recent
آخر المشاركات

شبهة الاستدلال بعدم خروج الإمام أحمد على الحاكم في فتنة خلق القرآن



س673: كيف نرد على المجادلين عن الحكام المرتدين عندما يحتجون علينا بقصة الإمام أحمد رحمه الله في فتنة خلق القرآن وعدم خروجه على الحاكم الذي تبنى القول بخلق القرآن وهو كفر مخرج من الملة عند أهل السنة والجماعة .. أرجو الجواب بالتفصيل لخطورة هذه الشبهة، وجزاكم الله خيراً .

الجواب: الحمد لله رب العالمين. هذا سؤال قد أجبت عليه أكثر من مرة .. فأعيد هنا بعض ما كنت قد كتبته وذكرته، فأقول: قد ثبت عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه كفر بعض الجهمية بأعيانهم الذين قالوا بأن القرآن مخلوق، وأمسك عن تكفير البعض الآخر. 
والذي حمل الإمام على تكفير البعض بأعيانهم، وإمساكه عن تكفير البعض الآخر رغم اشتراكهما بنفس الذنب والجرم أن الذي كفره بعينه يكون قد ظهر له ما يستوجب تكفيره بعينه من حيث انعدام الأعذار بحقه المانعة من تكفيره.
          أما من أمسك عن تكفيره بعينه فهو لظهور الموانع التي تمنع من تكفيره بعينه رغم اقترافه للكفر ووقوعه فيه .. حيث كان ممن قال بأن القرآن مخلوق يريد من قوله التنزيه والتعظيم للخالق وليس الجحود للصفات .. وهذا كان معتبر عند الإمام .. من هؤلاء المعتصم وغيره من الولاة العباسيين الذين عاصروا الإمام أحمد رحمه الله.
          أما قياس طواغيت الحكم المعاصرين على من عذرهم الإمام أحمد ممن قالوا بأن القرآن مخلوق .. فهو قياس باطل لا يصح من وجوه:
          منها: أن كفر الذين عذرهم الإمام أحمد كان كفرهم من جهة تأويلهم للصفات وقولهم بأن القرآن مخلوق .. بينما كفر طواغيت الحكم المعاصرين يأتي من جهة ارتكابهم لجميع نواقض الإسلام الظاهرة منها والباطنة ..!
          ومنها: أن جهمية الصفات وقعوا فيما وقعوا فيه عن تأويل لا يمنع من تأثيمهم وتضليلهم .. ولكن يمنع بعضهم من تكفيرهم بأعيانهم!
          بينما الحكام لا يمكن أن يُقال فيما وقعوا فيه من كفر أنهم وقعوا في ذلك عن تأويل .. لا يمكن أن يُقال أنهم بدلوا الشريعة وأحلوا محلها شرائع الكفر والطغيان عن تأويل .. فضلاً أن يُقال عن تأويل يمنع من تكفيرهم !
لا يمكن أن يُقال أنهم جعلوا من أنفسهم أرباباً من دون الله .. يشرعون التشريع الذي يضاهي ويضاد شرع الله .. عن تأويل!
لا يمكن أن يُقال أنهم دخلوا في موالاة ونصرة المشركين من اليهود والنصارى وغيرهم على ملة أهل التوحيد .. عن تأويل! 
          لا يمكن أن يُقال أنهم يحاربون دين الله تعالى بكل ما أتوا من قوة ووسائل .. عن تأويل!
          ومنها: أن الذين تأولوا الصفات وقالوا أن القرآن مخلوق كالمعتصم والمأمون وغيرهما .. أرادوا التنزيه والتعظيم .. ولم يريدوا التكذيب والجحود .. أو رد ما صح عندهم أنه من دين الله تعالى .. وهذا كان سبباً رئيسياً في إمساك الإمام أحمد وغيره من أهل العلم عن تكفيرهم بأعيانهم.
          بينما طواغيت الحكم لا يمكن أن يُقال بحقهم وبما يظهرونه من كفر بواح .. ومن أبواب شتى .. أنهم أرادوا من ذلك التنزيه والتعظيم!!
          ومنها: أن الولاة الذين وقعوا في خطأ القول بمخلوقية القرآن كالمعتصم .. كان شأنهم كله قائم على أساس الحكم بما أنزل الله .. وجيوشهم لم تتوقف عن الجهاد والغزو في سبيل الله .. والدفاع عن الثغور والحرمات .. والمعتصم ذاته هو صاحب رسالة " إلى كلب الروم .. " الشهيرة .. من أجل امرأة مسلمة أسيرة عند الروم يهدد ملك الروم بجيش الحق أوله عند طاغية الروم وآخره عند المعتصم .. هذا إذا لم يطلق سراح المرأة ويرسلها إليه معززة مكرمة .. فأين طواغيت الحكم المعاصرين الأقزام الخونة العملاء المخنثين .. من ذلك؟!!
          لأجل هذه الأوجه ـ وغيرها من الأوجه مما لا يتسع المجال لذكرها هنا ـ نقول: أن قياس طواغيت الحكم المعاصرين .. على الولاة الذين قالوا بخلق القرآن .. هو قياس فاسد وباطل لا يجوز الإقدام عليه.
google-playkhamsatmostaqltradent