recent
آخر المشاركات

كلام للشيخ الألباني بخصوص تارك الصلاة



س898: يقول الشيخ الألباني في كتاب تارك الصلاة ـ ص 78 طبعة 1422 الصادرة عن المكتبة الإسلامية بالأردن ـ:" فلو قال قائل بأن الصلاة شرط لصحة الإيمان وأن تاركها مخلد في النار فقد التقى مع الخوارج في بعض قولهم هذا "!
وقد دافع الحلبي عن كلام الألباني السابق بنقل كلام لشيخ الإسلام من الفتاوى ج7/202-203، زاعماً أن كلام ابن تيمية المنقول مثل كلام الألباني الآنف.

قال الحلبي: مع أن لشيخ الإسلام كلاماً مثله في الفتاوى ـ رداً على بعض شبهات الجهمية ـ:" إنكم إن قلتم: بأن من انتفت عنه هذه الأمور أي الأعمال فهو كافر خال من الإيمان أي في قلبه كان قولكم قول الخوارج وأنتم في طرف والخوارج في طرف فكيف توافقونهم ومن هذه الأعمال إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج والجهاد والإجابة إلى حكم الله ورسوله مما لا تكفرون تاركه، وإن كفرتموه كان قولكم قول الخوارج ".
قلت (أي الحلبي): فهذا مثل قول شيخنا بل أصرح في ذلك وأوضح ..ا- هـ.
والسؤال: هل كلام الألباني الآنف صحيح وموافق لكلام شيخ الإسلام .. ومعذرة للإطالة، ولكن قول الشيخ أشكل علي ..؟!
الجواب: الحمد لله رب العالمين. كلام الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله الوارد أعلاه خطأ؛ لأن معناه أن الصحابة الذين كفروا تارك الصلاة قد التقوا مع الخوارج في بعض قولهم هذا
.. وخطأه هذا قد رددت عليه في كتابي حكم تارك الصلاة لو راجعته.
وعلي الحلبي السلفي! بدلاً من أن ينتصر للصحابة وللسلف الصالح الذين كفروا تارك الصلاة .. انتصر وتحزب للشيخ ناصر في الباطل .. وبكلام باطل .. فقوّل شيخ الإسلام ما لم يقل وحمّل كلامه من المعاني ما لا يحتمل .. فوقع في التحريفين: تحريف النص عن لفظه الصحيح، وتحريف معناه عن المراد الذي يريده شيخ الإسلام .. فالرجل تأبى عليه أمانته العلمية إلا أن يكذب ويقوِّل أهل العلم ما لم يقولوا .. صدق المثل من شبَّ على شيء شاب عليه .. يظهر ذلك في النقطتين التاليتين:
1- أما تحريف النص عن لفظه الصحيح كما في الفتاوى 7/202-203:
فشيخ الإسلام لم يقل:" بأن من انتفت عنه هذه الأمور أي الأعمال .." كما نقل عنه علي الحلبي، وإنما قال:" بأن من انتفى عنه هذه الأمور .." من دون قوله " أي الأعمال "!
كذلك لم يقل شيخ الإسلام:" فهو كافر خال من الإيمان أي في قلبه .. " كما نقل عنه علي الحلبي، وإنما قال:" فهو كافر خالٍ من كل إيمان .." ومن دون عبارة " أي في قلبه "!
كذلك لم يقل شيخ الإسلام:" ومن هذه الأعمال إقام الصلاة و ..." كما نقل عنه علي الحلبي، وإنما قال:" ومن هذه الأمور إقام الصلاة و ..."!
كذلك لم يقل شيخ الإسلام:" مما لا تكفرون تاركه .." كما نقل عنه علي الحلبي، وإنما أضاف وقال:" وغير ذلك مما لا تكفرون تاركه .. " والفرق بين العبارتين واضح وبيّن  ... فالرجل في نقله لفقرة واحدة لا تتعدى الخمسة أسطر يكذب هذا القدر من الكذب على أهل العلم .. لينصر هوى وباطلاً في نفسه .. فتأمل!!
2- فإن عرفت ذلك .. فإن مراد شيخ الإسلام أن يقول للجهمية الذين يقولون: من لم يعمل هذه الأعمال لم يكن مؤمناً؛ لأن انتفاءها دليل عندهم على انتفاء العلم بها من قلبه .. فهم يكفرون تارك العمل ليس لمجرد ترك العمل؛ وإنما لأن ترك العمل دليل على انتفاء العلم والتصديق بهذا العمل ..!
وهذا يلزمهم أن يكفروا تارك أي ركن أو واجب من أركان وواجبات الدين المعلومة من الدين بالضرورة، كالصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج، والإجابة إلى حكم الله ورسوله، وغير ذلك من الأعمال .. لأن ترك أي عمل من هذه الأعمال الواجبة ـ كما في تصور واعتقاد الجهمية ـ يعني عندهم انتفاء العلم والإيمان به من القلب .. وبالتالي يلزمهم تكفير صاحبه .. وهم بهذا التصور والاعتقاد الخاطئ يلتقون مع الخوارج ـ الطرف النقيض لهم ـ الذين يكفرون بترك أي عمل من هذه الأعمال الواجبة، لكن الفرق بين الجهمية والخوارج: أن الجهمية يكفرون تارك العمل أي عمل واجب لكونه دليل على انتفاء العلم والتصديق به في القلب .. بينما الخوارج يكفرون تارك العمل الواجب أي عمل واجب .. لمجرد الترك .. فاختلفوا في العلة والتقوا في النتيجة ..!
وشيخ الإسلام يقول ذلك عن الجهمية من قبيل المحاجة .. وبيان فساد اعتقادهم .. وليس لكونهم حقيقة يكفرون بترك أي عمل من أركان وواجبات الدين.
هذا هو المعنى الذي يريده شيخ الإسلام من كلامه أعلاه .. وهو وجه من خمسة أوجه رد فيها على شبهة ومقولة الجهمية .. ذكرها في الصفحتين الواردتين في السؤال.
فإذا عرفت ذلك يا أخي .. عرفت الفارق الكبير بين المعنى الذي يريده الشيخ ناصر من مقولته المنقولة أعلاه في السؤال .. ومن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .. فكلام الشيخ ناصر ومراده في واد .. وكلام شيخ الإسلام ومراده في وادٍ آخر .. والله تعالى أعلم.
google-playkhamsatmostaqltradent