتمع فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه .. ؟
الجواب: هذه المقولة ليست صواباً على الإطلاق، ولا خطأ على الإطلاق؛ أي أنها مقولة صحيحة من وجه وباطلة من وجه آخر.
الوجه الصحيح منها: عندما يكون الاختلاف اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد .. أو يكون الخلاف مما تحتمله قواعد ونصوص الشريعة .. ويكون جميع فرقاء الاختلاف غرضهم موافقة مراد الشارع فيما اختلفوا فيه .. فحينئذٍ ـ وفي هذا الموضع ـ يصح استخدام وإطلاق العبارة المذكورة أعلاه في السؤال .
مع التأكيد أن عذر بعضنا لبعض فيما اختلفنا فيه ـ مما يدخل في اختلاف التضاد ـ لا يمنع مطلقاً من دوام المناصحة بهدوء ورفق وبما لا يوغر الصدور .. إلى أن يظهر الحق الذي لا يتعدد .
أما الوجه الباطل منها: أن تُستخدم هذه العبارة في مواضع الاختلافات التي لا تحتملها قواعد ونصوص الشريعة .. كالاختلاف بين الإيمان والكفر .. أو بين السنة والبدعة .. أو بين الحلال البين الجلي والحرام البين الجلي .. فهذا النوع من الاختلاف لا يجوز أن نعذر بعضنا بعضاً فيه، وبالتالي لا يجوز إعمال وإنزال مقولة " ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " على مثل هذا النوع من الاختلاف أو الخلاف ..!
لأن إعمال هذه المقولة في مثل هذا الموطن من الخلاف ـ إضافة إلى كونه مخالفاً لنصوص الكتاب والسنة ـ مؤداه إلى اختلاط الحق بالباطل وإلى تعايشهما معاً وكأنهما شيء واحد .. وهو يؤدي كذلك إلى ضياع كثير من معالم الحق .. وإلى تعطيل الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وغير ذلك من المصالح التي تقوم عليها مصالح الدين والدنيا معاً !!
وللزم منه أن نعذر ملل الكفر والأهواء والضلال .. ولصارت الأمور بذلك أقرب إلى الديمقراطية والزندقة والإباحية ..!
ومنه تعلم خطأ أولئك الذين يحملون هذه المقولة على الخلاف الحاصل بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة الروافض .. أو غيرهم من فرق الكفر والضلال والأهواء التي ضلت سواء السبيل ..!