س240: ألا ترى أن استسهال الزاني للمعصية حتى يعتبرها حقاً من حقوقه أو حتى استسهال الحكم بغير ما أنزل الله يحتاج إلى إقرار الحاكم بلسانه .. إذ لو أني تخيلت نفسي قاضياً لن أحكم على أحد بالردة حتى يقول مثل هذا القول، وسأبتعد عن الحكم بكفره إذا لم يقل شيئاً من هذا القبيل، حتى لو علمت أن هذا في قلبه ..!
ألا ترى أننا لو صنفنا الناس إلى مستسهل ومستحسن وأواب إلى الحق .. سندخل إلى تصنيف ما في القلوب التي الله أعلم بحالها، ونترك الظاهر الذي بين لنا خروجه عن الملة أم لا ..؟!
الجواب: الحمد لله رب العالمين. أقول لا يُشترط دائماً للتكفير أو لكي تحكم على معين بالكفر أن يقر لك بالاستحلال بعظمة لسانه .. أو يقول لك صراحة: أنه كافر بالله .. ومكذب لشرع الله .. فهذا قل من يقدم عليه من الزنادقة والمرتدين .. حيث ترى أحدهم يمارس الكفر البواح من أوسع أبوابه .. وبنفس الوقت تراه يقبل منك كل اتهام سوى أن ترميه بالكفر فلا يقبله منك ..!
وقد ثبت في السنة ما يدل على أن من المجرمين من يؤخذون بذنوبهم من دون أن يُقرروا بألسنتهم أو حتى يُستتابوا، كما في الحديث الذي أمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يُقتل الرجل الذي أعرس بزوجة أبيه .. وان يُخمس ماله .. من دون أن يسأله عن فعله هل هو فعله على وجه الاستحلال أم لا .. وذلك أن عمله أصدق حالاً وتعبيراً عن كفره من عظمة لسانه ..!
وكذلك حكم الزنديق فالراجح فيه أنه يُقتل من دون أن يُستتاب؛ لأنه لو سُئل لأنكر وجحد بلسانه ما دل عليه عمله وواقع حاله من الكفر البواح .. وبذلك عُد زنديقاً .. ولذلك ذهب أكثر أهل العلم على القول بقتله من دون أن يُستتاب أو حتى يُسأل .. لأن الاستتابة تكون من شيء .. وهذا لا يعترف لك بشيء .. ولو أقمت على كفره البينة القاطعة لجادلك على أنه مسلم .. وأول المسلمين .. ولا يسمح لأحد أن يُزاود عليه .. وما أكثر هؤلاء في زماننا!!