GuidePedia

0
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
أمريكا ليست حريصة على الدخول في معركة حقيقية مع جماعة الدولة .. أو بالأحرى فهي حريصة أن تبقى جماعة الدولة موجودة وقوية ــ مرحلياً وإلى أن ينتهي دورها ــ بالقدر الذي يحقق لأمريكا أغراضها وأهدافها في المنطقة .. والتي تتلخص في جملة من النقاط:

1- استغلال جماعة الدولة "داعش".. في ضرب ومحاربة جماعة القاعدة، والتي منها جبهة النصرة .. وداعش قد لبت لأمريكا مطلبها هذا!
2- استغلال جماعة الدولة "داعش".. في ضرب ومحاربة المجموعات الجهادية والثورية الشامية .. ذات المشروع الإسلامي الراشد، والمعتدل .. والتي تخرج عن السيطرة والإرادة الأمريكيتين .. وتخرج عن التوجيهات الأمريكية .. وداعش قد حققت لأمريكا رغبتها هذه!
3- أن تبقى داعش الورقة الأخيرة .. التي تشغل وتنهك الثورة الشامية بعد النصر، وبعد سقوط النظام الطائفي الأسدي المجرم .. وأن تبقى عقبة كأداء تحيل بين أهل الشام ورغبتهم في قيام دولة راشدة عادلة متحضرة، لها مؤسساتها القوية والمتماسكة .. وهذا مطلب أمريكي إسرائيلي!
4- إخافة دول المنطقة والإقليم .. بالوحش الصاعد .. الإرهابي المدلل .. جماعة داعش .. مما يحمل تلك الدول على مزيد من الرضوخ والتنازلات لأمريكا .. والقبول بابتزازاتها وشروطها ومطالبها .. مقابل أن تتدخل بطيرانها ــ ولو جزئياً ــ لوقف زحف الوحش الإرهابي الصاعد ..!
كانت إيران هي عصا أمريكا التي تخيف وتبتز بها دول المنطقة والإقليم .. فأصبحت هذه العصا هي إيران .. وجماعة الدولة "داعش"!
5- أن تبقى ورقة الإرهاب فاعلة، وحاضرة، لتتمكن أمريكا ــ ومعها حلفاؤها ــ من التدخل في شؤون المسلمين وبلدانهم ــ بل ومن محاربة الإسلام ــ بالطريقة التي تشاء .. وفي الوقت التي تشاء .. بذريعة محاربة وملاحقة وتطويق الإرهاب ..!
فالإرهاب .. هو البسمار الذي يبرر لأمريكا من الدخول إلى كل بيت من بيوت المسلمين .. فأنَّى لها أن تتخلى عن هذا البسمار الغالي .. بسهولة!
6- تشويه صورة الإسلام العظيمة والمشرقة .. في أذهان الشعوب .. وبخاصة الشعوب الأمريكية والغربية .. وتقديمه للناس على أنه هو داعش .. وداعش هو .. وهذا مطلب هام بالنسبة لأمريكا، وقد تحقق لهم شيء من ذلك.
لأجل ذلك .. تأخرت أمريكا .. وترددت كثيراً في توجيه ضربة جزئية ومحدودة لداعش .. ولأجل تلك النقاط الواردة أعلاه .. يقوم النظام الأسدي الطائفي المجرم .. بتسليم مقراته العسكرية ــ في الرقة وغيرها ــ مع ما فيها من أسلحة ثقيلة وذخائر .. إلى جماعة داعش!
جماعة داعش ــ الإرهابي المدلل ــ أدركت هذه المعادلة .. وعلمت ما هو المطلوب منها .. فالتقت مصالحها وأهواؤها مع مصالح وأهواء أمريكا .. وغيرها .. فتمادَت .. واسترخت .. وتوسعت في مدّ رجليها .. حتى بدا لها أن الساحة خالية لها تماماً .. فتجاوزت المطلوب منها .. وتعدت الخطوط الحمراء .. فاعتدت على النصارى ــ وغيرهم من الأقليات ــ وهجرتهم من ديارهم .. مما أثار حفيظة سيدهم الأمريكي رئيس البيت الأبيض .. وقرر بعد تأخر .. وتردد .. بضربة جزئية ومحدودة .. يعيد فيها بعض الاعتبار لتلك الأقليات!
ولهؤلاء الدواعش السفهاء .. وأنصارهم .. وأبواقهم .. "خوارج العصر" الذين بدأوا يصرخون .. ويتباكون .. ويتنادون في منتدياتهم .. أن ها هو الطيران الأمريكي قد بدأ بضربنا .. فهبوا لنصرتنا .. وتطوعوا في صفوفنا ... نقول: لا تقلقوا .. ولا تخافوا .. ولا تضطربوا .. فسيدكم في البيت الأبيض قد وعدكم .. بأنها ضربات تأديبية .. وجزئية .. ومحدودة فقط .. عسى أن يعود الإرهابي المدلل إلى بعض صوابه ورشده .. وأن لا يظن أن الساحة كلها مباحة وخالية له!
ثم لا يكن أطفال ونساء وشيوخ أفغانستان .. والباكستان .. واليمن .. وغزّة الرباط .. وسوريا الجهاد .. الذين لم يسلموا ــ منذ سنوات ــ من شر طيران العدو .. أشجع وأرجل منكم!

عبد المنعم مصطفى حليمة
أبو بصير الطرطوسي
8/8/2014
www.abubaseer.bizland.com




إرسال تعليق

 
Top