س188: لعلكم ـ شيخنا ـ قد سمعتم بفتوى القرضاوي بجواز قتال المسلمين الأمريكيين مع الجيش الأمريكي ضد المسلمين في أفغانستان .. فما قولكم في ذلك .. وبماذا تنصحون المسلمين تجاه إخوانهم في أفغانستان .. وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. ليس غريباً أن يصدر عن هذا الضال المُضل مثل هذه الفتاوى الشاذة المعلوم من الدين بالضرورة بطلانها .. ولكن الغريب أنه إلى الساعة ـ ورغم ضلالات الرجل الكثيرة التي يصعب حصرها ـ لا يزال عدد من المسلمين من يستمعون إليه .. ويعتدون بفتواه .. ويُجادلون عنه!
أما أن فتوى الرجل الآنفة الذكر باطلة .. فهذا لا خفاء فيه، وذلك من أوجه:
منها: أنه آثر ـ في فتواه المذكورة أعلاه ـ الولاء الوطني .. والولاء للجنسية على الولاء للعقيدة والدين .. وقدم الأولى على الأخرى .. وهذا كفر لمصادمته عشرات النصوص التي توجب عقد الولاء والبراء بين المسلمين على أساس الانتماء للعقيدة والدين .. وأن المسلمين يد واحدة على من سواهم مهما باعدت أو فرقت بينهم الأقطار .. أو تعددت جنسياتهم ولغاتهم وأعراقهم ..!
وهو كفر لكونه عقد الولاء والبراء في الوطن أو الدار .. ولذات الوطن من دون الله عز وجل ..!
ومنها: أنه ـ في فتواه ـ قد أحل وأجاز ما حرم الله تعالى مما هو معلوم من الدين بالضرورة .. حيث أنه أجاز مظاهرة المشركين المجرمين المعتدين والقتال معهم ضد المسلمين لاعتبارات واهية جاهلية لا اعتبار لها في ديننا الحنيف .. وهي اعتبارات الانتماء للوطن والجنسية!
فهو لم يُظاهر وحسب .. بل أحل مظاهرة المشركين على المسلمين .. وهذا أغلظ كفراً وجرماً .. لحصول الكفر من جهتين: جهة مظاهرة المشركين .. ومن جهة استحلال مظاهرة المشركين على المسلمين ..!
ومنها: تذبذبه وتقلبه فيما يخص هذه المسألة .. فهو من جهة طالب المسلمين بمد يد العون للمسلمين في أفغانستان .. وناشدهم عدم مساعدة الأمريكان في عدوانهم على أفغانستان .. ومن جهة أخرى أجاز للمسلمين الأمريكان ـ وتعدادهم بالآلاف، بحكم انتمائهم الوطني! ـ القتال بجوار ومع الجيش الأمريكي الغازي والمعتدي على حرمات المسلمين وأطفالهم في أفغانستان ..!
وهو بذلك ضمِن جانب ونقمة من يعارضون أو يُحرمون الغزو والاعتداء الأمريكي .. وجانب ونقمة من يُؤيدون الاعتداء الأمريكي .. فهو لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء .. وهذا أقل ما يُقال فيه بأنه زندقة ونفاق .. وتذبذب، كما قال تعالى:)مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً(النساء:143.
أما ما يجب على المسلمين نحو إخوانهم في أفغانستان .. فأقول: نزولاً عند العمل بجميع النصوص الشرعية ذات العلاقة بالمسألة يجب على جميع المسلمين في الأرض ـ كل بحسب ظروفه وطاقته وإمكانياته ـ أن يقدموا يد العون والغوث والنصرة لإخوانهم المسلمين في أفغانستان .. كما يجب عليهم أن يردوا عنهم ظلم العدوان الأمريكي وحلفائها بجميع الوسائل المشروعة .. كل بحسب طاقته وقدرته وموقعه .. وهذا واجب لا منَّة فيه لأحد .. وهو مما لا خفاء فيه .. ولا يختلف عليه اثنان من ذوي العلم المعتبرين.