س229: ما حكم أعضاء الحزب الحاكم .. مع العلم أن بعضهم يدخل الحزب لمصلحة مادية خاصة أو عامة .. وبعضهم يدخل تقية ليدفع شر المخابرات ورجال الأمن عنه .. كما هو الحال في كثير من الأنظمة الديكتاتورية الظالمة ؟؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. الأحزاب العلمانية الإباحية التي تفصل الدين عن الدولة والحياة ـ على اختلاف مشاربها وراياتها ومسمياتها ـ أحزاب كفرية لا يجوز الالتحاق بها .. وأعضاؤها العقائديون كفار مشركون .. ولا نرى المصلحة المادية .. أو غرض تحسين مستوى المعيشة مبرراً شرعياً للالتحاق بصفوف مثل هذه الأحزاب، وارتكاب مزالقها من أجل فتات من المال .. فما عند الله تعالى لا يُطلب بمعصيته، وإنما يُطلب بطاعته.
ولكن من حمله الخوف والإرهاب المحقق على التظاهر بأنه منهم ومن حزبهم .. وكان لا يستطيع الخروج من سلطانهم ودولتهم .. أرجو أن يكون له مخرج شرعي، وان قوله تعالى:) إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ( يشمله .. ولكن حتى في هذه الحالة لا يجوز أن يُظهر لهم من الموافقة إلا القدر الذي به يدفع أذاهم وشرهم، ومن غير توسع فيما لا حاجة إليه .. لذلك نجد الله تعالى يُتبع قوله محذراً من ذلك ) وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (آل عمران:28.
ـ تنبيه: السؤال عن حكم أشخاص بأعيانهم .. قاموا ببعض الأعمال .. قد تكون كفرية .. ما حكمهم ونحو ذلك ؟
أقول: في كثير من الأحيان ـ وبخاصة من كان كفره من جهة المتشابهات ـ لا يمكن الجزم عليه بحكم محدد من دون النظر إلى مجموع شبهاته وأعذاره التي حملته على فعل ذلك الفعل .. فقد يُقال: فلان قد فعل كذا وكذا .. ويكون الحكم بناء على هذا النقل .. أنه كافر .. ولكن عند اللقاء بذلك المعين .. والتباحث معه فيما قد وقع فيه من كفر .. تجد عنده كم هائل من الأعذار والتأويلات التي ـ لا شك ـ تؤثر على الحكم عليه بالكفر .. وترى من السلامة التوقف في شأنه.
فالحكم على الأعيان موقف قضائي، وأحياناً ـ أقول أحياناً وليس دائماً ـ حتى يكون الحكم صائباً وعادلاً لا بد من مساءلة نفس ذلك المعين عن الأسباب التي حملته على الوقوع فيما قد وقع فيه .. وما الذي يريده منه.
وفي السنة ما يدل ويلزم بهذا الفقه: فتأملوا ملياً تثبت وتحقق النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الرجل المحصن الذي أقر على نفسه بالزنى .. وأراد أن يتطهر من ذنبه .. وكان حكمه الرجم .. هل في جنة .. هل هو مقر بذنبه وهو بتمام وعيه وعقله .. هل هو شارب للخمر .. لعله كذا وكذا ؟!!
فإن قيل هذا في الزنى ..؟ أقول: في حالة الوقوع في الكفر .. والحكم بالكفر على المعين التثبت من باب أولى وأوكد، قال تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (النساء:94.